رغم اختلاف اللغات وبُعد المسافات، فإن جمهور مركز اليرموك الثقافي تفاعل بشكل رائع مع عزف وألحان وغناء ورقص ثلاث فرق هندية، معبِّراً عن ذلك بتصفيقه الحار وتلويحه بأياديه المرتفعة في الهواء، تعبيراً عن انسجامه بالأمسية الموسيقية التي أخذت جمهور المركز في رحلة على بساط ريح، سافر خلالها من شمال الهند، مروراً بوسطها، وصولاً إلى جنوبها، خلال ساعتين. فخلال «مهرجان الهند في الكويت»، الذي نظمته السفارة الهندية، قدَّمت ثلاث فرق أتت خصيصاً من الهند، هي: «أنيرود فارما كولكتيف» التي أمتعت الحاضرين بمزيج من الموسيقى الكلاسيكية والمعاصرة، وحسن خان وفريقه الذي قدَّم روايات قصصية عبر مجموعة من الأغاني والموسيقى والرقص من التراث الثقافي الغني لراجستان، الولاية التي تشتهر بتقاليدها الملونة وثقافتها الشعبية النابضة بالحياة، وأخيراً فرقة «الأخوان قطبي»، الذين قدموا أحد أشكال الموسيقى الدينية الصوفية، التي تتخطى الحدود واللغات، وتجمع الناس معاً وتوحدهم. وفي نهاية الحفل، قالت عالية الخالد، في تصريح للصحافيين، إن «الثقافة هي أساس بناء الدولة وبناء المجتمعات بالدرجة الأولى، ومن ثم هي القناة التي تربط وتقرِّب الشعوب فيما بينها»، لافتة إلى أن «الثقافة هي ركيزة أساسية في الوجود الإنساني، والحضارات أجمع، بُنيت على أساس الثقافة». واعتبرت الخالد أن «ما رأيناه من الثقافة والحضارة الهندية يُعد أمراً ممتعاً جداً، ويبعث على أن تحافظ كل دولة على تُراثها وثقافتها، لأن هذه الرسالة تتناقلها الأجيال، جيلاً بعد جيل، ومن غيرها من الصعب أن يكون هناك وجود للبقاء الإنساني». روابط ثقافية وثيقة وفي كلمة له قبل افتتاح المهرجان، نقل الوكيل المساعد للإعلام الخارجي بالتكليف في وزارة الإعلام مازن الأنصاري تحيات وتمنيات وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري، ووكيل الوزارة ناصر المحيسن، وموظفي «الإعلام»، بمناسبة هذا الحدث الثقافي، الذي يمثل الروابط الثقافية الوثيقة التي تربط الكويت والهند. وقال الأنصاري: «إنه لمن دواعي سروري أن أكون بين زملائي وإخوتي وأخواتي من أمة الهند العظيمة، الذين باركوا بلادنا بحضورهم، ويسعون جاهدين للحفاظ على التاريخ الطويل للعلاقات النموذجية التي أقيمت منذ سنوات عدة، من خلال العمل الدؤوب والمخلص لآبائنا وأجدادنا». وتابع: «العلاقات التاريخية بين الهند والكويت أثمرت ما نراه اليوم، إذ يعمل الكويتيون والهنود بجد، يداً بيد، وفي اجتهاد متناغم، ونحن نجهز هذه الأمة لكل التحديات والمفاجآت التي قد تطرأ في المستقبل». وأردف: «إضافة إلى الروابط الثقافية والسياسية، تشترك الهند والكويت أيضاً في تاريخ طويل وغني من العلاقات التجارية والاقتصادية، والتي تمتد إلى ما قبل اكتشاف النفط، وتستمر اليوم بحماسة ونمو كبيرين. دعونا ألا ننسى أن الروبية الهندية كانت العملة القانونية في الكويت حتى عام 1961». وأوضح الأنصاري أنه «تم تعزيز العلاقات الثنائية التي تتمتع بها دولتنا على مر السنين، من خلال هذا التبادل السياسي الرائع للسفراء والدبلوماسيين، حيث وضع كل سفير بصمته المميزة والفريدة من نوعها خلال فترة عمله، لتضاف إلى الجدول الزمني التاريخي لعلاقاتنا المتميزة». وأضاف: «يشرفنا حقاً أن نكون هنا اليوم، لنشهد العرض الثقافي (مهرجان الهند في الكويت) الذي تنظمه سفارة الهند»، مشيراً إلى أن «هذا المهرجان هو احتفال بالتراث الثقافي الغني والمتنوع للهند، ويُعد شاهداً على هذه الروابط الثقافية القائمة بين الشعبين». وختم الأنصاري: «يجب أن نسعى دائماً لتقوية أواصر الصداقة، وزيادة التفاعل الثقافي، وإظهار الاحترام والتفاهم والتسامح للأديان والمعتقدات المتنوعة الموجودة بين بلدينا العظيمين». جسر يربط الشعوب من ناحيته، وصف د. وليد السيف، رئيس لجنة التراث في العالم الإسلامي، التابعة للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (ايسيسكو)، المهرجان بأنه تحفة جميلة وثقافية وتراثية بامتياز، تمكنت من تغطية قطاعات عدة في الهند من شمالها، مروراً بوسطها، وصولاً إلى جنوبها، وقد «أخذتنا الفرق الثلاث في رحلة موسيقية على أنغام أجمل الفنون لديهم، إضافة إلى الرقص الكلاسيكي في راجستان، وهو أمر من النادر أن نراه». وأضاف: «هذا النوع من الثقافات هو كجسر يربط الشعوب بعضها ببعض، فمثلما الكويتي يحب أن يشاهد ويتعرف على التراث الهندي في الكويت، كذلك الهنود يحبون أن يشاهدوا التراث الكويتي في الهند، ونحن دولة لديها الإمكانيات كافة، ليس لتقديم عرض واحد، بل للقيام بجولة في كل أرجاء الهند، للتعريف بفلكلورنا وتراثنا وثقافتنا في الهند». وتابع: «لدينا وزير إعلام ووزير خارجية مهتمان جداً بالمجال التراثي، ولدينا سفارة كويتية في دلهي وقنصلية في مومباي، ويحتاج قاطنو هذه المناطق للتعرف على التراث الكويتي، وأنا بدوري مستعد للدفع بهذه النشاطات من ناحية الإعلام والمحاضرات». من ناحيته، قال السفير الهندي لدى البلاد آدارش سوايكا إن «هذا المهرجان هو احتفال بالتراث الثقافي الغني للهند، وشهادة على العلاقة القوية والطويلة الأمد بين الهند والكويت». وأضاف سوايكا: «تشترك الهند والكويت دائماً في الاحترام العميق لثقافة وتقاليد بعضهما البعض، ولم يؤدِ تبادلنا الثقافي إلى إثراء روحنا الثقافية وتقاليدنا فحسب، بل لعب أيضاً دوراً مهماً في تعزيز علاقاتنا الثنائية»، لافتاً إلى أن «الأفلام الهندية تحظى بشعبية كبيرة في الكويت، حيث لا تزال تُعرض على قناة تلفزيون الكويت أسبوعياً، كما أن الجيل الكويتي من الشباب يعرف ويتابع أفلام بوليوود ونجومها كثيراً».
مشاركة :