ثمة غموض يبدو مفتعلا يحيط بما سمي «سور بغداد»، لعزل العاصمة العراقية، تنفيذا لمخطط إيراني يهدف إلى تقسيم العراق رصدت له طهران ملايين الدولارات. وفكرة إنشاء السور ليست وليدة اليوم، ولكنها تعود إلى عام 2007 عندما طرحها الأمريكيون على خلفية تردي الأوضاع الأمنية، إلا أنها أجلت إلى عام 2010 ولم تنفذ، ثم أعادها رئيس الوزراء العراق السابق نوري المالكي إلى الواجهة في عام 2014، إثر انهيار المنظومة الأمنية لحكمه بسقوط الموصل في أيدي تنظيم داعش. وما إن أعلن قائد عمليات بغداد عبدالأمير الشمري الأربعاء الماضي بدء العمل في بناء سور أمني يحيط ببغداد، حتى اشتعلت الساحة جدلا وخلافا وتبادلا للاتهامات بين الأطراف السياسية العراقية. فبينما رأى الطرف الشيعي أنه ضرورة أمنية لمنع تسلل الإرهابيين إلى العاصمة، والمساهمة في إيقاف الخطر عن بغداد، اعتبره المكون السني «مشروعا إقصائيا» يعيد رسم خريطة العراق وفق رؤية إيرانية تسعى إلى تقسيم بلاد الرافدين، بهدف الاستحواذ والسيطرة. واللافت أن الخبراء الأمنيين اختلفوا أيضا حول أهمية «سور بغداد»، فثمة من يرى أنه ضرورة أمنية وأن الأحداث الراهنة تتطلب تنفيذه، بينما يرى آخرون أن العاصمة ليست في خطر يستدعي بناء سور أمني. ولا يخفي هؤلاء إمكانية اختراق هذه الإجراءات من قبل التنظيمات المسلحة. ورأى خبير أمني أن الأسوار أو الحواجز لا يمكن أن تمنع هجمات الإرهابيين. وأكد أن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال تطبيق القانون ونشر العدل وحظر السلاح وحصره في يد الدولة فقط، والقضاء على ظاهرة الميليشيات المنتشرة في ربوع العراق بتمويل إيراني. وحذر من أن هذا القرار ستكون له نتائج سلبية بل وكارثية على الوضع الاجتماعي العراقي. وقد أبدت أطراف عراقية عديدة مخاوفها من أن تقوم محافظات أخرى بحفر خنادقها وبناء أسوارها، ومن ثم يتحول يتحول العراق إلى مجرد مجموعة «كانتونات» تفتح الطريق لتقسيمه تحقيقا لأهداف نظام الملالي. وحذرت هذه الأطراف من أن ما يسمى «سور بغداد» هو مخطط لإحداث تغيير ديموغرافي، ما يمثل خطرا كبيرا على مستقبل الدولة العراقية سيقود في نهاية المطاف إلى التقسيم، خصوصا مع إعلان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أنه «آن الأوان ليقرر الشعب الكردي مصيره من خلال استفتاء».
مشاركة :