يبدو أن تسريح العمالة وشطب الوظائف في القطاع النفطي سيكونان آلية متبعة و"صعبة" في كثير من الشركات الكبرى حول العالم، فقد لجأ كثير من الشركات الأمريكية والأوروبية وبينها "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"بي بي" و"شل" على استخدام هذا المشرط الجراجي المؤلم للبقاء في السوق والإبقاء على توزيعات الأرباح للمساهمين. وفي هذا الصدد أشار تقرير أعده ركس تيلرسون الرئيس والعضو المنتدب في "إكسون موبيل" إلى أن الجميع يدرك أن صناعة النفط تواجه واحدة من أزماتها الدورية المؤثرة بشكل كبير على الصناعة والاستثمارات وهو ما يمثل ضغوطا هائلة على الشركات النفطية بشكل خاص ما يتطلب العمل بشكل دؤوب ومستمر من أجل الوصول إلى كفاءات جديدة وتحقيق وفورات كبيرة في التكاليف. وأضاف تيلرسون أنه يجب على الشركات العمل على اتخاذ قرارات حكيمة لإبقاء العاملين في القطاع وتطوير القدرات حتى يمكن المضي قدما في تطوير الصناعة خاصة في ظل توقعات بتغير ظروف الأسواق في الأمد المتوسط. وأكد التقرير أن أزمة أسعار النفط في الثمانينيات من القرن الماضي أن عملية تسريح العمالة وشطب الوظائف الواسعة التي حدثت في تلك الفترة جعلت من الصعب للغاية استقطاب المواهب مرة أخرى في السنوات التي تلت الأزمة وبعد زوال تداعياتها لأن شبابا كثيرين عايشوا تلك الأزمة وتأثروا بنتائجها السلبية ولذلك قرروا بشكل نهائي اختيار مسارات وظيفية أخرى والبعد نهائيا عن العمل في قطاع الطاقة المتقلب والذين افتقدوا فيه الأمان الوظيفي مقارنة بمجالات أخرى أكثر استقرارا. وحددت شركة "إكسون موبيل" الأمريكية للطاقة أربعة تحديات تواجه السوق النفطية وهي، التحديات التقنية، وإدارة المخاطر المالية، وتحسين مستوى العمليات اليومية وتطوير سياسات الإنتاج طويلة الأجل، وزيادة التعاون على مستوى الشركات والدول والقارات. وقال التقرير إن هناك حاجة إلى مناقشة حكيمة وشاملة لبناء سياسات طاقة سليمة في المستقبل تتفاعل بشكل جيد مع متغيرات السوق وتركز على توفير المناخ الملائم الذي يؤدي إلى مزيد من الاستثمارات وتأمين فرص جيدة للنمو الاقتصادي مع التأكد من الوصول إلى أعلى معدلات تأمين إمدادات الطاقة على مستوى مختلف دول العالم. وأضاف التقرير أن الدورات الاقتصادية التي يمر بها سوق الطاقة والخبرات التي تراكمت لدى المتعاملين في السوق عبر عقود طويلة علمتنا حقيقة وحيدة ومختصرة للتعامل مع السوق وهي خلاصة التجارب السابقة وتتخلص في "توقع ما ليس متوقعا" وهي أصدق تعبير عن سرعة المتغيرات المتلاحقة والمفاجئة في سوق الطاقة. وأوضح التقرير أن أي صناعة في العالم يصعب مقارنتها مع صناعة الطاقة من حيث الحجم أو النطاق، مشيرا إلى عدم وجود أي صناعة تعمل على آفاق زمنية طويلة وبعيدة المدى مثل صناعة الطاقة كما لا توجد صناعة تواجه تركيبة المخاطر نفسها، التي تشمل المجالات الجيولوجية والتقنية والتشغيلية سواء على المستوى الجغرافي أو السياسي. وأشار التقرير إلى أن التحديات الصعبة والخاصة بالطاقة تشمل المخاطر المتعلقة بالأسعار وتطورها بشكل معقد، حيث تؤثر في فرص تقدم أي صناعة في جميع أنحاء العالم وبالطبع يكون تأثيرها أكبر وأوسع في القطاع. وبحسب التقرير فإن سوق الطاقة تواجه اليوم عديدا من العوامل والقوى الجديدة المؤثرة على السوق وهذه القوى دخلت إلى السوق بشكل مفاجئ وغير متوقع منذ سنوات قليلة فقط، مشيرا إلى أن الأسواق العالمية مطالبة الآن بسرعة التكيف مع هذه المتغيرات وفي مقدمتها الإمدادات الجديدة والواسعة من النفط والغاز الضيقين والمتدفقين إلى الأسواق نتيجة التكنولوجيات الجديدة في أمريكا الشمالية. ونبه تقرير "إكسون موبيل" إلى التحديات والعوائق التي تحد من نمو الطلب على الطاقة مشيرا إلى أن السبب الرئيسي وراء ذلك يرجع إلى حدوث حالة واسعة من التباطؤ الاقتصادي في الصين وهي ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، خاصة النفط الخام ويجيء ذلك بالتزامن مع تباطؤ مماثل في النمو في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأماكن أخرى. وأضاف التقرير أن نمو الطلب تأثر بشكل أو بآخر من تزايد الاهتمام الدولي المشترك للعمل على تخفيف مخاطر تغير المناخ ما أدى إلى تأثير وتعديل واسع في سياسات الطاقة وجهود تنمية الصناعة في جميع أنحاء العالم. وأشار رئيس "إكسون موبيل" إلى أن التحديات الواسعة التي تواجه صناعة الطاقة، خاصة قضية تغير المناخ جعلت الشركات الدولية أكثر مقاومة لظروف السوق وأكثر رغبة في مواجهة التحديات والعمل على مواصلة ازدهار الصناعة مهما بلغت الأعباء المحيطة بها. ونوه التقرير إلى أن أبرز آليات مواجهة صعوبات السوق في الفترة الراهنة تتمثل في استمرار عملية الابتكار في جوانب الصناعة المختلفة وزيادة برامج التعاون والشراكة مع الشركات الأخرى بشكل يومي من أجل الوصول إلى إنتاج الطاقة بطرق آمنة على نحو متزايد مع مراعاة الجوانب البيئية ومحاذير الاحتباس الحراري. ويرى التقرير أنه من الواضح للجميع الآن أن الأعمال التجارية القائمة على السلع الأساسية ومنها الطاقة والنفط بشكل خاص تتطلب اتخاذ نهج منضبط في الاستثمار وتنفيذ المشروعات وإدارة التكاليف وهو ما جعل "إكسون موبيل" مستعدة على أفضل ما يمكن للتعامل مع فترات التراجع الحاد في الأسعار باعتبارها دورات اقتصادية لا مفر منها. وشدد التقرير على ضرورة إدراك أن التكنولوجيا عمرها قصير ومن الأهمية سرعة مواكبة التغيرات المتلاحقة السريعة في هذا المجال وتطويعها لأغراض التنمية والنهوض بصناعة النفط والتواؤم مع فترات الصعوبات والانخفاضات الحادة وتكثيف جهود الابتكار والتركيز على أن التكنولوجيا عنصر أساسي وفاعل في الوصول إلى صناعة جيدة ومتطورة وأكثر قدرة على النجاح والاستمرارية في ظل أي ظروف أو متغيرات قد تطرأ على الأسواق. وألمح التقرير إلى أن "إكسون موبيل" كان لها قصب السبق في التوصل إلى تقنيات متطورة في مجالي النفط والغاز، التي سمحت للشركة بحفر الآبار الأفقية وتسجيل رقم قياسي في عمليات الحفر البرية والبحرية للوصول إلى النفط والغاز الطبيعي. وأضاف التقرير أن الشركة تمكنت من الوصول إلى آبار على عمق أكثر من 13 كيلومترا تحت قاع المحيط واتخذت القرارات الاستثمارية للإنتاج في جزيرة سخالين الروسية على الرغم من أن مستوى سعر النفط في تلك الفترة كان أقل من مستوى أسعار الخام حاليا. وأوضح التقرير أن التقنيات الحديثة التي تم التوصل إليها اليوم لم تكن في أحلامنا ولا خيالنا منذ سنوات قليلة مضت وهو ما يعني أنه يمكن أن يتحقق المزيد من التقدم في السنوات المقبلة وربما بعد عشر سنوات من الآن نصل إلى تقنيات تتجاوز خيالنا وتوقعاتنا مرة أخرى. من جهة أخرى، وعلى صعيد الأسعار، أنهى النفط الخام الأسبوع المنصرم على هبوط بعد ارتفاعه على مدار أسبوعين متتاليين، في ظل ضعف العوامل الأساسية الذي أثر سلبا في السوق، على الرغم من الإشارات المثيرة للتفاؤل في وقت سابق من الأسبوع. وبحسب "رويترز"، فقد تراجع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة بواقع 53 سنتا عند 33.93 دولار للبرميل منخفضا عن أعلى سعر سجله خلال الجلسة بلغ 35.14 دولار للبرميل، بينما نزل خام غرب تكساس الوسيط 62 سنتا إلى 31.10 دولار للبرميل. وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات النفط العاملة للأسبوع السابع على التوالي هذا الأسبوع ليهبط العدد لأدنى مستوى له منذ آذار (مارس) 2010 مع استمرار الشركات في خفض الإنفاق بسبب انهيار أسعار النفط. وقالت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية في تقريرها الذي يحظى بمتابعة واسعة إن شركات الحفر أوقفت 31 منصة عن العمل في الأسبوع الذي ينتهي في الخامس من شباط (فبراير) لينخفض العدد الإجمالي للمنصات إلى 467.
مشاركة :