تزدحم الأجندة السياسية اللبنانية بسلسلة من الاستحقاقات والمناسبات التي من شأنها أن تضع حدا للضبابية المسيطرة على المشهد غير المكتمل وخاصة على الصعيد الرئاسي. فحتى لو لم تؤد الجلسة الـ35 لانتخاب رئيس للجمهورية غرضها يوم الاثنين المقبل، إلا أنها ستُظهر حجم التخبط الذي تعيشه القوى السياسية وبالتحديد فريق 8 آذار بإصراره على مقاطعة الجلسات رغم انحصار الترشيحات برئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، وهما من صلب هذا الفريق وأحدهما يحظى بالإضافة للدعم «المفترض» من فريقه السياسي، بدعم تيار «المستقبل» ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط. وفيما يعول عون، الذي أعلن حزب الله تمسكه بترشيحه حتى النهاية ورفضه تأمين نصاب أي جلسة لا تنتهي بانتخابه رئيسا، على إقناع الفرقاء المعارضين لتبوئه سدة الرئاسة بوجوب التراجع عن موقفهم، لا يبدو تيار «المستقبل» متحمسا على الإطلاق لإعادة فتح قنوات التواصل «الرئاسي» معه، في وقت يُرجح فيه مراقبون أن يعلن رئيس التيار سعد الحريري في ذكرى اغتيال والده رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في 14 فبراير (شباط) تبني ترشيح فرنجية رسميا. ووصف رئيس «تيار المردة» الأمور بـ«الإيجابية»، لافتا إلى أن «الظروف السياسية هي التي توصل رئيس الجمهورية». وإذ شدّد على أن الرئاسة «محطة» وعلى أنه «لا خلاف مع حلفائنا»، توجه فرنجية إلى «قاعدته الشعبية»، قائلا: «أنتم الأساس، ومن هذه القاعدة انطلق الرئيس سليمان فرنجية (الجد) لرئاسة الجمهورية، ومن هذه القاعدة سأنطلق إذا كانت لدي الحظوظ للفوز برئاسة الجمهورية». واعتبر النائب في تيار «المستقبل» عمار حوري أن فرنجية يبقى «صاحب الحظ الأكبر بانتخابه رئيسا إذا ما اعتمدنا الحسابات على الورقة والقلم، إلا أن المصادرة الإيرانية من خلال حزب الله للاستحقاق الرئاسي تجعل عملية انتخابه مؤجلة». وقال حوري لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله لم يعد يسعى لإخفاء عملية المصادرة، فعندما خرج أمينه العام أخيرا للتمسك بترشيح عون والقول بأنّهم لن يؤمنوا النصاب لجلسة لا تكون مسألة انتخابه أمرا محسوما، أقر بذلك علنا». وإذ شدّد حوري على أن فريقه السياسي لن يرضخ لفرض معادلة «عون أو لا أحد»، أشار إلى أن تجربتهم مع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ووزرائه على مدى سنوات «لم تكن مشجعة»، وأضاف: «رغم ذلك تواصلنا مجددا معه بالموضوع الرئاسي قبل فترة ووصلنا إلى طريق مسدود». ولم تُؤثر المؤشرات السلبية التي تصل إلى الرابية، مقر إقامة عون شرق بيروت، بشأن إمكانية تبني ترشيحه للرئاسة، على الحركة التي يقوم بها بهدف فتح قنوات تواصل مع كل الفرقاء لحثّهم على تغيير مواقفهم المعارضة له. وفي هذا الإطار، أشار النائب في «تكتل التغيير والإصلاح» سليم سلهب إلى جهود تبذل في كل الاتجاهات لتأمين انتخاب عون رئيسا، لافتا إلى مساع لضم حزب «الكتائب» إلى الفريق المؤيد له. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نستثني أحدا من هذه الحركة وخاصة تيار المستقبل». وتحدث سلهب عن «تواصل أولي» قائم مع فريق عمل النائب فرنجية، معتبرا أن اللقاء بينه وبين العماد عون «لم يحن وقته بعد، نظرا لكونه قد يحمل إعلان اتفاق معين، إلا أنه وما دام تذليل العقبات ليس في يد أي منهما حاليا، فيبق اللقاء معلقا». ورجّح سلهب أن يكون مصير الجلسة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري يوم الاثنين لانتخاب رئيس «مماثلا لمصير سابقاتها باعتبار أن الاتصالات لم تصل لخواتيمها»، معتبرا أنّه «لا يمكن الحديث عن حصر الترشيحات بالعماد عون والنائب فرنجية كون النائب هنري حلو لا يزال مثلا مرشحا والمناورات لا تزال مستمرة».
مشاركة :