باريس - تنظر الجمعية الوطنية الفرنسية الاثنين ابتداء من الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي (15:00 بتوقيت غرينتش) باقتراحي حجب الثقة عن الحكومة، بحسب ما قالت مصادر برلمانية وذلك احتجاجا على تمرير الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون قانونا مثير للجدل يمدد سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة متجاهلا كل الاعتراضات ومستندا في قراره للمادة 49.3 من الدستور. وقدّم أحد الاقتراحين الجمعة نواب مجموعة 'ليوت' المستقلة وتشارك فيه أحزاب عدة. وشارك نواب من ائتلاف 'نوبس' اليساري في التوقيع على هذا الاقتراح الذي يندد بـ"ذروة الإنكار غير المقبول للديمقراطية". كما قدّم نواب من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن، بدورهم اقتراحا آخر لحجب الثقة، مؤكدين أنهم سيصوتون "لصالح كل اقتراحات حجب الثقة المقدمة". وأتى الاقتراحان الجمعة بمثابة رد على قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس الاستناد إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتبنّي نصّ من دون التصويت عليه في الجمعية الوطنية، ما لم يؤدِّ اقتراحٌ بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة. ويتوقع أن تتجدّد الاحتجاجات خلال عطلة نهاية الأسبوع في فرنسا بعد تمرير السلطة التنفيذية قانون إصلاح نظام التقاعد من دون تصويت في الجمعية الوطنية، ما أدى إلى تفاقم الغضب الاجتماعي وإلى تقديم نواب اقتراحين لحجب الثقة عن الحكومة الغارقة في أزمة سياسية. ودعت النقابات العمالية إلى تظاهرات يومي السبت والأحد وإلى يوم تاسع من الإضرابات والتظاهرات الخميس، احتجاجا على الإصلاح الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاما. وكرر الأمين العام لنقابة 'سي إف دي تي' لوران بيرجيه الجمعة تحذيره من تفاقم الغضب في البلاد، دعيا الرئيس الفرنسي إلى "سحب الإصلاح". ولإسقاط الحكومة يجب أن تصوّت الأكثرية المطلقة في الجمعية الوطنية على اقتراح لحجب الثقة، أي 287 صوتا. ويتطلب ذلك أن يصوت حوالي ثلاثين نائبا يمينيا من حزب الجمهوريين (من أصل 61) على الاقتراح. ويتوقع أن يجمع اقتراح "ليوت" أصوات أطراف مختلفة بخلاف اقتراح التجمع الوطني. واختارت الحكومة الفرنسية رفع سنّ التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد ولشيخوخة السكان. ويبرز شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور نكسة بالنسبة إلى ماكرون الذي رَهَن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح جاعلا منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية. ورغم الخشية من حدوث أعمال عنف، تجمع آلاف المتظاهرين مساء الجمعة في ساحة الكونكورد في باريس مثل اليوم السابق، للاحتجاج أمام الجمعية الوطنية وقصر الإليزيه الرئاسي. وأشعل متظاهرون النار وشهدت الأجواء توترا حين تدخلت الشرطة مع حلول الليل. ورمى مئات المتظاهرين زجاجات ومفرقعات على عناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع، محاولين إخلاء المكان مع هطول المطر. وأعلنت الشرطة اعتقال 61 شخصا. وقال جان للحشود وسط التصفيق وهو طالب لم يكشف عن اسمه الكامل "نفذنا أياما من الإضرابات الجيدة، لكننا حاليا نحتاج إلى تحرّك هجومي"، مضيفا "بالنسبة لنا، التكتل النقابي مات! إنها بداية أمور أخرى!". وفي ليون في شرق وسط البلاد، اقتحم متظاهرون مقر بلدية و"حاولوا إضرام النار"، لكن تمكنت الشرطة من إخماد الحريق على الفور وأوقفت 36 شخصا، بحسب ما ذكرت. ونُظمت تجمعات في مدن عديدة من ليل في الشمال إلى بوردو في الغرب، مرورا بستراسبورغ في الشرق حيث "تدهور" الوضع، بحسب ما أكدت الشرطة. وقال فيليب ميلان وهو أستاذ في مدرسة ثانوية في رين (غرب) حيث تظاهر أكثر من ألفي شخص، إن استخدام المادة 49.3 "بمثابة إهانة. لم يستمعوا إلينا منذ أسابيع، ما أثار غضبا كبيرا". وفرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد، بينما أنظمة التقاعد في مختلف الدول غير قابلة للمقارنة بشكل كامل. وتُظهر مختلف استطلاعات الرأي أنّ غالبية الفرنسيين تعارض هذا الإصلاح، رغم أنّ عدد المتظاهرين في الشوارع والمضربين عن العمل انخفض مع مرور الوقت. وقال ريمي فينيه الأمين العام لنقابة عمال القطارات 'سي جي تي شومينو' في بوردو "تسبب الاستناد إلى المادة 49.3 بتوتير الجميع"، متوقعا أن إضراب قطاع السك الحديد "سيمتد إلى قطاعات أخرى". وأعلنت الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) إغلاق مصفاة 'توتال إنرجي' في نورماندي (شمال غرب) ابتداء من نهاية هذا الأسبوع. ويبرز الغضب في باريس أيضا عبر تراكُم النفايات، إذ تسبّب إضراب عمال جمع القمامة إلى بلوغ كمية النفايات في شوارع العاصمة 10 آلاف طن الجمعة، بحسب البلدية. وطلبت المديرية العامة للطيران المدني من شركات الطيران أن تلغي الاثنين 30 بالمئة من رحلاتها في باريس-أورلي و20 بالمئة في مرسيليا-بروفانس في جنوب شرق البلاد، بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية احتجاجا على رفع سن التقاعد.
مشاركة :