طالبت اليابان منظمة التجارة العالمية بالتدخل في نزاعها مع كوريا الجنوبية، حول حظر سيئول استيراد الأسماك والمنتجات البحرية، التي يتم صيدها في مياه سبع محافظات قريبة من محطة فوكوشيما النووية، التي أعطبها زلزال في آذار (مارس) 2011م. وطلبت طوكيو، رسميا، من مجلس الصحة النباتية والحيوانية، الذي يتعامل مع السلامة الغذائية، مناقشة قرار سيئول، الذي يُقيّد استيراد المنتجات البحرية من منطقة واسعة في شمال اليابان، قائلة إن القرار "يفتقر إلى الأساس العلمي". وهذه هي المرة الأولى التي تحتج فيها اليابان على كوريا الجنوبية أمام منظمة التجارة. ووسّعت كوريا الجنوبية، في الشهر الماضي، من نطاق حظرها المفروض على منتجات الأسماك اليابانية، بعد أن اعترفت إدارة مفاعل فوكوشيما، في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن مياهاً شديدة التلوّث، ربما تكون تسربت في المحيط الهادئ. ويشمل الحظر الكوري، المنتجات السمكية القريبة من فوكوشيما وفي سبع محافظات أخرى، تشكل النصف الشمالي من جزيرة هونشو الرئيسية. وقالت المذكرة اليابانية إن إحدى المحافظتين غير ساحلية، وتعتمد صادراتها السمكية على تربيتها في الأحواض الصناعية. وقال لـ "الاقتصادية" مسؤول في البعثة التجارية اليابانية "سنشرح للمجلس في كانون الثاني (يناير) المقبل، أن المنتجات البحرية اليابانية تخضع لضوابط السلامة الصارمة استنادا إلى المعايير الدولية، وأن حظر كوريا الجنوبية يفتقر إلى أساس علمي". وأضاف، أن العلماء أكدوا، أنه بخلاف منطقة صغيرة جدا قريبة من المصنع؛ لم يحصل ارتفاع كبير في مستوى إشعاع المياه في المحيط الهادئ. وقال "قررنا تسجيل القضية، كجزء من جدول أعمال المواضيع التي ستناقش في المجلس، بعد أن طلبنا من كوريا الجنوبية رفع الحظر". وكوريا الجنوبية، البلد الوحيد التي وسّعت نطاق الحظر الذي تفرضه على منتجات مصائد الأسماك اليابانية، بعد تسرب المياه السامة. وعن افتقار الإجراء الكوري للأساس العلمي، قال عضو في البعثة التجارية لكوريا الجنوبية لـ "الاقتصادية" إن هناك أحكاما خاصة في قواعد منظمة التجارة، تمنح الدول الأعضاء، الحق في فرض قيود على الاستيراد في حالات الطوارئ، دون الاستناد إلى أسس علمية. ورغم قوة الرأي الذي يتمتع به المجلس، إلا أنه لا يملك سلطة "فَرْض أوامر ملزمة"، كأن يطلب من كوريا الجنوبية إلغاء حظرها، فهذا من اختصاص الذراع القضائية للمنظمة، ممثلا بهيئة تسوية المنازعات حصرا. وعن سبب اللجوء إلى المجلس وليس هيئة تسوية المنازعات، قال لـ "الاقتصادية" عضو البعثة التجارية اليابانية، ميوكي ساكاشيتا "من الأفضل لنا، أن نرى سيئول تلغي الحظر طوعا، من أن نرفع شكوى أمام المنظمة، يمكن أن يستغرق سنوات قبل التوصل إلى تسوية"، مضيفا "نحن نفضل المناقشات الثنائية". وطبقا لمصادر المنظمة، فإن الحكومة اليابانية تخشى أن تنتشر سمعة سيئة في العالم، عن سلامة الأغذية اليابانية، بما فيها المنتجات الزراعية؛ إذا ما واصلت كوريا الجنوبية فَرْض حظرها الواسع النطاق على المنتجات الغذائية اليابانية، وهذا ما يفسر لجوءها إلى الخيار الهادئ في حل الأزمة مع كوريا الجنوبية. ولم يحصل في تاريخ المنظمة، أن رفعت دولة شكوى قضائية ضد أخرى تتعلق بالسلامة الصحية للسكان. وسبق أن اتخذت اليابان الخطوة نفسها ضد الصين أمام مجلس الصحة النباتية والحيوانية، في حزيران (يونيو) الماضي، كما فرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إجراءات تقيد وارداتها من الأسماك اليابانية، لكنهما لم يذهبا إلى حد فرض حظر واسع النطاق مثلما فعلت كوريا الجنوبية.
مشاركة :