«جولات استكشافية» جديدة بين مصر وتركيا بشأن عودة العلاقات

  • 3/15/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كشف وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عن عقد «جولات استكشافية» جديدة بشأن العلاقات بين مصر وتركيا، مما عُدّ «تطوراً لافتاً»، و«تخلّياً» عن التحفظ الرسمي المعهود من القاهرة تجاه علاقاتها مع أنقرة. وقال شكري، في تصريحات تلفزيونية مساء (الاثنين)، إن «هناك حلقات لاستكشاف الأسلوب الأمثل للعودة للعلاقات الإيجابية التي تعود بالنفع على الجانبين». وأضاف أن «العلاقة بين مصر وتركيا شهدت قدراً من التعاون والإرادة السياسية، بدأت بلقاء القمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان». تصريحات وزير الخارجية المصري، تلاقت مع تأكيد مصدر عربي لـ«الشرق الأوسط»، بخصوص «عقد اجتماع بين ممثلين عن البلدين في العراق، أخيراً». لكن مصدراً مصرياً تحدث لـ«الشرق الأوسط»، وأكد «استمرار اللقاءات بين ممثلي البلدين على المستويات الأمنية والسياسية والدبلوماسية»، لكنه استبعد عقدها في بغداد. وقال إن «العلاقات بين مصر وتركيا لا تحتاج لوسيط، وجميع اللقاءات تتم في القاهرة أو أنقرة أو إسطنبول». وتسارعت وتيرة العلاقات المصرية - التركية، عقب مصافحة السيسي وإردوغان، على هامش افتتاح كأس العالم في قطر، في العشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقال الرئيس التركي، حينها إنه «تحدث مع السيسي لنحو 30 إلى 45 دقيقة»، أعقبتها تصريحات من مسؤولين أتراك ألمحت إلى «احتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بشكل كامل»، لكن مصر التزمت حينها «التحفظ»، ولم تصدر عنها أي تصريحات رسمية. وشكل زلزالا تركيا وسوريا، دفعة للعلاقات، لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية المصري للمناطق المنكوبة في سوريا وتركيا، وهي الزيارة التي أعقبت اتصالاً هاتفياً بين شكري ونظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، لبحث «الوضع بعد الزلزال»، وسبقه اتصال هاتفي بين السيسي وإردوغان، في إطار التضامن بشأن الزلزال أيضاً. وعدّ المصدر المصري التصريحات الرسمية المصرية بشأن العلاقات مع أنقرة، «تخلياً» عن التحفظ الرسمي المعتاد من جانب القاهرة. وقال إن «التحول الرئيسي في العلاقات الآن يرتكز على إرادة سياسية من البلدين، من المفترض أن تقترن بأفعال على الأرض». وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن «الأتراك ينتظرون من مصر ردود فعل إيجابية، قد يوظفها إردوغان في معركة انتخابات الرئاسة المقبلة». وأشار المصدر إلى أن «تركيا ألقت الكرة في ملعب مصر، والقاهرة بدورها تدرك الوضع الداخلي في تركيا، وتراجع شعبية إردوغان، ورغبة الأخير في استثمار الورقة المصرية في إسكات المعارضة». وقال إن «تركيا تنتظر تصعيداً لمستوى اللقاءات، عبر دعوة إردوغان لزيارة القاهرة، أو حتى للمشاركة في قمة إقليمية تناقش قضايا المنطقة». ولفت المصدر المصري إلى وجود «مناخ جديد يتشكل في الإقليم، مرتبط بتفكيك عناصر الأزمة بين الدول الرئيسة والفاعلة، وهي السعودية، ومصر، وتركيا»، وقال إن «هذا المناخ فرصة جيدة لاستئناف وتطوير العلاقات التي عنوانها الرئيسي المصالح المشتركة». لكن، السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رمى الكرة في الملعب التركي، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاهرة في انتظار تحركات على الأرض من جانب أنقرة تؤكد احترامها لحرية الدول واستقلالها». وسبق أن أجرت مصر وتركيا جولتين من المحادثات «الاستكشافية» عام 2021، برئاسة مساعدي وزيرَي الخارجية في البلدين الأولى احتضنتها القاهرة، والثانية كانت في أنقرة. وقال ممثلو البلدين حينها إن «المباحثات كانت صريحة ومعمقة، وتناولت القضايا الثنائية والقضايا الإقليمية»، معلنين الاتفاق على «مواصلة المشاورات». وعدّ الباحث المتخصص في الشأن التركي كرم سعيد، حديث وزير الخارجية المصري، «مؤشراً إيجابياً يلمح إلى تطور لافت في العلاقات بين البلدين»، والتي لم تقتصر على مصافحة الرئيسين في الدوحة، ولا التعزية في ضحايا الزلزال. وقال إنه «تم رفع الاتصال من المستوى الأمني إلى المستوى السياسي، كما أن هناك حراكاً كبيراً في العلاقات الاقتصادية، تُوّج بزيارة وفد من المستثمرين الأتراك للقاهرة أخيراً، واجتماعهم مع رئيس الوزراء المصري، وإعلانهم تعزيز التعاون الاقتصادي». وأرجع الخبير في الشأن التركي هذا التقارب إلى «حاجة البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، إضافة إلى محاولات أنقرة تصفير مشكلاتها، وإصلاح علاقاتها مع دول الإقليم، لا سيما بعد توترات في العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا». لكنه في الوقت نفسه أشار إلى جملة من التحديات أمام «التطبيع الكامل»، وعلى رأسها «الوجود التركي في ليبيا، الذي ترفضه القاهرة»، على حد قوله. وتوقع الخبير في الشأن التركي أن يسلك ملف العلاقات إحدى طريقين، الأولى «الاستمرار في التحسن التدريجي، وتعزيز التقارب»، والثانية «التحسن الشامل على جميع الأصعدة»، مرجحاً السيناريو الأول على الأقل في المستوى القريب. ونهاية الشهر الماضي، لمّح وزير الخارجية التركي، في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري، خلال زيارة الأخير التضامنية للمناطق المنكوبة من الزلزال، إلى احتمال «عقد قمة ثنائية بين السيسي وإردوغان». وقال المصدر المصري إن «فكرة اللقاء مطروحة قبل زيارة شكري لتركيا وسوريا»، مستبعداً أن «تستقبل القاهرة إردوغان في هذا التوقيت»، وإن أكد «تكثيف اللقاءات على المستويات الدبلوماسية والسياسية والأمنية». ولفت إلى أن «تركيا طلبت عقد قمة ثنائية عقب اتخاذ مصر قراراً بترسيم حدودها البحرية مع ليبيا، وتكرر الطلب قبل نحو 25 يوماً، لكن الحديث هذه المرة كان عن لقاء إقليمي يجمع إلى جانب مصر وتركيا، كلاً من الأردن وإسرائيل». وبينما استبعد المصدر عقد القمة الثنائية، رجّح إمكانية الدعوة لقمة إقليمية، ولكن ليس على المدى القريب». واتفق معه الخبير في الشأن التركي، وقال إن «عقد لقاء قمة بين السيسي وإردوغان، مستبعد على المدى القريب، لا سيما مع انشغال الجانب التركي بالانتخابات». وأضاف أن «مثل هذا اللقاء إن تم فسيكون بعد الانتخابات الرئاسية في تركيا».

مشاركة :