منذ 21 أبريل 2015م انطلقت عملية «إعادة الأمل» في اليمن، ومعها أصبحت المؤتمرات الصحفية لقيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن شحيحة، ولم تعد تلك المؤتمرات اليومية التي رافقت «عاصفة الحزم» هي المرافقة للتطورات العسكرية، وبات ظهور المتحدث باسم قوات التحالف العميد ركن أحمد عسيري عبر لقاءات خاطفة في القنوات الإخبارية الفضائية، ولعل ظهوره بعد غياب طويل ليقدم شرحاً واضحاً عن جزئية مهمة تمثلت في اللغط المثار عبر وسائل إعلامية مختلفة خاصة حول حادثة مستشفى (أطباء بلا حدود) في منطقة حيدان، وكان مهماً للغاية كشف كامل الحقيقة بما في ذلك نتائج التحقيق التي اطلعت عليه (أطباء بلا حدود) مما يؤكد جانباً جديراً بأن يطرح من جانبين سنتطرق لهما بما يحقق المصلحة فيهما. فجانب أول يقتضي طرحه هو أن الحرب في اليمن هي حرب غير معتادة في نمط الحروب، فالسعودية التي استجابت لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بالتدخل حماية للسلطة الدستورية التي انقلبت عليها القوى الحوثية المتحالفة مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، مما نتج عنه مسألة ذات شقين مهمين هما: إغراق اليمن في الفوضى وإدخالها ضمن مشروعها التوسعي كما حصل في العراق وسوريا ولبنان، وثانيهما السيطرة الإيرانية على باب المندب مما يهدد الأمن القومي العربي، لذلك جاءت الاستجابة السعودية وتشكيل التحالف الداعم للشرعية السياسية ليعيد اليمن من اختطافه السياسي، مع تأكيد أن تنفيذ القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي 2216 من قبل الانقلابيين لا يمنعهم من الدخول في المفاوضات السياسية التي توقفت بعد صدور مخرجات الحوار الوطني. ذلك جانب أول، وهناك جانب آخر في عملية لا بد وأن يتم تداولها بواقعية كاملها فالمملكة العربية السعودية تدرك أن علاقتها باليمن هي أعمق بكثير من هذه النتوءات التي حصلت وتحصل في بلد يعيش اضطرابات متوالية، لذلك فإن العلاقة بين السعودية واليمن تتجاوز السياسة إلى اعتبار الرياض هي الحاضن التاريخي لأزمات اليمن بكل مراحله المختلفة بداية من عهد الإمامة في الشمال، والسلطنات والمشيخات في الجنوب، ووصولاً إلى اليمن الجمهورية في صنعاء وعدن، وانتهاءً باليمن الموحد الذي تأزم منذ حرب صيف 1994م. نتفهم العلاقة السعودية مع اليمن بكل التفاصيل الدقيقة فيه من قبائله وشرائحه السياسية وحتى من خلال تضاريسه المعقدة في الشمال وسهولة المنبسطــــة في الجنوب، هي العلاقة هي التي تجعل من السعوديين يلتزمون ناحية الانتماء لكامل معتقداتهم الأصيلة في الدين والعروبة، وهذا ما يبرر التحول خلال ثلاثة أسابيع فقط من «عاصفة الحزم» إلى «إعادة الأمل»، وهذا يبرر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإنشاء مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية ودعم المملكة لجهود منظمات إنسانية لعبت أدواراً كبيرة أهمها بالتأكيد دور (الهلال الأحمر الإماراتي)، هذا الجزء هو الأهم في الحرب، وهذا الجزء يمثل الأخلاق السعودية والقيمة العظيمة التي تستمدها من كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وما أسسه المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- في أبنائه خاصة، وفي أفراد شعبه الذي يبذل أبناؤه التضحيات الجسيمة في حرب أخلاقية لم يعرف لها التاريخ مثيلا. قد يتحرج الأشقاء السعوديون من طرح هذه الوجهة من النظر، لكن لا بد وأن نطرحها كمواليد في هذه البلاد المباركة من أصول حضرمية عاشت مختلف مراحل التطور السعودي ونراقب عن كثب كيف تحرص السعودية ودول التحالف العربي على بناء اليمن رغم الحرب التي افتعلها الحوثيون بجنونهم، ويكفي أن ندلل على هذه الحرب الأخلاقية بما يقدم من أدوية ومواد إغاثة لكل المناطق المحررة في اليمن، بل إن التحالف العربي قام بثلاث عمليات لكسر الحصار عن مدينة تعز لإيصال المواد الإغاثية لسكانها، مما يضع المنظمات الدولية الإغاثية أمام مسؤوليتها التي لم تقم بها وتخاذلت فيها بينما، خاطرت قوات التحالف العربي برجالها ليقدموا المساعدات للسكان المحاصرين في المدن اليمنية. الحرب الأخلاقية في اليمن التزام أمام الله تعالى قبل أن تكون التزاما أمام القانون الدولي والمنظمات الإنسانية، حتى وإن حاول الحوثيون باستمرار الكذب والبهتان فإن الواقع يفضحهم، والحقيقة الساطعة تعريهم وتكشفهم، هذه حرب مختلفة لأن القائمين عليها مختلفون فالحرب ليست من أجل توسع أو سيطرة بل من أجل إعادة الأمل لشعب يمني عانى طويلاً من ويلات حروب حان لها أن تنتهي.
مشاركة :