أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الثلاثاء محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قصر الكرملين بالعاصمة موسكو. وعقد الجانبان محادثات صادقة وودية ومثمرة حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية الرئيسية ذات الاهتمام المشترك وتوصلا إلى تفاهمات مشتركة جديدة ومهمة في العديد من المجالات. واتفق الجانبان على إتباع مبادئ حسن الجوار والصداقة والتعاون المربح للجانبين في دفع التبادلات والتعاون في مختلف المجالات وتعميق شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة في العصر الجديد. وفي طقس مارس المنعش في موسكو، وصل الرئيس شي إلى قصر الكرملين في موكب مهيب. وكان في استقباله فرقة خيّالة الكرملين للترحيب وحياه قائد قصر الكرملين عند ترجله من السيارة. وأقام الرئيس بوتين مراسم استقبال رسمية للرئيس شي في قاعة سانت جورج. ومع عزف موسيقى ترحيبة مهيبة، سار الرئيس شي والرئيس بوتين بخطوات كبيرة على سجادة حمراء من طرفي القاعة للقاء بعضهما البعض في المنتصف. وتصافحا بحرارة قبل أن يقفا لالتقاط الصور معا. وعزفت الفرقة العسكرية النشيدين الوطنيين للصين وروسيا. وأجرى الرئيسان محادثات ضمن مجموعة مصغرة أولا قبل عقد محادثات ضمن مجموعة موسعة. وأشار الرئيس شي إلى أن الصين وروسيا هما أكبر جارين لبعضهما البعض، مضيفا أن تعزيز وتطوير علاقات حسن الجوار طويلة الأجل مع روسيا أمر يتسق مع المنطق التاريخي ويعد خيارا إستراتيجيا للصين، ولن يتغير بأي تحول للأحداث. وأفاد الرئيس شي أنه منذ زيارته الرسمية الأولى لروسيا قبل 10 سنوات، تتمتع الصين وروسيا بالاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة، موضحا أن العلاقات بين البلدين زادت قوة على قوة، مما يدل على تميزها بأنها أكثر شمولا وأكثر عملية وأكثر إستراتيجية. وقال الرئيس شي إنه خلال هذه الزيارة، رأى العديد من الروس العاديين في الشارع يلوحون بأيديهم للموكب الصيني في إظهار لحسن النية. وهو يرى بوضوح أن العلاقات الصينية الروسية تحظى بدعم شعبي قوي. وذكر أنه بغض النظر عن الكيفية التي قد يتغير بها المشهد الدولي، ستظل الصين ملتزمة بتعزيز شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الجديد، مشيرا إلى أن زيارة الدولة التي يقوم بها حاليا إلى روسيا هي رحلة صداقة وتعاون وسلام. والصين على استعداد للعمل مع روسيا للبناء على الإنجازات السابقة، وإثراء شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة في العصر الجديد، وتحقيق المزيد من المنافع لشعبي البلدين وتقديم مساهمة أكبر في التقدم البشري. ولفت الرئيس شي إلى أن التغيرات التي لم يشهد لها مثيل منذ قرن من الزمن تتطور بشكل أسرع، وأن ميزان القوى الدولي يمر بتحول عميق. وباعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي ودولتين كبيرتين في العالم، تتحمل الصين وروسيا مسؤوليات طبيعية لبذل جهود مشتركة لتوجيه وتعزيز الحوكمة العالمية في اتجاه يلبي توقعات المجتمع الدولي ويعزز بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. وقال إنه يتعين على الجانبين دعم بعضهما البعض في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية لكل منهما، ومقاومة التدخل في الشؤون الداخلية من قبل القوى الخارجية بشكل مشترك، داعيا الجانبين إلى تعزيز التواصل والتنسيق في الشؤون الدولية، وخاصة ضمن الأمم المتحدة ومنظمة شانغهاي للتعاون و”بريكس” وغيرها من الأطر متعددة الأطراف، وممارسة التعددية الحقيقية، ومعارضة الهيمنة وسياسات القوة، والمساهمة في الانتعاش الاقتصادي العالمي بعد جائحة كوفيد-19، ودفع الاتجاه نحو عالم متعدد الأقطاب، وتعزيز إصلاح وتحسين نظام الحوكمة العالمية. واستمع الرئيسان شي وبوتين إلى تقارير من كبار المسؤولين في الإدارات الحكومية المعنية في البلدين بشأن التعاون في مختلف المجالات. وذكر الرئيس شي أنه بفضل الجهود المشتركة، عمقت الصين وروسيا الثقة السياسية المتبادلة والمصالح المتقاربة والتفاهم بين الشعبين، مضيفا أن تعاونهما في مجالات مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والتبادلات الشعبية والثقافية، وكذلك على المستويات المحلية قد أحرز تقدما مستمرا، مبينا أن هناك المزيد من المجالات وحتى توافق أكبر في الآراء بشأن التعاون. وقال إن الصين في العام الأول من التنفيذ الكامل للمبادئ التوجيهية التي حددها المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، وستعزز نمط تنمية جديدا بوتيرة أسرع وستعزز التنمية عالية الجودة وستدفع التحديث الصيني في جميع النواحي. ولدى إشارته إلى أن التعاون الصيني-الروسي يتمتع بإمكانات ومساحة كبيرتين ويتميز بالأهمية الإستراتيجية والموثوقية والاستقرار، قال الرئيس شي إن الجانبين بحاجة إلى تعزيز التنسيق الشامل، وتعزيز التجارة في المجالات التقليدية، مثل الطاقة والموارد والمنتجات الكهروميكانيكية، وتعزيز مرونة سلاسل الصناعة والتوريد باستمرار، وتوسيع التعاون في مجالات تشمل تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي والزراعة وتجارة الخدمات، مضيفا أنه يتعين عليهما تعزيز التعاون في مجالات الابتكار وتسهيل الخدمات اللوجستية والنقل العابرة للحدود. وأفاد أنه يتعين على الجانبين ترسيخ الركيزة المتمثلة في التبادلات الشعبية، داعيا إلى بذل الجهود لتشجيع المزيد من التفاعلات بين المقاطعات الصينية وشقيقاتها من الولايات الروسية وكذا بين المدن الشقيقة، وضمان نجاح أعوام التبادل الرياضي، وتيسير حركة الأفراد بين البلدين. وقدم بوتين مرة أخرى تهاني روسيا الحارة بمناسبة إعادة انتخاب شي رئيسا للصين بالإجماع وتشكيل حكومة جديدة في الصين. وقال إن العلاقات الروسية-الصينية تتطور بشكل جيد للغاية، مبينا أن تقدما جيدا قد تحقق في جميع مجالات التعاون الثنائي. وأشار الرئيس بوتين إلى أن أنشطة التبادلات والتعاون جارية بين الحكومات والهيئات التشريعية على مختلف المستويات وفي مجالات مختلفة، مضيفا أنه وسط بيئة معقدة، مثل انتشار فيروس كوفيد-19، خالفت التجارة الروسية الصينية الاتجاه السائد وحققت نموا. وأعرب عن أمله بأن يستفيد الجانبان بشكل كامل من قنوات التبادل الحالية لديهما وأن يعملا من أجل تحقيق تقدم جديد في التعاون العملي في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والفضاء والنقل والخدمات اللوجستية عبر الحدود، والنهوض بالتبادلات الشعبية والثقافية في الرياضة والسياحة، وكذلك على المستويات المحلية، نحو آفاق جديدة. وأوضح الرئيس بوتين أن روسيا تدعم الصين بحزم في التمسك بمصالحها المشروعة في القضايا المتعلقة بتايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ، مضيفا أن روسيا تهنئ الصين على النجاح في المساعدة في تحقيق نتائج تاريخية من المحادثات بين السعودية وإيران في بكين، مما يظهر بشكل كامل مكانة الصين المهمة وتأثيرها الإيجابي كدولة كبرى في العالم. ولفت إلى أن روسيا تقدر الصين لتمسكها المستمر بموقف موضوعي ومحايد في الشؤون الدولية، وتدعم كل من مبادرة الأمن العالمي ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الحضارة العالمية التي طرحتها الصين، وتقف على أهبة الاستعداد لمواصلة تعزيز التنسيق الدولي مع الصين. وأعرب الرئيسان شي وبوتين عن ثقتهما في أن التبادل بين الجانبين خلال الزيارة يتسم بالتعمق والثراء والشمول، كما أنه ضخ قوة دفع جديدة في تطوير شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الجديد. ووجها الإدارات المختصة في البلدين لمتابعة التفاهمات المشتركة التي تم التوصل إليها على المستوى الرئاسي وتعزيز التواصل والعمل بشكل أوثق مع بعضهما البعض لتحقيق تقدم جديد وأكبر في التعاون العملي بين الصين وروسيا ودفع التنمية والنهضة في كلا البلدين. واتفقا على البقاء على اتصال وثيق من خلال وسائل مختلفة لتوجيه النمو السليم والمطرد للعلاقات الصينية-الروسية بشكل مشترك. وعقب المحادثات، وقع الرئيسان شي وبوتين بيانا مشتركا لجمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي بشأن تعميق شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة في العصر الجديد، وبيانا مشتركا لرئيس جمهورية الصين الشعبية ورئيس الاتحاد الروسي بشأن الخطة التنموية للمجالات ذات الأولوية للتعاون الاقتصادي بين الصين وروسيا قبل عام 2030. وخلال الزيارة، وقع الجانبان أيضا وثائق تعاون ثنائي في مجالات مثل الزراعة والغابات والبحوث العلمية والتكنولوجية الأساسية وتنظيم السوق ووسائل الإعلام.
مشاركة :