حالة من الجدل تسود الأوساط التونسية عقب تصريح وزير الخارجية الأمريكية، انتوني بلينكن، الذي أكد فيه أن تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي محذرا من أن “الاقتصاد التونسي قد يتجه إلى المجهول. حيث عبر شق واسع من التونسيين عن رفضهم أي تدخلات خارجية في شؤونهم الداخلية تماشيا مع موقف الرئيس التونسي قيس سعيد. يأتي هذا بينما أثارت تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي تحدث عن مخاوف من “انهيار” تونس، غضبا عبرت عنه وزارة الخارجية التونسية في بيان يصف التصريحات بأنها “غير متناسبة” ومبالغ فيها. يأتي هذا بعد أيام من بيان البرلمان الاوروبي حول إدانة ما اسماه الاعتداءات على الحريات في تونس. وكان الرئيس التونسي، قيس سعيد، قد صرح برفض أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي التونسي، مؤكدا أن حملة الاعتقالات لا تستهدف مصادرة الحريات وحق التعبير بل تهدف لإيقاف مخططات الفوضى ومحاسبة المتآمرين على الأمن القومي في وقت تتباين فيه المواقف حول هذه التصريحات الخارجية. ومنذ انتقال تونس من منظومة حكم الإخوان إلى المسار السياسي الجديد بقيادة سعيد تتعثر مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي لمساعدة تونس اقتصاديا، فيما لا تزال عدة هيئات دولية تبدي قلقها من مستقبل العملية السياسية في البلاد. وفي هذا السياق، قالت القيادية في حزب التيار الشعبي، أمل الحمروني، إن الشعب التونسي بات مدركا لحقيقة نوايا المتحدثين الغربيين ونواياهم النابعة من العقلية الاستعمارية التي لم يتخلصوا منها حتى الآن بالتدخل الصارخ في الشأن التونسي. وأشارت إلى أنه لا يمكن إنكار حقيقة صعوبة الوضع الاقتصادي التونسي، لكن وصفه بأنه يقارب الانهيار والمبالغة في توصيف الوضع هو أمر مرفوض، مؤكدة أن ممثلي تلك الدول هم من ساهموا في تعميق الأزمة عبر الضغط على السلطة التونسية. ولفتت إلى أن هناك أطرافا سياسية تونسية تستثمر في تلك التصريحات الغربية من أجل ربط الوضع الاقتصادي بعملية المحاسبة، وهم بالأساس حركة الإخوان وحلفاءها، ورأت أنه من حق الدولة التونسية أن تراجع علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي وأن تطمح في بناء علاقات جديدة مع محاور أخرى من شأنها أن تساعدها على النهوض الاقتصادي دون التدخل في القرار التونسي. فيما أوضح الناشط النقابي والكاتب الصحفي بصحيفة الشعب الناطقة باسم اتحاد الشغل، نصر الدين ساسي، أن مسألة الاستقلالية والسيادة الوطنية هي قضية ليست محلا للجدل أو ارتهان لأي طرف، مشددا على أن تونس دولة مستقلة ذات سيادة ولا يمكن أن يتدخل في تسيير وإدارة شأنها الداخلي أي طرف. وأوضح أن يجب أن يكون الحل للأزمات الداخلية تونسياً، وأن يصدر الحل الأول من تونس، على مستوى تدعيم الموارد، وإجراء الحوار الاجتماعي مع مختلف أطراف الانتاج وفي مقدمتهم النقابات.
مشاركة :