عقد اتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي “يونا” اليوم، ورشة عمل افتراضية بعنوان “التداول الإعلامي لمصطلحات القضية الفلسطينية”؛ بمشاركة الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو”، ووكالة بيت مال القدس، إضافة إلى وكالات الأنباء الأعضاء في الاتحاد، وعدد من الدبلوماسيين والإعلاميين. وأكد معالي لأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه في كلمته الافتتاحية لأعمال الورشة؛ الدور المهم الذي تضطلع به وكالات الأنباء ووسائل الإعلام في دولنا المنظمة في إبقاء قضية فلسطين والقدس الشريف دائماً في صدارة المشهدين السياسي والإعلامي، وتشكيل الوعي الجماعي بالرواية الفلسطينية عن حقيقة ما يواجهه الشعب الفلسطيني من عدوان على أرضه ومقدساته. وشدَّد الأمين العام في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والقدس السفير سمير بكر ذياب، على أنَّ المنظمة تتابع بقلق بالغ تصاعد وتيرة الحرب الإعلامية التي يديرها الاحتلال الإسرائيلي سواءً من خلال الاعتداءات الممنهجة ضدَّ وسائل الإعلام والعاملين فيها تارة، أو من خلال ترويج مصطلحات ورواية إسرائيلية مزيفة تنكر وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة. وأوضح الأمين العام أنَّ الصراع القائم هو صراع سياسي يتمثل في الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي غير الشرعي للأرض الفلسطينية، داعياً إلى التأكيد على مصطلحات لغوية مثل الاحتلال، والعنصرية، والتطهير العرقي، والنكبة، والاستيطان الاستعماري؛ داعياً إلى النظر في وضع دليل مرجعي أو جملة من السياسات الإعلامية العامة والناظمة للتناول الإعلامي المتعلق بقضية فلسطين والقدس الشريف، بما يسهم في توحيد المصطلحات المستخدمة والجهود المبذولة لتعزيز الرواية الصحيحة حول القضية الفلسطينية وتوحيد وتأطير الخطاب الإعلامي للدول الأعضاء. من جانبه، أكد المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي السفير ماهر الكركي على الدور المهم للإعلام في تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة؛ مشيراً إلى تفعيل دور الإعلام في التصدي للرواية الإسرائيلية، ومواجهة التضليل والتلاعب في المصطلحات الإعلامية من خلال اعتماد المصطلحات الدقيقة وتبني إستراتيجية محدَّدة لتعزيز حضور هذه المصطلحات الصحيحة في الفضاء الإعلامي. وشدد المدير العام المكلف لاتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي محمد بن عبدربه اليامي في كلمته أنَّ دعم القضية الفلسطينية يبدأ من العرض الصحيح والمنصف لهذه القضية العادلة، وهذا لا يتم إلا باستخدام المصطلحات الصحيحة والدقيقة في توصيف ما يجري في فلسطين؛ مبرزاً ما تضطلع به وسائل الإعلام في دول منظمة التعاون الإسلامي عبر التاريخ بجهود كبيرة في مناصرة القضية الفلسطينية، ونشر المصطلحات الصحيحة المستمدة من قرارات الشرعية الدولية والمؤسسات الرسمية في دولة فلسطين. ونوه بالحاجة إلى تعزيز هذه الجهود ومنحها طابعًا منهجيًا، لا لتمكين المصطلحات الصحيحة في وسائل إعلامنا فقط، وإنما أيضًا للتصدي لآلة الدعاية الإسرائيلية التي تغوَّلت خلال الأعوام الأخيرة وباتت مفاهيمُها وأجنداتُها حاضرةً في كثير من وسائل الإعلام الدولية بوعي أو بلا وعي من القائمين على هذه الوسائل؛ لافتاً إلى أنَّ هذه الورشة تأتي في إطار حرص الاتحاد على تنسيق جهود الوكالات الأعضاء للخروج بموقف إعلامي موحَّد على مستوى اللغة الصحفية، معبراً عن أمله في أن تسهم الورشة في وضع الخطوط العريضة لدليل إعلامي شامل يكون بمثابة المرجع المعتمد في مصطلحات القضية الفلسطينية. وفي حلقة النقاش الأولى للورشة، أكد مدير وكالة بيت مال القدس الدكتور محمد سالم الشرقاوي ضرورة صياغة وثيقة مرجعية بشأن المصطلحات الإعلامية للقضية الفلسطينية، داعياً إلى تشكيل لجنة لصياغة هذه الوثيقة وتقديمه إلى المؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام لاعتمادها وتعميمها على وسائل الإعلام في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي. وشدَّد الشرقاوي على حجم التحدي الذي ينطوي عليه عدم التحكم في موضوع المصطلحات الإعلامية وما يمثله من مخاطر على التصور الصحيح لحقيقة القضية الفلسطينية؛ مستعرضاً إسهامات وكالة بيت مال القدس في دعم القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة، لا سيما على الصعيد الإعلامي. بدوره، أكد رئيس تحرير جريدة الحياة الجديدة الفلسطينية محمود أبو الهيجاء ضرورة مواجهة الرواية الإسرائيلية برواية تنقضها، داعياً إلى تعزيز الشراكة الفاعلة بين وكالات الأنباء لاعتماد دليل إعلامي موحد في مواجهة الروايات المفبركة. من جانبه، استعرض نائب مدير إدارة الإعلام في الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور عبدالحميد الصالحي جانباً من جهود المنظمة في تحري الدقة في استخدام المصطلحات الصحيحة بشأن القضية الفلسطينية ونشرها عبر بياناتها الإعلامية؛ حاثاً وسائل الإعلام على الحذر من المغالطات والتعبيرات غير المقصودة، داعياً إلى عدم إطلاق المصطلحات بدون تمحيص لما لذلك من وقع وتداعيات. وتحدث مدير إدارة الإعلام والتواصل المؤسسي في منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” سامي القمحاوي حول طريقة التناول الإعلامي للقضية الفلسطينية؛ لافتاً إلى أنَّ تسمية الأشياء بمسمياتها أفضل وسيلة للتعبير عن الحقائق الراسخة، وهو ما نحتاج إليه عند تناولنا للقضية الفلسطينية. وشدد على أنَّ الإيسيسكو تضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها، وتبذل كل الجهد في سبيل مواجهة ما تتعرض له فلسطين من محاولات متكررة للاحتلال الإسرائيلي لطمس هويتها؛ مشيراً في هذا الصدد إلى ما يتعرض له التراث الفلسطيني في القدس الشريف من مخاطر ومحاولات تزييف، مؤكداً أنَّ تناول الإعلام وتوثيقه للتاريخ الحقيقي لهذا التراث، مادياً كان أو غير مادي، يجب أن يكون من بين أولويات العمل الإعلامي خصوصاً في عالمنا الإسلامي. وأوضح أنَّ الإيسيسكو تعمل على دعم الإعلام الفلسطيني لأداء مهامه على أكمل وجه، بما في ذلك مشروع خاص بتطوير وتحديث وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية من خلال الذكاء الاصطناعي؛ مستعرضاً جانباً من توظيف الإيسيسكو بياناتها الصحفية لنشر المصطلحات الصحيحة بشأن القضية الفلسطينية، مؤكداً انفتاح المنظمة على التعاون مع الجميع في سبيل بناء قدرات الصحفيين والإعلاميين بدول العالم الإٍسلامي خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا المحورية للأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. وخلال حلقة النقاش الثانية للورشة تحدَّث مدير عام وكالة أنباء جيبوتي عبدالرزاق علي ديرنيه عن دور وكالات الأنباء في ضبط المصطلحات الإعلامية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وأكدت المديرة العامة لوكالة الأنباء الأردنية “بترا” فيروز المبيضين خلال مداخلتها أنَّ القضية الفلسطينية تأتي على رأس أولويات المملكة الأردنية الهاشمية، مشيرة إلى أن الإعلام الأردني يولي القضية الفلسطينية جل الاهتمام وتتصدر صفحاته أخبار فلسطين. ونوهت أن وكالة الأنباء الأردنية لديها سياسة تحريرية تتضمن مصطلحات تكرس حق الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة؛ داعية إلى أن تواكب اللغةُ الإعلامية مستجداتِ العصر الحديث والتطور في عالم التواصل والإعلام والذكاء التكنولوجي، مشيرة إلى أنَّ الأكاذيب الإسرائيلية أصبحت مكشوفة في هذا العصر، وأصبحت أدوات المخاطبة أكثر توفراً وأسرع في نقل الحدث وهو سلاح ذو حدين علينا استثماره. وأضافت المبيضين أنَّ العالم أصبح أكثر وعياً وأكثر دقة وأكثر إنسانية وهو جاهز لمناصرة الجانب الأقرب للمحاورة والأقدر على إثبات الحق خارج أسوار المراوغة وطمس الحقائق، مشيرة إلى أن الفرصة متاحة الآن مع التطور التكنولوجي أكثر من أي وقت مضى لقيادة المشهد الإعلامي العالمي لصالح الحق الشرعي والإنساني والطبيعي ولصالح قضية العرب والمسلمين الأولى القضية الفلسطينية. وشهدت جلسات الورشة مداخلات جانبية بما في ذلك مداخلة لمدير وكالة الأنباء الموريتانية محمد فال دعا فيها إلى التعاطي بحذر مع ما يطرح في وسائل الإعلام الدولية بشأن فلسطين. كما تحدث أيضاً مدير عام وكالة أنباء غينيا فرانسوا مارا عن الدور المهم لوكالات الأنباء في تعزيز الدعم الإعلامي للقضية الفلسطينية، فيما شددت رئيسة التحرير في دائرة الأخبار العالمية بوكالة أنباء تونس أفريقيا، ضحى طليق على ضرورة التصدي للكم الهائل من المصطلحات المغلوطة المنتشرة في وسائل الإعلام الغربية، داعية إلى توعية الجيل الجديد في هذا الشأن، لا سيما في ظل اعتماد هذا الجيل على الإعلام الغربي في تلقي الأخبار والمعلومات. وفي ختام الورشة، قرأ المدير العام المكلف لاتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي محمد بن عبدربه اليامي التوصيات التي خلصت إليها الورشة، بما في ذلك وضع دليل مرجعي بشأن المصطلحات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وتقديمه إلى المؤتمر الإسلامي لوزراء الإعلام من أجل اعتماده وتعميمه على وسائل الإعلام في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى تفعيل دور وكالات الأنباء في مواجهة التضليل والتلاعب الإعلامي في المصطلحات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
مشاركة :