قطار تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا ينطلق إلى محطة جديدة

  • 3/19/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مصر وتركيا تعلنان عن تفاؤل بمستقبل العلاقات الثنائية، لكن الأمر لم يغادر دائرة التبشير بزخم سياسي وإرادة السيسي وأروغان في حل الخلاف. الوقت هو من سيحسم خاصة أن تركيا مقبلة على انتخابات رئاسية في مايو، وبقاء أردوغان أو رحيله محدد رئيسي في شكل هذه العلاقات. القاهرة- فتحت زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى القاهرة السبت الطريق أمام انطلاق قطار تطبيع العلاقات إلى محطة جديدة بعد فترة طويلة من المشاورات السياسية والأمنية المتقطعة، لكنها مهدت الأجواء للإيحاء بأن المصالحة الشاملة بين البلدين باتت أقرب من أيّ وقت مضى. وناقش وزير الخارجية المصري سامح شكري مع نظيره التركي عملية استعادة قوة وزخم العلاقات وعودة السفراء، وبدت هناك إرادة سياسية كبيرة من قيادتي البلدين وتوجيهات بإطلاق المسار التشاوري وصولا إلى التطبيع الكامل في العلاقات. وقال شكري في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع جاويش أوغلو في القاهرة إن المحادثات مع تركيا بخصوص إمكانية إعادة العلاقات إلى مستوى السفراء ستُجرى “في الوقت الملائم” ووفق ما يحدث من نتائج إيجابية، ما يعني أنه لا تزال هناك عُقد في حاجة إلى تفكيكها. ◙ بقاء أردوغان في الرئاسة لولاية جديدة سيحكم على مدى جدية الشعارات الحماسية للتقارب بين مصر وتركيا، وهل هي قادرة على تجاوز الماضي ◙ بقاء أردوغان في الرئاسة لولاية جديدة سيحكم على مدى جدية الشعارات الحماسية للتقارب بين مصر وتركيا، وهل هي قادرة على تجاوز الماضي وتطابق موقف تركيا مع موقف مصر في هذه الجزئية، حيث قال جاويش أوغلو إن بلاده سترفع العلاقات لمستوى السفراء “في أقرب وقت ممكن.. اتخذنا خطوات ملموسة لتطبيع العلاقات.. سنبذل قصارى جهدنا حتى لا تُقطع العلاقات مرة أخرى”. وتوقعت دوائر سياسية أن تؤدي هذه الزيارة إلى الإعلان رسميا عن عودة العلاقات، غير أن تعليقات وزيري خارجية مصر وتركيا أوحت أن هناك ملفات لم يتم حسم المواقف بشأنها، ومن الضروري التفاهم حولها قبل التدشين الرسمي للعلاقات. ورجّح مراقبون أن يكون الإعلان عنها من الجانبين من خلال بيانين منفصلين قريبا، خاصة أن تصريحات جاويش أوغلو في القاهرة حملت تفاؤلا بعقد لقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبدالفتاح السيسي قبل إجراء الانتخابات التركية في مايو المقبل أو بعدها، ومن المهم الإعلان عن عودة العلاقات قبل ذلك ليكون اللقاء تتويجا لها ودليلا على الوصول إلى مرحلة متقدمة في العلاقات. وأوضح هؤلاء المراقبون أن المناقشات التي جرت بين الوزيرين في القاهرة حوت جميع القضايا التي تهم البلدين، ووصلا إلى تفاهمات كبيرة حول عدد منها، بينما هناك ملفات تحتاج إلى تقديم ما يثبت حسن النوايا من أنقرة، لأن الثقة في النظام التركي لا تزال تخيم عليها تجربة السنوات الماضية التي غلبت عليها الشكوك. وإذا كانت أنقرة قدمت تطمينات جيدة للقاهرة بشأن حركة جماعة الإخوان وعدم دعم توجهاتها السياسية والإعلامية، فإن ثمة هواجس حول إمكانية استئناف الدعم في أيّ لحظة مع وجود قيادات في حزب العدالة والتنمية الحاكم تؤيد الإخوان حتى الآن. كما أن الهدوء الذي يخيم على الموقف التركي حيال الأزمة الليبية وعدم ظهور ما يشي بأن أنقرة تناكف القاهرة بضراوة لا يعني أن التفاهم بينهما تزايد ووصل إلى مرتبة التعاون الكبير، لأن مصر تصر على خروج كل القوات الأجنبية من ليبيا، وفي مقدمتها قوات تابعة لتركيا وميليشيات ومرتزقة تعمل بالتنسيق معها. حمدي بخيت: زيارة وزير الخارجية التركي تسرّع من وتيرة التقارب السياسي بين البلدين حمدي بخيت: زيارة وزير الخارجية التركي تسرّع من وتيرة التقارب السياسي بين البلدين ولم تقدم تركيا لمصر ما يعزز الثقة في وقف توغّلاتها داخل الأراضي السورية والعراقية، والتي تراها القاهرة عملا عسكريا غير مشروع، وإن تفهمت دواعي القلق الأمني التركي أحيانا، إلا أن ذلك ليس مبرّرا للقيام بعمليات واسعة ومستمرة أو اقتطاع أجزاء من أراضي الدولتين بأيّ حجة أمنية. وتضاف هذه الهواجس إلى استمرار ملف شرق البحر المتوسط معلقا، أو على الأقل التوصل فيه إلى صيغة مريحة لمصر التي لا تريد التفريط في علاقاتها القوية مع اليونان وقبرص بعد سنوات من التعاون بسبب التقارب مع أنقرة، ما يتطلب المزيد من التباحث الجاد، وترى القاهرة أهمية في تصفية الخلافات بدلا من تأجيلها. وأشار مستشار أكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء حمدي بخيت إلى أن زيارة وزير الخارجية التركي تسرّع من وتيرة التقارب السياسي بين البلدين، لأن العلاقات عندما تصل إلى مستوى زيارات وزراء الخارجية تكون قد سبقتها خطوات تمهيدية عديدة على مستوى التنسيق والتفاهم بين الأجهزة المعنية، ومن ثم فهي تحرك محوري يقود إلى عودة العلاقات إلى سابق عهدها، سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا. وأكد لـ”العرب” أنه من المهم في الفترة المقبلة أن يظهر الطرفان قدرتهما البالغة على تخطي التعقيدات في الملف الليبي وحسم علاقة تركيا بالإخوان وتدخلاتها في سوريا والعراق، ثم ملف الغاز في شرق المتوسط، إذ يصعب على مصر أن تضحّي بمحور اليونان وقبرص الذي ثبّت أقدامه نظير تقارب جديد مع تركيا، كما أنه ليس من العقيدة المصرية الراسخة، والتي تدير ملفاتها الإقليمية بتوازن شديد. وذكر سامح شكري “نسعد أن نطلق أنا ووزير خارجية تركيا مشاورات لتكون المسار لاستعادة تطبيع العلاقات بين البلدين في كافة المناحي وبدء مرحلة جديدة يكون لها أثر إيجابي على شعبي البلدين وتؤدي إلى المزيد من الاستقرار في المنطقة“. وتبدو عودة السفراء بين البلدين خطوة مهمة من قبل الدولتين، وليست أمرا شكليا، لأنها في المحصلة تدل على انتهاء مسار الخلافات تماما ووجود قدر من التفاهم العام. وألمح جاويش أوغلو وهو في القاهرة إلى وجود العديد من الخطوات التي يجب اتخاذها بين البلدين على مختلف الأصعدة، بدءا من الاقتصاد مروراً بالطاقة ووصولاً إلى السياسة، مردفا أن أهم نقطة في هذه المرحلة هي “وجود عزيمة وإرادة سياسية قوية.” إذا كانت أنقرة قدمت تطمينات جيدة للقاهرة بشأن حركة جماعة الإخوان وعدم دعم توجهاتها السياسية والإعلامية فإن ثمة هواجس حول إمكانية استئناف الدعم في أيّ لحظة ووجهت وزارة الدفاع التركية دعوة إلى الجانب المصري للمشاركة في 3 مناورات عسكرية سوف تقام على الأراضي التركية، وهي دليل على تعزيز الأنشطة المشتركة. ولفت حمدي بخيت في تصريحه لـ”العرب” إلى أن المطالب المصرية من تركيا عادلة وتدور حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وعدم إيواء شخصيات تستهدف ضرب استقرار البلاد، ولا بديل أمام أنقرة سوى التجاوب مع شواغل القاهرة لضمان علاقات صحية، مشيرا إلى أن عودة العلاقات كاملة قد تستغرق وقتا. ومع أن قطار العلاقات التركي انطلق فعلا من محطته الرئيسية مع مصر ودول أخرى، إلا أن وصوله إلى محطته الجديدة يتطلب المزيد من خطوات بناء الثقة. انشرWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :