لم يدر بخلد بطل قصتنا أن قراره البسيط بترك لعبة الجمباز، التي التحق بها قبل ما يقارب الـ (20) عاما، واتجه بعد فترة قصيرة جدا لممارسة كرة اليد مع فريق الناشئين بنادي المحيط، سيجعل منه رقما صعبا في خارطة كرة اليد السعودية عقب مضي بضعة أعوام فقط. برزت موهبة حسين المحسن سريعا، فرسم موهبته بريشة التألق على ذاك الملعب الأسمنتي، قائدا المحيط للصعود لدوري الدرجة الممتازة بكل جدارة واستحقاق. تألقه الكبير لفت أنظار الأندية الكبيرة له، فحاول العديد منها خطفه بشكل نهائي، لكن إدارة نادي المحيط رفضت التفريط في «جوهرتها» بشكل نهائي، لكنها وافقت على إعارته عقب ضمان فريق الشباب البقاء في الدوري الممتاز، ليشارك نادي الخليج في بطولة النخبة في عام 2006م. تواجده مع «دانة سيهات» في بطولة النخبة وتألقه الكبير حينها، فتح له طريق النجومية من أوسع أبوابها، فكان اللاعب السعودي الأول الذي يوقع عقدا احترافيا خارجيا لموسم متكامل، وذلك حينما نجح نادي الشارقة الإماراتي بطل دوري وكأس الإمارات حينها في خطفه من بين مفاوضي الأهلي والخليج، عقب تقديمه لعرض أكبر بكثير من العرض الذي قدمه قطبا كرة اليد السعودية. لم يكتب لتجربته الرائعة مع الشارقة الإماراتي أن تكتمل، وذلك عقب تعرضه لإصابة منعته من إكمال الموسم، لكن إدارة نادي الشارقة أشادت كثيراً بمستواه الفني وبأخلاقياته الرائعة داخل وخارج الملعب. عاد المحسن من هذه التجربة أكثر قوة وصلابة، فخاض أكثر من تجربة احترافية، دون أن ينسى ناديه الذي أخرجه للأضواء «المحيط»، فمن النادر جدا أن تجد لاعباً بحجم وإمكانيات حسين المحسن الذي تطلب وده أعرق فرق كرة اليد السعودية، يوافق على التضحية واللعب مع ناديه في دوري الدرجة الأولى. والمثير في الأمر، أن المحسن دائما ما كان يرفض أي مفاوضات مباشرة معه، بل يطلب ممن يرغب في الحصول على خدماته أن يتجه للتفاوض مع إدارة نادي المحيط، وهو ما جعل منه «أيقونة» يعشقها أبناء المحيط بكل جنون. تلك السنوات التي عاشها المحسن مع التألق لم يكتب له فيها الحصول على أي لقب، حتى شارك مع الفريق المضراوي في بطولة آسيا 2011م، التي أقيمت في الدمام بضيافة نادي الخليج، فتجلى ابن المحيط وأبدع، ليقود أبناء القديح لتحقيق الإنجاز الأكبر في تاريخهم بالحصول على لقب البطولة الآسيوية لكرة اليد، وبالتالي التأهل لبطولة كأس العالم لأندية كرة اليد، التي تواجد فيها مع كواسر مضر أيضا، ضارباً مثالاً جديداً للتضحيات من خلال التنازل عن مستحقاته، نظراً للضائقة المالية التي كان يمر بها مضر حينها، إضافة لإحساسه الكبير بالمسؤولية على اعتبار أن المشاركة مع مضر هي واجب وطني لا يمكن التخلي عنه أبداً. فتح اللقب الآسيوي طريق المحسن مع البطولات، فحقق بطولتي الدوري والكأس مع النادي الأهلي، وساهم رغم تحامله على إصابته في تتويج النور ببطولة الأندية العربية الـ (30) لكرة اليد، التي استضافها نادي مضر في الدمام قبل ما يقارب العامين من الآن. أما على صعيد المنتخبات الوطنية لكرة اليد، فكان أحد أبرز الأسماء إن لم يكن أبرزها خلال السنوات الخمس الماضية، فقد كان صاحب بصمة واضحة في تأهل أخضر اليد المثير لكأس العالم 2013م بأسبانيا، عقب تألقه في البطولة الآسيوية التي أقيمت في جدة، ومساهمته الكبيرة في تحقيق أخضر اليد للمركز الثالث، المؤهل لنهائيات كأس العالم. مشواره مع التألق تعرض للعديد من الانتكاسات بسبب تعرضه لبعض الإصابات القوية، لكنه كان يعود أكثر قوة في كل مرة، فها هو يساهم بكل قوة في تأهل «قبضة الأخضر» لنهائيات كأس العالم 2017م بفرنسا، عقب تجاوزه لإصابة قوية، تطلبت تدخلاً جراحياً، وأبعدته طويلاً عن الملاعب، ليثبت للجميع بأن الذهب الحقيقي لا يمكن له أن يصدأ.
مشاركة :