حافظت العرضة السعودية على بقائها منذ قرابة 300 عام، رغم التحولات المجتمعية الكبيرة، فقد ارتبطت في البداية بالحروب وجرى استخدامها مع مرور الزمن في المناسبات والاحتفالات الرسمية والشعبية. واستخدمت العرضة السعوية في عام 1178هـ (1765م) وتحديدا في عهد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - من قبل الأمير عبدالعزيز بن محمد بن سعود في رفع معنويات الفرسان وبث الرعب في نفوس الاعداء خلال هجوم عريعر بن دجين زعيم الاحساء ومعه دهام بن دواس أمير الرياض على الدرعية، وتعد العرضة رقصة حربية تثير عزائم المقاتلين كما تضمنت القصائد البطولية التي تعرض أمجاد القادة وإنجازاتهم حيث جرى استخدامها قديماً لإخافة الأعداء بإظهار الكثرة العددية أمامهم وتخويفهم بأصوات قرع الطبول. الشوباش كانت تبدأ العرضة حينها بالحورية وهي النداء الخاص ببدايتها وأطلق عليها البيشته أو الشوباش ثم يقوم بعدها المشاركون بتنظيم الصفوف ويكون متوسطهم 40 إلى 50 عارضاً، كما يتوسط أهل الصف حامل الراية وتختتم بالزمية التي يرفع خلالها المشاركون سيوفهم وترديد أبيات للتأكيد على الولاء. وتحول استخدام العرضة مع مرور الزمن، وبعد توحيد أطراف الجزيرة العربية تحت حكم الملك عبدالعزيز عام 1351هـ (1932م) لتقام في مناسبات عدة ومختلفة كالأعياد واستقبال الملوك والرؤساء وفي المناسبات الوطنية والاحتفالات الرسمية والشعبية. وقد شكلت العرضة السعودية قاسما مشتركا في احتفالات السعوديين حيث أصبحت رقصتهم الرسمية في المناسبات المختلفة فهي رقصة الحرب والسلم والفرح، وقد عرفها العرب في أيامهم وحروبهم في الجاهلية وما بعدها، إلا أن السعوديين حافظوا عليها وطوروها وأصبحت سمة من سماتهم. العرضة النجدية كانت العرضة السعودية أكثر حضورا في ملحمة توحيد البلاد على يد الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراة - الذي كان حريصا عليها قبل انطلاق المعارك فهي رقصة الحرب المهيبة المتزنة التي تثير العزائم وتحيي في النفوس حرارة الشجاعة ولا سيما شجاعة الفرسان المقاتلين بأيديهم وتعد العرضة السعودية فناً حربيا كان يؤدى في منطقة نجد وسط البلاد وعرفت لعدة سنوات باسم العرضة النجدية ليتحول المسمى لاحقا إلى العرضة السعودية. البيرق والسيوف لعل أبرز مستلزمات العرضة السعودية الراية (البيرق) والسيوف والبنادق إضافة إلى الطبول في حين تتطلب العرضة صفوفا من الرجال يتم تقسيمهم إلى مجموعتين الأولى مجموعة منشدي قصائد الحرب، والثانية مجموعة حملة الطبول حيث يتوسط حامل العلم صفوف المجموعتين ليبدأ منشدو القصائد في أداء الأبيات وترديدها ثم تليها الرقصة مع قرع الطبول لترتفع السيوف ويتمايل الراقصون جهة اليمين أو جهة اليسار مع التقدم لعدة خطوات إلى الأمام في وقت يكون المنشدون في صف واحد، ويستخدمون طبولا مختلفة، يطلق على الكبيرة منها « طبول التخمير» أما الصغيرة منها فيطلق عليها « طبول التثليث». ولعل طبول التثليث اكتشفت مع العرضة السعودية بهدف رفع المعنويات واستعراض القوة أثناء الحروب كما تعد الأزياء الخاصة بالعرضة ركنا أساسيا لإقامتها وأدائها بما يحقق عنصر الإبهار الجمالي للراقصين حيث جرت العادة أن يلبس مؤدو العرضة زيا خاصا صنع من قماش فضفاض واسع يسمح بسهولة الحركة للراقص، ويصنع الزي من قماش أبيض اللون ويكون خفيفا وفوقه يرتدي المؤدي للعرضة قطعة سوداء تسمى القرملية وهي ذات أكمام طويلة في العادة تلبس مع الشماغ أو الغترة والعقال. سر التسمية العرضة ربما يعود إلى عرض الخيل استعدادا للمعارك وهي العادة التي درجت عليها العرب قبل الدخول في المعارك حيث كان العرب يقيمون ما يشبه الاستعراض العسكري الذي يستعرض فيه القائد جنده وخيله قبل التوجه للمعركة بغية التأكد من حسن التدريب والاستعداد لخوض غمار الحرب. وجاءت العرضة تطورا لعادة عربية قديمة عرفها العرب في حالة الحروب منذ الجاهلية وتتمثل تلك العادة في قرع الطبول وحمل السيف وترديد الشعر الحماسي وحمل الراية والبنادق، بل إن القصائد الحماسية التي تردد في العرضة تسمى الحربيات لما فيها من حماسة وكان أهالي نجد يؤدون العرضة ابتهاجا بانتصاراتهم في الحروب قبل توحيد المملكة العريبة السعودية على إيقاع حربي يصاحبه صوت الطبول المؤثر ويطلق على أصحاب الطبول الذين يقفون في الخلف طبول التخمير أما الذين في الوسط فهم طبول الإركاب ويقف في الوسط حامل البيرق «العلم».
مشاركة :