أردوغان يحاول إنقاذ خياراته الاقتصادية قبل الانتخابات التركية

  • 3/24/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أنقرة - يعكس رفض قطب الاقتصاد التركي السابق محمد شيمشك العودة إلى معترك السياسة رفضه دفع الحزب الحاكم، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، بإعادة بناء مصداقيته الاقتصادية، قبل أقل من شهرين على انتخابات مهمة. وقال عدد من المصادر المطلعة إن أردوغان الذي قاد تركيا لعقدين لكنه يحتل مرتبة متأخرة في استطلاعات الرأي قبل انتخابات الرابع عشر من مايو، ناشد شيمشك شخصيا أن يعود إلى الحكومة ويتولى دورا رئيسيا. وكان بعض أعضاء حزب العدالة والتنمية يريدون أن يدافع شيمشك عن خطاب الحزب في الآونة الأخيرة الداعي إلى المزيد من سياسات السوق الحرة بعد سنوات من السياسات الاقتصادية غير التقليدية، في ظل حكم أردوغان، مما أضر بالليرة التركية وفاقم التضخم. ولكن بعد اجتماع الاثنين في مقر حزب العدالة والتنمية، قال شيمشك الذي يحظى باحترام المستثمرين الدوليين، على تويتر إنه غير مهتم بالعمل في “السياسة” بعد استقالته من منصب نائب رئيس الوزراء في عام 2018. وأضاف أنه مستعد لتقديم أي نوع من الدعم في مجاله. ويقول محللون ومستثمرون إن هذه التطورات تظهر صعوبة إعادة تعيين الحكومة التي تسببت سياساتها في أزمة زيادة كلفة المعيشة وتركت الاقتصاد والأسواق المالية خاضعة إلى حد كبير لإدارة الدولة. وقال إرتان أكسوي، من شركة أكسوي ريسيرش لاستطلاعات الرأي، إن “رفض شيمشك توحيد الصفوف ليس المؤشر الأول ولا الأخير على تقلص الدعم للحكومة“. وقال عمر جيليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، بعد الاجتماع، إن أردوغان لم يعرض على شيمشك منصبا رسميا، لكن “جميع آليات وواجبات الحزب” متاحة أمامه. وقال مسؤول حكومي كبير إن حزب العدالة والتنمية منقسم إلى حد ما مع اعتراض بعض الأعضاء على عودة شيمشك، ووصف نتيجة اجتماع أردوغان بأنها “غير مرغوبة”. وأضاف أن الحزب قد يحتاج الآن إلى مراجعة برنامجه الاقتصادي قبل الحملة الانتخابية. أردوغان ناشد شخصيا محمد شيمشك أن يعود إلى الحكومة ويتولى دورا رئيسيا وقال مسؤول في حزب العدالة والتنمية إن عودة شيمشك كانت ستعزز استطلاعات الحزب. وقال المصدر “نواجه مشكلة في ما يتعلق بالصورة الاقتصادية في الوقت الحالي. لا جدال في ذلك”. وأضاف أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات جديدة. وقال مسؤول آخر في الحزب إن بيانه الانتخابي المعدل قد يتضمن سياسات أكثر “توازنا” أو “تباينا”، بدلا من نهج السوق الحرة التقليدي الذي سعى إليه البعض. ورفض حزب العدالة والتنمية التعليق على احتمال أن يراجع إستراتيجيته الاقتصادية قبل التصويت. ورفض شيمشك التعليق على لقائه مع أردوغان. وأدى تصميم أردوغان على خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي إلى ارتفاع معدل التضخم إلى أكثر من 85 في المئة العام الماضي. وفقدت الليرة 80 في المئة من قيمتها مقابل الدولار في خمس سنوات، وهي الفترة التي فر فيها المستثمرون الأجانب إلى حد كبير من السوق الناشئة الكبيرة. وأشارت تقديرات إلى أن الكلفة الاقتصادية للزلازل المدمرة التي وقعت في جنوب تركيا في السادس من فبراير، بلغت نحو 104 مليارات دولار مما فاقم الضغوط على الاقتصاد. وتلقت كتلة المعارضة التي تعهدت بالتراجع عن سياسات أردوغان الاقتصادية دفعة دعم الأربعاء، حين قال حزب كبير مؤيد للأكراد إنه لن يطرح مرشحا رئاسيا، مما أثار احتمالات الحصول على دعمه. رفض قطب الاقتصاد التركي محمد شيمشك توحيد الصفوف ليس المؤشر الأول ولا الأخير على تقلص الدعم للحكومة وأظهر استطلاعان أجراهما في الآونة الأخيرة مركزا أم.إي.كيه وتركيا رابورو لاستطلاعات الرأي أن منافس الرئاسة المعارض كمال كليجدار أوغلو متقدم بنسبة تتراوح بين أربع وتسع نقاط مئوية على أردوغان. وقال تورهان كوميز، كبير مستشاري ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح، على قناة تلفزيونية الثلاثاء “حزب العدالة والتنمية… مندهش وفي حالة من الذعر الشديد. إنه يضغط على جميع الأزرار في نفس الوقت”. وعلى الرغم من وصف أردوغان نفسه بأنه “عدو” أسعار الفائدة، أبدى الرئيس التركي أحيانا دعمه لسياسات السوق الحرة في السنوات القليلة الماضية. لكنه بعد ذلك غير نبرته مرة أخرى واعتمد نموذجا يعطي الأولوية للإنتاج والصادرات والائتمان الرخيص المستهدف. ويعتمد الاقتصاد التركي بشكل كبير على تدفقات رأس المال كما يعتمد على تمويل القطاع الخاص، وتربح تركيا أموالا طائلة من خلال إقراض باقي البنوك والشركات الكبرى. وفي الفترة التي سبقت الأزمة، انخفضت تدفقات الاستثمار بسبب تشاجر أردوغان مع باقي البلدان التي كانت بمثابة مصدر رئيسي للتدفقات المالية مثل ألمانيا وفرنسا. وأصبحت هناك مخاوف لدى المستثمرين الأجانب بخصوص انخفاض قيمة الليرة، كما انخفضت أيضا تدفقات الاستثمار بسبب قمع الحكومة للحريات، وبحلول نهاية عام 2017 بلغت ديون الشركات التركية بالعملة الأجنبية 214 مليار دولار، وبلغ إجمالي الدين الخارجي 453.2 مليار دولار، مما أدى إلى تفاقم الأزمة. الكلفة الاقتصادية للزلازل المدمرة التي وقعت في جنوب تركيا في السادس من فبراير، بلغت نحو 104 مليارات دولار مما فاقم الضغوط على الاقتصاد ومن أهم الأسباب أيضا التي أدت إلى تفاقم الأزمة عدم استقلالية البنك المركزي، حيث إن من أهم الأسباب التي دفعت قيمة الليرة التركية إلى الانخفاض أمام الدولار هو تدخل الرئيس أردوغان في قرارات البنك المركزي، حيث أصدر تعليمات بمنع البنك المركزي من تعديل أسعار الفائدة، مما أدى إلى تدهور قيمة العملة وبالتالي ارتفعت معدلات التضخم في تركيا. ويتوقع اقتصاديون استمرار تراجع النمو الاقتصادي في البلاد قبيل الانتخابات الرئاسية. وقال مسؤولون ومحللون أتراك إنّ “معدل التوظيف والناتج المحلي الإجمالي يشكلان عاملين لا يمكن توقع ارتداداتهما في الانتخابات بالنسبة إلى الرئيس، الذي تضررت سمعته السياسية المؤيدة للنمو في الأعوام الأخيرة، في ظل ارتفاع التضخم وانهيار الليرة إلى مستويات متدنية تاريخية”. ولطالما كان العامل الاقتصادي محددا لسلوك الناخب التركي على مدار الأعوام الماضية، وهناك قسم كبير كان ينتخب الرئيس التركي الحالي أردوغان، رغم الاختلاف الأيديولوجي معه، بدوافع اقتصادية تتعلق بالنتائج الجيدة التي حققها الحزب في القطاع الاقتصادي خلال الأعوام الأولى من حكمه. لكن اليوم، ومع تراجع الأوضاع الاقتصادية، تلقي الأزمة بظلال ثقيلة على حظوظ حزب العدالة والتنمية في الشارع السياسي التركي، وتؤثر بشكل سلبي على حظوظه في الانتخابات.

مشاركة :