يرى كثير من المراقبين أن الصين باتت بسياستها المتوازنة الجديدة تنزع الشر وتوحد العالم، بعدما نجحت في الأيام الماضية في الوصول إلى صيغة اتفاق بين السعودية وإيران لإنهاء التأزم والتوتر من المنطقة.ويشير الكاتب والمحلل جوش روغن، في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، إلى أنه من المألوف هذه الأيام في واشنطن إلقاء اللوم الأساسي على الولايات المتحدة، بسبب تراجع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، إذ يرى البعض أن موقف أمريكا المتشدد هو نتيجة التفكير الجماعي المسيس في واشنطن، بينما تستغل الحكومة الصينية هذا خلال التأكيد أن واشنطن هي السبب الوحيد لما يحدث، حتى إن وسائل الدعاية الصينية ألقت باللوم على ذوبان الجليد الجديد بين كوريا الجنوبية واليابان على الولايات المتحدة، متهمة الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول بـ«العمل كرهن للولايات المتحدة».ويقول، إن الدول المجاورة للصين، خاصة كوريا الجنوبية واليابان، اللتين كانتا منفصلتين منذ عقود، باتتا الآن أكثر حذرا تجاه وضعهما الدفاعي، لأنهما أدركتا الحاجة إلى مواجهة تهديد التوسع الإقليمي.تحركات جديدةيرى روغن أن الواقع هو أن التحركات الجديدة نحو التعاون بين سول وطوكيو ليست نتيجة لما يفكر فيه القادة في واشنطن أو يقولونه. في الواقع، لم تشارك حكومة الولايات المتحدة بشكل كبير في هذا الإنجاز الدبلوماسي، رغم أن الرئيس جو بايدن أشاد به بعد وقوعه.أخذ كل من يون سوك يول، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، مخاطرة سياسية كبيرة خلال فتح فصل جديد في علاقات بلديهما، لكنهما فعلا ذلك لأنهما يعتقدان أن البيئة الاستراتيجية العالمية تتغير بسرعة، وأن توسع الصين يشكل تحديا لا يمكن لأي منهما التعامل معه بمفرده.اتخذ الرئيس الكوري الخطوة الأولى، خلال التعهد باستخدام أموال بلاده لتعويض ضحايا الحرب العالمية الثانية لممارسات العمل الجبري في اليابان، وبالتالي إزالة العقبة الرئيسة التي جمدت التعاون بين طوكيو وسول، وقال الأسبوع الماضي، إن اليابان «تحولت من معتد عسكري في الماضي، إلى شريك يشاركنا القيم العالمية نفسها».تفاقم التوتراترد كيشيدا هذا الأسبوع بالإشادة بأفعال يون سوك يول، وتعهد بتعميق العلاقات مع سول، وهذا ـ كما يرى الكاتب ـ يمهد الطريق أمام اليابان لاستئناف التعاون في كل شيء، من تبادل المعلومات الاستخباراتية إلى سلاسل التوريد. وفي الأسبوع المقبل، يتوقع أن يستضيف كيشيدا يون سوك يول، لحضور قمة مشتركة، وقد يدعوه أيضا إلى اجتماع مجموعة القادة السبع في مايو بهيروشيما، وفي أبريل سيستضيف بايدن يون سوك يول لعشاء رسمي.ويلفت روغن إلى أن صناع السياسة في واشنطن يميلون إلى النظر إلى آسيا خلال عدسة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين فقط، لكن هذه التحركات من طوكيو وسول تظهر أن المشاكل مع بكين لا تنشأ في الولايات المتحدة.مصالح مشتركةيؤكد إريك سايرز، الزميل غير المقيم في معهد أمريكان إنتربرايز: «لقد تطور إجماع واشنطن هذا بشأن الصين بعد سنوات من الدفع الدبلوماسي من حلفائنا في المنطقة، مطالبين منا ببذل مزيد من الجهد لتحقيق التوازن».وحسب روغن، تضاعف اليابان إنفاقها الدفاعي على مدى السنوات الـ5 المقبلة، لأنها ترى ذلك ضروريا لدفاعها، بينما تفطم كوريا الجنوبية نفسها عن الاعتماد على السوق الصينية وسلاسل التوريد، لحماية اقتصادها، ومن المؤكد أن كلا البلدين لهما مصلحة أيضا في إدارة التوترات مع الصين، لكنهما يدركان أن مواجهة تحديها للأمن الإقليمي يجب أن تحظى بالأولوية.ويؤكد الكاتب، أن هناك دعوات من الحلفاء الآسيويين إلى مزيد من المشاركة الأمريكية في المنطقة، لكنهم يريدون أن يتم التواصل معهم، لأنهم أدركوا أن الدول ذات التفكير المماثل تحتاج إلى قضاء مزيد من الوقت في العمل مع بعضها البعض، ووقت أقل في محاولة التوفيق بين القادة في بكين وبيونغ يانغ.دور واشنطنيرى روغن أن واشنطن تحتاج إلى بذل مزيد من الجهود لطمأنة الحلفاء الآسيويين، بأن الولايات المتحدة ملتزمة بالمنطقة، وليس عسكريا فقط، خاصة أنه ينظر إلى استراتيجية الاستثمار الاقتصادي الأمريكية في آسيا على أنها ضعيفة من حيث الجوهر.ويقول النائب الأمريكي رجا كريشنامورثي: «نحن لا نريد حربا مع الصين، لا باردة ولا ساخنة. نريد السلام. نريد سلاما دائما، ولكن لتحقيق ذلك السلام، علينا ردع العدوان».وختم المحلل بالقول، إن «هذا ليس تفكيرا جماعيا خطيرا، بل إنه نهج عقلاني من الحزبين للدفاع عن المصالح الأمريكية، وتعزيز القيم الأمريكية، ويجب على واشنطن الاستجابة لنداء الحلفاء، وتقديم المساعدة والسلام مع التنين الصيني».الأكبر عالميايتوقع أن تكون الصين أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2028، وفقا لمركز رائد للأبحاث الاقتصادية، الذي أكد أنها ستتفوق على الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الـ5 المقبلة.وأفاد مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (سي إي بي آر) - ومقره في بريطانيا - بأن وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية كانت لصالح الصين، مضيفا بأن إدارة بكين الماهرة للأزمة ستجعلها الاقتصاد العالمي الرئيس، الذي سيتوسع العام المقبل.وفي تقرير سنوي، قال المركز «لبعض الوقت، كان الموضوع الرئيس في الاقتصاد العالمي هو الصراع الاقتصادي والقوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين».وكان من المتوقع أن يبلغ متوسط نمو اقتصاد الصين 5.7% سنويا بين عامي 2021 و2025، قبل أن يتباطأ إلى 4.5% سنويا من 2026 إلى 2030.وحسب التوقعات، ستظل اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، من حيث القيمة الدولارية، حتى أوائل العقد الثالث من القرن الحالي، عندما تتفوق عليها الهند، لتدفع ألمانيا للهبوط من المركز الرابع إلى الخامس.الاقتصاد الصيني في أرقام 5.7% نمو في الاقتصاد الصيني 12,800 دولار متوسط دخل الفرد 18 تريليون دولار حجم الناتج المحلي 18.5% من حجم الاقتصاد العالمي 3.1 تريليونات دولار حجم الاحتياطي النقدي 1.9% تباطؤ في الاقتصاد الأمريكي
مشاركة :