طلبت وزارة العدل اللبنانية، أمس، من القضاء، توقيف حاكم المصرف المركزي رياض سلامة وشقيقه ومساعِدته وحجز أملاكهم وتجميد حساباتهم المصرفية. جاء ذلك بموجب ادّعاء شخصي تقدّمت به الدولة اللبنانية، ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام. وأوردت الوكالة، أن «الدولة تقدّمت بادّعاء شخصي في حق كل من رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان مجيد الحويك، بجرائم الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي». وطلبت الوزارة «توقيفهم وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرّف بها، حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية». كما طلبت «إصدار القرار الظني في حقهم تمهيداً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في بيروت لإنزال أشد العقوبات في حقهم»، وفق الوكالة الوطنية. وفي وقت سابق أمس، لم يحضر سلامة جلسة الاستجواب التي كانت محددة له بحضور محققين أوروبيين في قصر العدل في العاصمة بيروت، وفق الوكالة. وأضافت الوكالة أن «القضاة الأوروبيين حضروا إلى قاعة قصر العدل في بيروت، والتي خُصّصت لاستجواب سلامة، تنفيذاً للاستنابة القضائية الأوروبية». وحضر قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، وفق المصدر نفسه. وبالتزامن مع تغيّب سلامة عن جلسته، ذكرت قناة «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، أن الوكيل القانوني لسلامة تقدّم بمطالعة قانونية إلى أبو سمرا، اعتبر فيها أن استدعاء سلامة إلى جلسة تحقيق أوروبية هي «انتهاك للسيادة اللبنانية». واستند وكيل سلامة في موقفه إلى المعاهدة الدولية لمكافحة الفساد التي تجيز للدولة أن ترجئ المساعدة القانونية المتبادلة بسبب تعارضها مع تحقيقات أو ملاحقات أو إجراءات قضائية جارية. وبعد رفع الجلسة، حدد القاضي أبو سمرا موعداً جديداً لاستجواب سلامة في اليوم التالي، وفق إعلام محلي. وفي 23 فبراير الماضي، اتهم القضاء اللبناني سلامة بارتكاب جرائم بينها اختلاس أموال عامة وغسل أموال. وفي 2021 وجّه الادّعاء العامّ السويسري رسالة إلى لبنان حول الاشتباه في استيلاء رياض ورجا سلامة على أكثر من 300 مليون دولار من المصرف المركزي اللبناني بشكل غير قانوني بين عامي 2002 و2015، حيث «قاما بغسل الأموال في سويسرا». كما حقق القضاء في لوكسمبورغ في قضية جنائية تتعلق بثروة حاكم المصرف المركزي، في حين أجرى القضاء الفرنسي في يونيو 2021 تحقيقاً بشأن حساباته، على خلفية اتهامه بـ«غسل أموال»، دون الإعلان عن نتائج تلك التحقيقات، علماً بأنه عادة ما ينفي صحة الاتهامات. ويعيش اللبنانيون تحت وطأة مستويات غير مسبوقة لارتفاع الأسعار في ظل التدهور المستمر لليرة اللبنانية التي تجاوزت حاجز الـ 100ألف مقابل الدولار بفعل تداعيات الأزمة السياسية والاقتصادية التي لعبت ميليشيات «حزب الله» الإرهابية دوراً بارزاً في بروزها. واعتبر عضو مجلس النواب اللبناني غسان يزبك أن الأزمة السياسية في لبنان تسببت بتضخم الاقتصاد والارتفاع الكبير في الأسعار. وأضاف يزبك، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن لبنان يعاني حكومة تصريف أعمال «مفككة»، لا تملك مشروعاً اقتصادياً أو مالياً، بجانب شغور منصب رئيس البلاد ما سبب ارتفاعاً جنونياً بالأسعار وسعر صرف الدولار أمام الليرة. وأشار النائب اللبناني إلى ضرورة استعادة الدولة لهرمها الإداري ووجود رئيس للبلاد وحكومة حقيقية لديها مشروع اقتصادي يمكّنها من معالجة الأزمات وعودة القوة للعملة المحلية ومواجهة الأزمة الاقتصادية التي تتزايد آثارها مع الوقت بسبب حالة الانسداد السياسي. بدوره، قال المحلل السياسي اللبناني شارل جبور، إن لبنان في حالة انهيار اقتصادي منذ 3 سنوات، وبالتالي من الطبيعي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وأن تنزلق البلاد أكثر إلى هذا الواقع المأساوي، معتبراً أن المخرج يكمن في انتخاب رئيس للبلاد ووجود شخصية إصلاحية بعيداً عن الجهات التي أوصلت لبنان إلى الانهيار الحالي. وأضاف جبور، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن وجود رئيس إصلاحي للبلاد سيساهم في تكليف رئيس حكومة إصلاحية تتمكن من وضع سياسة خارجية تعيد علاقات لبنان مع الخارج، وتحديداً مع الدول العربية وتضع سياسات داخلية قادرة على الإصلاح، وإغلاق المعابر غير الشرعية وضبط المعابر الشرعية، وإصلاح، القطاعات المنكوبة والتواصل مع المجتمع الدولي وصندوق النقد من أجل وقف الانهيار، ووضع لبنان على الطريق الصحيح.
مشاركة :