متى يصبح مهرجان الجنادرية كرنفالاً عالمياً؟ - فاضل العماني

  • 2/7/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

لم تعد المهرجانات والفعاليات الوطنية التي تُقام بكثافة وغزارة في وطننا العزيز، مجرد احتفاليات أو تظاهرات ثقافية وفكرية واجتماعية واقتصادية وتراثية ورياضية وغيرها، هي كل ذلك وأكثر، ولكنها بحاجة ماسة إلى أن تتحول إلى "صناعة وطنية" حقيقية لها أدواتها وآلياتها ومقوماتها وإستراتيجياتها، لأنها - أي صناعة المهرجانات - أحد أهم روافد التنمية بمختلف أشكالها ومستوياتها، وستوفر الوظائف وتدر المليارات وتنعش الحركة الاقتصادية، فضلاً عن أنها شاشة كبيرة جداً نطل بها على العالم لنعرض له الصورة الحقيقية لهذا الوطن الكبير. المهرجانات الوطنية المختلفة التي تغص بها روزنامة الفعاليات والأنشطة الوطنية، لم تستطع حتى الآن أن تعكس حجم الطموح والرغبة والتطلع لوطن يتمتع بثروات وطاقات وقدرات وإمكانات هائلة، بشرية ومادية. وحتى لا أمعن في سرد سلبي حول أغلب مهرجاناتنا الوطنية، سأتوقف قليلاً عند تجربة فريدة لحدث سنوى مهم يستحق الإشادة والإعجاب والفخر، وهو المهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية"، المهرجان السعودي الأقدم والأهم والأشهر، الذي كانت انطلاقته الأولى قبل ثلاثة عقود، وتحديداً عام م. ويعد مهرجان الجنادرية في نسخته ال تظاهرة سعودية ملهمة تؤكد عمق حضارة هذا الوطن العزيز وتجذّرها، الذي يشهد نهضة كبرى في كل المجالات والمستويات، ولكن من دون أن يفقد هويته وشخصيته وأصالته، وتلك هي الفلسفة/ الرؤية الذكية التي أسس عليها هذا المهرجان الوطني الرائع، والتي تحاول إيجاد صيغة متناغمة بين الموروث الشعبي بمختلف أشكاله ومستوياته والإنجازات الحضارية التي يشهدها الوطن، وذلك وفق قناعة راسخة بضرورة إزالة الحواجز الوهمية بين الإبداع الأدبي والفكري والثقافي، والفني والتراث الذي يُمثل الإرث الإنساني والمخزون الوطني. كثيرة هي الفعاليات والبرامج والأنشطة التي يُقدمها هذا المهرجان الرائع، كسباقات الهجن والفروسية التي أصبحت من أهم معالم الجنادرية، والفنون والرقصات والفلكلورات الشعبية التي تزخر بها مناطق الوطن، والصناعات والمشغولات والمنتجات التقليدية التي توثق مسيرة هذه الأمة، إضافة إلى كثير وكثير من ملامح "الأمس السعودي" بكل عفويته وبساطته وجماله. وحتى يكون لهذا المهرجان الوطني الرائع بعد ثقافي وتنويري يسهم في استثارة الوعي وإشاعة الفكر وعقلنة التأثير، حرص المنظمون على وجود "منصة ثقافية" عالية تتناول كثيراً من الأفكار والتجارب والقضايا المهمة والملحة التي تتناسب مع طبيعة الشأنين، الداخلي والخارجي. تشارك ألمانيا ضيف شرف لهذه الدورة تحت شعار "ألمانيا - بلد الأفكار: للابتكار تقاليد"، وهي مشاركة رائعة وخطوة ذكية باتجاه عالمية هذا المهرجان الوطني المهم الذي يستحق أن يكون ضمن قائمة أهم المهرجانات العالمية. إن مهرجان الجنادرية بوصفه تظاهرة سعودية فريدة، تحول إلى "خيمة وطنية" تمثل كل الوطن بإنسانه وتراثه وثقافته وحضارته وتنوعه، وصنع مفهوماً واعياً للوحدة الوطنية التي تعد قوة هذا الوطن الكبير. وهنا لابد من سؤال للإنسان الرائع متعب بن عبدالله، وهو الذي تسلم إرث هذا المهرجان الوطني المهم من يد عرّابه الكبير عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله: متى يُصبح مهرجان الجنادرية كرنفالاً عالمياً؟.

مشاركة :