الكاتبة | هبه صالح رزق طبيعتنا في رحلة الحياة إما أننا نبلغ القمم وإما أننا ننوجع بالقيعان فنحن في بحر الأقدار التي تقدّر علينا والتي لا سيطرة لنا عليها إلا بالرضى وتسليم الأمر لله وحده عظيم الشأن والتدبير. إن مسؤوليتنا تكمن في كيف سيكون انفعالنا تجاه ما يصيبنا من امتحان يكشف درجة صبرنا من خلال سلوكنا فأحياناً بجهل منّا وسوء تدبير نبالغ في الانفعال فتكون ردّة فعلنا لا تليق بالأخلاق المحمدية الذي هو قدوتنا عليه أفضل الصلاة والتسليم في الصبر على المصاب والحلم عند التعرض للأذية خاصة أننا ننتقل لمحطة التعامل مع الآخرين الذين هم جزء من المصاب في واقعنا. إن ما يطرأ على الإنسان من حالات القبض والبسط وما يصيب نفسيته من ألم وحزن فيؤثر على كل شئ حوله حتى في تعامله مع الأحداث فتجده تارة الناضج الحكيم بينما في مواقف آخرى هو في تخبط وتوهان وحالة من الضعف النفسي والهوان ولا باليد حيلة فقد شلّت أفكاره وانفلت لسانه إنه دخل في صراع والعياذ بالله وشعور لا تصفه الكلمات ويعجز التعبير عنه فالإنسان ضعيف وقت المصاب الجلل وقد يدخل في حالة من الهستيرية من شدة البأس الذي أصابه. الطبيعي أنه يحتاج لفترة نقاهة ليهدأ ويعيد ترتيب ما أحدثه فيه المصاب من فوضى بعثرت كل مافيه لذلك تجده لن يُحسن التواصل مع الآخرين فتخيل وهو في ذلك المزاج الصعب يُبتلىٰ بمن يتصيده بتلك الحالة إن بعض البشر يريد اللحظة التي تمكنه منك حتى يقول عنك مافي نفسه في هذا الوقت بالتحديد وقت مزاجك العكر وحالتك المتعبة الميئوس منها فيصدر عليك الأحكام ويمطرك بالنصائح والإرشادات وكأنه المنزه من العيوب والأخطاء وكأن حال المسلم في الدنيا حال المعصوم من أي ذنب وخطأ أنت في كل حالات الصفاء والسلام يشهد الله وكل من عرفك بأن سلوكياتك تنبع من خير فيك ليأتي أحدهم فيستغل ما رأه منك أو ما سمعه عنك ليزيدك هماً وبدلاً من أن يكون سبب لتزيح عنك تلك الغمة يكون عبئ عليك وزيادة غمة. إن هذه الفئة من البشر لا تتقن فن الطبطبة ولا تفقه سياسية جبر الخواطر إنها ابتلاء على أصحاب المصائب هم يفتقرون لبعد النظر ولا يقيسون الأمور بأبعادها لا يسمحون لك بفترة نقاهة تحاسب نفسك فيها بل يتسلطون عليك وهم متقمصون دور الناصح الأمين لك الذي يعرف مصلحتك لكنهم لم يدركوا أنهم بتلك التصرفات الغير واعية سوف ينفرون الناس منهم لأن من يحاسبك على علمك وشهاداتك وسلوكياتك التي تصدر منك بغير عمد خاصة وقت الأزمات العنيفة على قلبك هذا هو الذي يمكر بك ويعزف على جروحك فيزيدها ألما فكلامه الذي كالشرارة سيؤثر في أعماقك وليته يدرك أن اجتهاده غير حكيم وغير مدروس وفي وقت أنت غير صالح لأن تكون تلميذ يسمع لأي ناصح. فارحموا الناس من تصيّدكم لهم وقت الضر وشعور الحزن هم يطمعون في رحمة الله ثم هم في أمس الحاجة لأرواح نقية تقية تلتمس الأعذار وتسعى في الأرض باغية الأجر من الله ثم غايتها سعادة الغير وجبر خواطر البشرية.
مشاركة :