أكد مثقفون وأكاديميون وإعلاميون أن عاصفة الحزم قد فرضت قواعد جديدة على اللعبة السياسية في الشرق الأوسط مبنية على قاعدة التدخل المضاد الوقائي والاستباقي والتعامل مع التهديدات بجميع الوسائل، بما في ذلك القوة العسكرية، كما أنها أكدت قدرة المملكة العربية السعودية ومعها دول مجلس التعاون الخليجي على البداية بالفعل في بناء التحالف في ظل تحولات إقليمية ودولية باتت بالغة الحساسية والتعقيد، جاء ذلك في الندوة التي أقيمت بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بعنوان «عاصفة الحزم والمتغيرات الجيو سياسية في المنطقة» ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة في دورته الثلاثين وبحضور عدد من أصحاب المعالي وضيوف المهرجان ونخبة من المثقفين والإعلاميين. وقد أدار الندوة الإعلامي الأستاذ غنام المريخي الذي تحدث في البداية عن أهمية الندوة في ظل التغييرات السياسية المتسارعة التي تمر بها المنطقة التي مثلت عاصفة الحزم تحولاً جذرياً لمسارها السياسي والعسكري. بعد ذلك، تحدث معالي الأستاذ صالح القلاب عن عاصفة الحزم بقوله: إننا تفاجأنا بانطلاق عاصفة الحزم، ولكن صانع القرار لم يتخذ ذلك القرار من فراغ، ولكن جاء بعد دراسة طويلة ودقيقة، وإذا كنا كمتابعين ومهتمين ننظر إلى هذا القرار من جهة فإن المسئول ينظر إليه من زوايا كثيرة، وجاء القرار بدون أي تردد وأي تأخير فلخصت متغيرات كثيرة على الأرض في منطقة الخليج العربي كلها وفي المنطقة العربية ولأصبحت الانجازات التي حققها التحالف العربي بقيادة المملكة خلال هذه الفترة القصيرة، ربما بحاجة ليس إلى عام واحد أو عامين وإنما لسنوات طويلة مما كان سيؤدي إلى اختلالات كثيرة من بينها أن البعض قد يضطرون إلى تغيير مواقفهم وهذا سينطبق حتى على العديد من الدول الفاعلة الكبرى غير العربية التي سترى أن مصلحتها في الانتقال إلى الكفة الراجحة. وأضاف القلاب: إن عاصفة الحزم رغم كل هذه الظروف والأوضاع المعقدة الشديدة الصعوبة فعلا أن تحقق إنجازات عسكرية وسياسية تمثلت في طرد الحوثيين وعلى عبدالله صالح من جنوب اليمن كله الذي يشكل غالبية الأراضي اليمنية، وها هي اليوم قوات التحالف تقف على أبواب صنعاء. بعد ذلك استمر الحديث عن عاصفة الحزم الذي كانت صبغة الفخر والاعتزاز بارزة على أهم ما طرحة المتحدثون الذي أكده الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث من خلال الحديث عن بلورة وتحديد بعض الدلالات والدروس المهمة لعاصفة الحزم مع رصد أهم إنجازاتها إلى وقتنا الحالي فضلاً عن استشراف آفاق بعض التطورات الخليجية والإقليمية في ضوئها، حيث قال: إن عملية عاصفة الحزم هي مثال للتعامل مع الخطر قبل استفحاله وقبل مساسه بأمن واستقرار المملكة العربية السعودية بشكل مباشر فالسماح لعصابات الحوثي والمخلوع علي صالح بالسيطرة على السلطة في اليمن والسماح لتحول اليمن إلى مستعمرة إيرانية كان ينبئ بعواقب وخيمة على أمن واستقرار المملكة وكامل منطقة الخليج وبهذا المعنى فإن العملية العسكرية في اليمن جاءت لتعبر عن توجهين مترابطين هما: - تقديم المساعدة للحكومة الشرعية في اليمن. - حماية الشعب اليمني من السيطرة الحوثية. وأضاف ابن صقر: إن عاصفة الحزم خارج اليمن حملت رسالة واضحة تؤكد استعداد دول التحالف الخليجي باتخاذ قرارات صعبة مكلفة في حال وجود تهديد لأمنها القومي، كما أكدت عاصفة الحزم امتلاك المملكة وحلفائها بدول الخليج امتلاك قدرات عسكرية ضاربة. وواصل المتحدثون احتفاءهم بعاصفة الحزم وتحليل الأسباب التي أدت لانطلاق عاصفة الحزم، حيث حمل الأستاذ نجيب غلاب رئيس منتدى الجزيرة العربية والكاتب اليمني الباحث في العلوم السياسية الانقلاب الحوثي مسئولية ما حدث حيث قال: إن الانقلاب الحوثي بداية لإعلان اليمن منطلقًا للنفوذ الإيراني الأكثر تأثير في المجال العربي لنشر الفوضى والإرهاب، فاليمن بالنسبة لنظام الملالي ليس إلا أداة وظيفية لإدارة حروبه ضد العرب عبر وكلاء محليين. بعد ذلك تحدث غلاب عن السياسة الخارجية اليمنية ودور اليمن المستقبلي وقال: إن اليمن الجديد بحاجة إلى بناء كتلة وطنية واسعة عمودها الفقري الأجيال الجديدة فهي أكثر قدرة على بناء تيارات عقلانية متزنة متحيزة للمصالح السياسية ورغم خبرتها الضعيفة إلا أنها تمتلك القدرة والقوة والتجربة الكافية لرسم معالم اليمن الجديد بعيدًا عن تعقيدات التجربة التاريخية للدولة الحديثة التي خلقت مدرسة انتهازية يديرها دهاه بلا مشروع وطني واضح، وعملت على تجريف كل عوامل البناء الناضجة وانتهى الأمر بها أن تحولت إلى فريسة للثورة المضادة لثورة سبتمبر وجمهورية الشعب التي أسست لها ولولا التدخل العربي لنسف المشروع الوطني من جذوره لصالح مشروع كهنوتي مرتبط عضويًا بالثيوقراطية الإيرانية. وأكد العميد الركن خالد حمادة مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات أن عاصفة الحزم هي أكثر من تطور ميداني مهم بل هي بداية مرحلة جديدة وشاقة عنوانها «صياغة مفهوم الأمن القومي العربي». وأضاف حمادة: إنه وقبل الدخول في تناول هذه المتغيرات التي أقترح توصيفها بنقاط الخلل التي تعرض لها التوازن الجيو سياسي في المنطقة، لا بد من إعطاء حيز بسيط للمستوى التقني لعملية عاصفة الحزم، حيث تقتضي الأمانة المهنية القول إن مراحل التنفيذ، بدءًا من السرية التامة التي رافقت تقدير الموقف حتى اتخاذ القرار وتشكيل التحالف العملياتي وتحديد الإجراءات الميدانية، تدل على أقصى درجات الاحتراف. لقد نجحت القوات الجوية المشاركة في تحقيق التفوق في ساعات معدودة، وأحكمت الطوق البحري وقطعت طرق الإمداد، وأعادت السلطة الشرعية إلى عدن بعد سلسلة نجاحات عسكرية، مُهيأةً الظروف لمباشرة العملية السياسية برغم محاولات التعطيل التي اعتمدها المتمردون. هذا الأمر يتطلّب قُدرات وخُبرات كبيرة في مجالات القيادة والسيطرة والإعلام الحربي قد لا تتوفر في أكثر الجيوش خبرة وعراقة، مما يزيد الثقة بالقُدرات العربية ويعزز فرص التعاون والمشاركة مع قوى دولية في عمليات مُماثلة. وأضاف حمادة: لقد كان هناك محاولات كثيرة لتصوير العملية وكأنّها تدخّل للمملكة في دولة ذات سيادة تعيش أزمة سياسية بين مكوناتها وأنّه كان هناك خيارات أخرى وأنا أجزم بأنّ في هذا إغفال كبير للحقيقة. مداخلات الحضور بعد ذلك، أتيحت الفرصة لبعض المشاركات من الحضور، حيث تحدث في البداية علي الأمين من لبنان الذي تساءل ماذا لو لم تكن عاصفة الحزم حيث قال: في تقديري أن المشهد سيكون حروبًا أهلية في جميع البلدان العربية. وأكد محمد بن أحمد المحسين أن الحرب بين السنة والشيعة ليست مذهبية بل هي حربُ سياسية بحتة أحيتها إيران. وأضاف الدكتور محمد آل زلفة في مداخلته: إن عاصفة الحزم تشكل أمل للإنسان العري الذي أصيب بإحباط على مدى ثلاثة عقود بسبب بعض الحركات التي بثت الفوضى والاضطراب. وأضاف الدكتور أحمد الرضيمان بقوله: إن النظام الإيراني طغى في البلاد وأكثر فيها الفساد وهو نظام عدواني مبني على المغالطات والأوهام الباطلة.
مشاركة :