تونس - أقال الرئيس التونسي قيس سعيّد الثلاثاء رئيس اللجنة الوطنية للصلح الجزائي من منصبه، بينما تعتبر هذه الهيئة من أهم مشاريعه السياسية منذ أن اتخذ إجراءات استثنائية عول بموجبها منظومة الحكم بقيادة حركة النهضة الإسلامية في 25 يوليو/تموز 2021. وصدر بالجريدة الرسمية أمر رئاسي "ينهي تكليف السيد مكرم بنمنا بمهام رئيس اللجنة الوطنية للصلح الجزائي". وأنشأ سعيّد هذه اللجنة في 2022 وعيّن في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي أعضاءها، في حين تتمثل مهامهم في إبرام صلح جزائي مع المتورطين في الفساد من رجال أعمال قبل ثورة 2011 وكانت الحكومة التونسية أعدت فيهم قائمة في العام 2012. ويقوم الصلح الجزائي على إبرام اتفاق بين المتورطين والدولة على أساس استرجاع الأموال التي حصلوا عليها مقابل إسقاط الملاحقة القضائية. وتوظف الأموال المسترجعة في الاستثمارات في المناطق المهمشة في البلاد. ويقدر سعيّد أن يصل مجموع الأموال التي على الدولة استرجاعها إلى 13.5 مليار دينار (حوالي 4.01 مليارات يورو). والخميس زار سعيّد مقرّ اللجنة بالعاصمة وقال في اجتماع مع أعضائها "لا أرى أي شيء على الإطلاق... لم يتحقق أي شيء يُذكر، منذ صدور المرسوم المنظم للصلح الجزائي"، منتقدا ما وصفه "بالتراخي" مؤكدا على أن "أموال الشعب يجب أن تعود إلى الشعب". وتابع "نبحث عن القروض من الخارج والأموال موجودة في تونس" في إشارة إلى المفاوضات التي تقوم بها الحكومة مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة حوالي ملياري دولار. ويسعى سعيّد إلى استكمال مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي معزّز ووضع حد للنظام البرلماني الذي أقر إثر ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي ووضعت البلاد على طريق انتقال ديمقراطي كان الوحيد في المنطقة بعد انتفاضات ما يسمى بـ'الربيع العربي'. ويأتي قرار الرئيس التونسي بإقالة رئيس اللجنة الوطنية للصلح الجزائي، تعبيرا على ما يبدو عن استيائه من التقصير في استرداد الأموال المنهوبة بينما تواجه تونس أززمة مالية خانقة. وكان قد أطلق حملة واسعة لمكافحة الفساد ومقاومة المضاربة والاحتكار، متوعدا بمحاسبة المتورطين في مثل هذه القضايا أيا كانت مكانتهم أو مناصبهم، مشددا على أن لا أحد فوق القانون والمحاسبة. واعتقلت السلطات التونسية عدد من الشخصيات السياسية من المعارضة ومن رجال الأعمال في الفترة الأخيرة بشبهة التآمر على أمن الدولة ومحاولة تأجيج الجبهة الاجتماعية من خلال احتكار سلع أساسية.
مشاركة :