يُعتبر شعر المرأة رمز أنوثتها وعنوان جمالها؛ وهو الخيار الأول عندما تبدأ في البحث عن طرق يُمكن أن تُساعدها في التجديد من شكلها. وفي العصور القديمة، كانت المرأة تقضي ساعات طويلة وهي تضع الصبغات البدائية والمُركبات العُشبية لتحظى بشعر جميل آخاذ. وعلى الرغم من أن تاريخ تلوين الشعر عبر العصور قد اتسم بالغرابة والطرافة؛ إلا أنه يُساعدنا في فهّم الأسباب التي تقودنا إلى اختيار لون معين، ويُبيّن الدوافع الاجتماعية والثقافية التي تكمّن خلف انتقاء هذا اللون. تاريخ تلوين الشعر عبر العصور قد اتسم بالغرابة والطرافةمع التغيُر المُستمر لمُركبات تلوين الشعر، تتغير مواقف الناس وانطباعاتهم عن تلوين الشعر. وكانت الحنة المصرية وخليط النباتات والحشرات أول ملونات للشعر في التاريخ. وبقيت المكونات النباتية على الرغم من محدوديتها المصدر الأساسي لجميع ملونات الشعر حتى القرن التاسع عشر. لذا دعينا نتعرف معًا عبر موقع " هي" عن لمحة تاريخية حول مراحل تطور صبّغ الشعر قديمًا، ومن صاحب الفضل في اختراعها؛ لتكون مصدر تألقك وإطلالتك الجذابة عبر مختلف العصور. الشعر المستعار لتغيير لون الشعر أحب المصريون القدماء تغيير لون شعورهم، لكنهم فعلوا ذلك والشعر بعيد عن رؤوسهم، حيث استعانوا بالشعر المستعار، ومن المحتمل أن يكون اختيارًا حكيمًا، لأن معظم الأصباغ كانت سامة بطريقة أو أخرى، بينما تختفي تلك الطبيعية بسرعة كبيرة من على الشعر. استعان المصريون القدماء بالشعر المستعار المصبوغصبّغ الشعر في مصر القديمة بدأ حوالي عام 1500 قبل الميلاد، حيث قامت السيدات في مصر القديمة بتلوين شعرهن باللون الأحمر والأزرق والأخضر؛ حتى استطعن أن يبتكرن لون أصفر جميل باستخدام مسحوق الذهب؛ وتم استخدام الحناء لإخفاء تلك الشعرات الرمادية المُزعجة التي لا تزال لا تحبها معظم النساء حتى يومنا هذا. استخدم المصريون القدماء مسحوق الذهب لصبغ الشعرصبّغ الشعر في اليونان القديمة كان الإغريق القدماء يميلون إلى حد كبير إلى لون الشعر الداكن، واستخدموا صبغة دائمة تم إنشاؤها خصيصًا لتحقيق التأثير المطلوب، وفي الوقت لاحق توصلوا إلى خليط أقل سُمية من خلال استخدام العلّق " الدم الجامد " لإنشاء الصبغة؛ حيث توضع العلقات في وعاء رصاص حتى يخضعوا لعملية التخمير، ويتحولوا إلى صبغة؛ ثم بدأت السيدات في وقت لاحق يشعرن بالشوق للحصول على شعر أفتح، وأخرجن مزيجًا من رقائق الذهب، وحبوب اللقاح، وزيت الزيتون، وعصير الليمون لتقتيح شعرهن، حيث يعمل عصير الليمون كمُفتح طبيعي. سيدات اليونان في العصر القديم استخدمن عصير الليمون لتفتيح الشعرصبّغ الشعر في الإمبراطورية الرومانية حصل الشعر الأشقر على سمعة سيئة خلال الإمبراطورية الرومانية، لذا كانت تلجأ معظمهن للشعر المستعار الأصفر فقط؛ لكن البعض الآخر صنّع صبغة خاصة مصنوعة من رماد المكسرات والنباتات المحروقة لصبغ شعرهن. الشعر الاشقر استهوى النساء الرومانيات في العصر القديمصبّغ الشعر في القرن السادس عشر ماذا عن الشعر الأحمر؟ اتضح أنه لم يكن موجودًا حتى العصور المُظلمة، ويعتقد أن لون الشعر الأحمر هو نتيجة طفرة جينية حدثت في اسكتلندا، فكان لديهم الكثير من حمر الشعر؛ لأن لون الشعر هذا كان نادرًا جدًا وغير مُعتاد. تم ربط أصحاب الشعر الأحمر بالساحرات لعقود حتى جلست الملكة إليزابيث الأولى على العرش بشعرها الأحمر، فكان على الجميع قبول أن لون الشعر الأحمر لم يكن مرتبطًا بالشيطان. صبّغ الشعر باللون الاحمر كان يستهوي النساء في القرن السادس عشرصبّغ الشعر في القرن السابع عشر ذهبت صبغة الشعر خلال عصر النهضة إلى مستوى أعلى قليلًا، وأصبح يُستخدم فيها مواد أكثر كيميائية وأقل طبيعية؛ وقد نُصح وقتها بتجنب هذه الصبغة التي تلامس الجلد؛ واليوم يُمكننا أن نفهم بسهولة لماذا تم ذلك؟ لأن هذه " الصبغة " كانت في الواقع "حمض الكبريتيك"! صبّغ الشعر في القرن التاسع عشر أحدث الكيميائي ويليام هنري بيركين، من انجلترا ثورة في عملية صبغ الشعر بالإضافة إلى صناعة التلوين بأكملها، واخترع عن طريق الخطأ اللون الذي نعرفه اليوم باسم " Mauveine "، المعرفة أيضًا باسم الأنيلين البنفسجي، وذلك أثناء محاولته توليف علاج للملاريا. وعلى الرغم من أن ذلك لم يكن هو المُخطط له، إلا أن اكتشافه غيّر صناعة تلوين النسيج، وسمّح للسيدات بامتلاك ألوان دائمة دون تدمير شعرهن، ولا يزال Mauveine جزءًا من الأصباغ الحديثة، ولكن اليوم يُعرف باسم Par-Phenylenediamine. وفي رواية أخرى، أثناء القرن التاسع عشر، بدأ الرجال باستخدام نترات الفضة لتغميق الشوارب. وفي عام 1825، تم تطوير أول صبغة حقيقية للشعر. وكان الماء الإغريقي المُعد من خليط الماء المُقطر ونترات الفضة والماء الصمغي شائع الاستخدام حتى تم اكتشاف أن استخدامه المُتكرر يحول الشعر إلى اللون البنفسجي. صبّغ الشعر في القرن التاسع عشروبما أن التاريخ يُعيد نفسه، فإن الشعر اليوم يصطبغ بلون أخضر خفيف عندما تتأكسد مُنتجات "تغطية الشعر الأبيض" التي تحتوي على أملاح معدنية على الشعر. وفي 1859، قام طالب ألماني بتخفيف قطران الفحم بواسطة الكحول لينتج عن صباغ بنفسجي. قاد هذا الإنجاز إلى تصنيع أول صبغة اصطناعية لتلوين الأقمشة والشعر. واستمرت الأصبغة حتى القرن العشرين تُصنع من مركبات مُشتقة من منتجات بترولية. وسرعان ما ظهرت صبغات تلوين الشعر العصرية المُستخدمة اليوم؛ والتي تمنح الشعر مظهرًا طبيعيًا رائعًا غيّر كُليًا من نظرة الناس إلى ملونات الشعر وإلى النسوة اللواتي يُستخدمنها. صبّغ الشعر بين 1900 – 1950 توصل يوجين شويلر، الكيميائي الفرنسي، لصبغة تُدعى Aureole. وقد تحولت لاحقًا إلى علامة تجارية عالمة معروفة حتى يومن هذا؛ وكان أول صبغة تلوين على الإطلاق. وفي عام 1931، أصدر هوارد هيوز فيلم Platinum Bionde، ما خلق ضجة كبيرة حول لون الشعر الاشقر البلاتيني. وبمجرد ظهور السيدة الرائدة جان هارلو في خمسينيات القرن الماضي بالشعر الأشقر، وأصبح يُمكن أن تبدأ النساء أخيرًا في تفتيح الشعر في المنزل من خلال اختراع صبغة شعر بخطوة واحدة، لا تتطلب إجراءًا يستغرق وقتًا طويلًا في صالون التجميل، وتم تطوير Miss Clairol Hair Color Bath من قبل علامة تجارية مشهورة أخرى تُسمى Clairol، وقدمت إمكانية تفتيح الشعر بدون تبييض. صبّغ الشعر بين 1900 – 1950طريقة التلوين المُفضلة في عشرينات القرن الماضي عادت الحنة بقوة في عشرينيات القرن الماضي لتكون طريقة التلوين المفضلة. وشهدت فترة الثلاثينيات تراجعًا في تلوين الشعر. وبقيت الصبغات في تلك الفترة تلون الشعر بألوان داكنة. بينما كان تفتيح لون الشعر يتطلب تشقيرًا قويًا ومؤذيًا للشعر. بعد ذلك، وفي عام 1950، حدث أول إنجاز حقيقي مع ظهور أول مستحضر يقوم بتفتيح لون الشعر دون اللجوء إلى التشقير. وأطلقت ويلاّ Koleston 2000 أول كريم تلوين في العالم. ومع هذا الاكتشاف المُذهل، دخل تلوين الشعر حقبة جديدة كلياً. وفي الخمسينيات، شاع استخدام بخاخات اللون بشكل كبير. وشهدت الستينيات إطلاق الشامبوهات الملونة للشعر. وعادت الحنة من جديد لتكون طريقة التلوين المفضلة. ومع بداية الثمانينيات، أصبح بإمكان المرأة الاختيار بين تلوين مؤقت أو دائم أو شبه دائم للشعر. صبّغ الشعر بين 1960 – 1970 بينما كانت النساء في الخمسينيات ما زلن خجولات حيال تلوين شعرهن، لكن الأمور باتت أقل صرامة في العقود القادمة، وحتى عام 1968 كان على الأمريكيين وصف لون شعرهم في جواز السفر، ثم تحولت إلى معلومة عديمة الفائدة، حيث كان الجميع يصبغون شعرهم. وفي السبعينيات القرن الماضي، خرجت إحدى العلامات الشهيرة لصبغات الشعر بشعارها الأسطوري " لأنك تستحق ذلك"، وبدأ عهدًا جديدًا من تلوين الشعر؛ والأن أصبح صبغ الشعر حرية تملكها المرأة، كذلك كان هذا الوقت هو الذي طبق فيه مصففو الشعر طريقة عمل الخصلات الملونة باستخدام غطاء الرأس. صبّغ الشعر فترة الثمانينات ظهرت تقنية تفتيح الشعر Balayage في الثمانينيات؛ وهو أسلوب تفتيح يخلق مظهرًا جميلًا إذا تم بشكل صحيح. وفي نفس الوقت تم إدخال طريقة تفتيح الشعر من قبل بعض مُصففي الشعر، وجعلت عملية الصبغ بأكملها أسرع وأسهل. ظهرت تقنية تفتيح الشعر Balayage في الثمانينياتصبّغ الشعر فترة التسعينات أصبحت تسريحات الشعر أكثر تطورًا في ذلك الوقت، وكان من الروائع عمل خُصلات شعر بألوان شديدة التباين مثل التي رأيناها على بريتني سبيرز في فترة شبابها، وظهرت موضة الشعر الأشقر من الجذور مع خيوط داكنة من الأسفل؛ وكان الجميع مجنونًا بهذم الموضة عندما ظهرت بها كريستينا أجيليرا. صبّغ الشعر عام 2013 في حوالي عام 2013، شهدنا شعبية كبيرة لتقنية تلوين الشعر Ombre؛ تلك التي تعتمدت على صبّغ الشعر بطريقة تُساهم في ظهور اللون بشكل مُتدرج عليه، وقامت الكثيرات من نجمات العالم الشهيرات بتجربة هذا الاتجاه، ومن أبرزهن درو باريمور، وبيونسيه من النجمات اللواتي بذلن قصاري جهدهن للظهر بإطلالة الـ أومبير. بيونسيهصبّغ الشعر عام 2020 ومن عام 2020 إلى وقتنا هذا، باتت جميع التقنيات المعنية بتلوين الشعر تبتكر تصفيفات شعر مختلفة، وأصبح بإمكان السيدات تلوين شعرهن بحرية وبألوان حادة، ولا يزال Ombre يحظى بشعبية كبيرة حتى الآن؛ ولكن يتم إجراؤه في الغالب بألوان أكثر إشراقًا مثل الأزرق والوردي والأرجواني. هُناك أسلوب E- Girl لصبّغ الشعر، والذي يتضمن خيوط شعر مُتباينة تُحيط بالوجه، في حين أن جميع الشعرات الأخرى لا تزال مُحايدة. كذلك هٌناك موضة الشعر الرمادي الذي جعل النساء في جيع أنحاء العالم يتألقون بلون الفضة الطبيعي. صبّغ الشعر عام 2020 بخصلات الاومبريهصبّغ الشعر في وقتنا الحالي بات تغيير لون الشعر هذه الأيام أمراً في منتهى السهولة. بل إنه في كثير من الأحيان أكثر سهولة من وضع المكياج. فالمُنتجات اليوم باتت لطيفة على الشعر وسهلة الاستخدام؛ حيث توفر الإرشادات المُبسطة شرحًا سهلًا يضمن تحقيق أفضل نتائج لتلوين الشعر. لكن الخيارات المُتنوعة وسهولة الاستخدام ماهي إلا بعض من مُميزات تلوين الشعر في المنزل. ومع جميع هذه المزايا، تتوافر اليوم جميع طرق تلوين الشعر سواءً تلك التي تمنحك تلوينًا مؤقتًا يزول مع غسل الشعر، أو تلك شبه الدائمة التي يتلاشى فيها اللون تدريجيًا في 4 إلى 6 أسابيع، أو الألوان الدائمة التي تدوم لفترة تتراوح من 6 إلى 8 أسابيع. صبّغ الشعر في وقتنا الحالياليوم، تجري المُختبرات في العالم أبحاثًا ودراسات عن إمكانية تلوين الشعر باستخدام الليزر. ورغم قدرة أشعة الليزرعلى تفتيح لون الشعر في جزء من الثانية، إلا أن هذه العملية ما زالت تستلزم سيطرة وتحكمًا دقيقاً. فقد تتسّبب أشعة الليزر في تحول لون الشعر من الأسود إلى الأبيض أو فُقدانه في غمضة عين! أمام كل هذه الخيارات الحديثة؛ فإن السؤال الذي يواجه كل سيدة هو "ما هو الأفضل لي؟ " لكن قبل الإجابة عن هذا السؤال؛ ضعي في اعتبارك أنك قد تنساقّين وراء اختيار لون شعر لطالما رغبتِ به، إلا أن عليكِ التروي واختيار لون يتناسب مع لون عينيك ويتناغم مع بشرتك وبشكل عام، فإن ذوات البشرة البيضاء تُناسبهن الألوان الدافئة والباردة؛ أما صاحبات البشرة الذهبية الدافئة، فتمنحهن ألوان الشعر الدافئة مظهرًا طبيعيًا جميلًا مثل الأشقر الذهبي، والأسود اللامع والأحمر. علمًا أنه يُمكن لأي تلوين أن يكون باردًا أو دافئًا حسب اللون الأساسي للشعر. وأخيرًا؛ ورغم التطور الهائل والمُستمر في مجال تلوين الشعر، فالحقيقة التي لن تتغير هي أن شعر المرأة الطبيعي سيبقى دائمًا عنوان شخصيتها ورمز أنوثتها.
مشاركة :