دوّن هاري كين اسمه بأحرف ذهبية في تاريخ منتخب إنجلترا لكرة القدم بفضل مثابرته وشهيته التهديفية. رفع مهاجم توتنهام رصيده من الأهداف الدولية إلى 54 هدفاً بعد أن سجل هدفاً في مرمى إيطاليا من ركلة جزاء، لينفرد بالرقم القياسي لعدد الأهداف مع منتخب «الأسود الثلاثة» والذي كان يتقاسمه مع واين روني. قاد فريقه للفوز 2-1 في مستهل مغامرته في التصفيات المؤهلة إلى كأس أوروبا 2024. كما تفوق كين أخيراً على أسطورة توتنهام السابق جيمي غريفز عندما أصبح أفضل هداف في تاريخ النادي الواقع في شمال لندن. وعلى الرغم من هذه الإنجازات الشخصية، فإن مسيرة كين لا تزال تفتقد الألقاب؛ لأن المهاجم لم يفز بأي لقب حتى الآن مع ناديه أو منتخب بلاده، لكنه لعب دوراً رئيسياً في عودة بلاده إلى التنافس في البطولات الكبرى، وخير دليل على ذلك بلوغه نصف نهائي مونديال روسيا عام 2018، ثم نهائي كأس أوروبا صيف عام 2021. وبمجرد تخطي كين أسماءً لامعة في تاريخ المنتخب الإنجليزي أمثال روني وغاري لينيكر وبوبي تشارلتون، فهو أمر مدهش لكن ما يزيد من أهمية هذا الإنجاز الشكوك التي رافقت بداية مسيرته. شكك كثيرون في قدرة كين على الوصول إلى أعلى مستوى بعد انضمامه إلى أكاديمية توتنهام عام 2009. فصلت فترة زمنية تقارب السنتين بين هدف كين الأول لتوتنهام ضد شامروك روفرز عام 2011 وهدفه التالي ضد هال سيتي عام 2013. أعاره توتنهام إلى ليتون أورينت ثم ميلوول فأظهر بعض قدراته التهديفية، لكنه بلغ الحضيض لدى فترتي إعارة مع ليستر سيتي ونوريتش سيتي موسم 2012-2013. فشل كين في التسجيل في صفوف نوريتش، واكتفى بإحراز هدفين فقط مع ليستر سيتي الذي كان يلعب في الدرجة الثانية. ويقول كين عن هذه الفترة: «كانت تلك أدنى لحظات في حياتي. كان عمري 19 عاماً، أعيش بعيداً عن المنزل ولا ألعب. لديك دائماً هذا الشك. إذا كنت لا تلعب هناك، فكيف ستلعب مع توتنهام؟». غريزة طبيعية وعلى الرغم من معاناته، تمكن كين من التأقلم مع التعامل البدني للاعبي دوري الدرجة الأولى «تشامبيونشيب»، فكانت خطوة مهمة في نضجه ليصبح واحداً من أفضل المهاجمين في العالم. قال مهاجم توتنهام في حديث سابق لصحيفة «ديلي ميل»: «حدث هذا كثيراً عندما كنت على سبيل الإعارة. في إحدى المرات قال لي أحد المدافعين: لم أحصل على بطاقة صفراء بعد، سأستخدمها ضدك». وتابع: «الشيء المضحك هو أنه بعد دقيقتين تنافس كلانا على كرة رأسية، وانتهى به الأمر على الأرض. هذا جعلني سعيداً جداً». أُعجب مدرب توتنهام السابق الأرجنتيني ماوريتسيو بوكيتينو بقدرات كين التهديفية فوضع ثقته به خلال موسم 2014-2015. كان كين عند حسن ظن مدربه فيه فردّ بسلسلة من الأهداف التي سرعان ما أكسبته شهرة دولية. سجل هدفاً بعد ثوانٍ فقط من ظهوره الأول مع منتخب إنجلترا كبديل أمام ليتوانيا عام 2015. لكن تجربته الأولى في بطولة كبرى كانت الأكثر حرجاً في تاريخ إنجلترا؛ فقد فشل كين في التسجيل في أربع مباريات في كأس أوروبا 2016، حيث خرج رجال المدرب روي هودجسون أمام أيسلندا في دور الستة عشر. أدت هذه التجربة إلى عدم رفع التوقعات بعد عامين في كأس العالم في روسيا، لكن كين كان على الموعد، وتُوج هدافاً للبطولة برصيد 6 أهداف ليقود فريقه إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ 28 عاماً، ثم المركز الرابع. ويقول كين عن نجاعته التهديفية: «إنها غريزة طبيعية. عندما تسلم الكرة، يتولى جسدي المسؤولية ويصبح ذهني فارغاً». كان منتخب «الأسود الثلاثة» قاب قوسين أو أدنى من التتويج بأول لقب كبير له منذ إحرازه كأس العالم عام 1966 على أرضه، وذلك عندما بلغ نهائي كأس أوروبا صيف 2021، وواجه إيطاليا على ملعب ويمبلي الشهير في لندن، لكن الأخيرة حرمته من ذلك بفوزها عليه بركلات الترجيح. عاش كين خيبة أخرى في مونديال قطر 2022 عندما أهدر ركلة جزاء كانت كفيلة بإدراك إنجلترا التعادل ضد فرنسا، لكنه أطاح الكرة عالياً ليخرج فريقه في ربع النهائي بخسارته 1-2. عوّض كين تلك الخيبة عندما نجح في تسجيل من ركلة جزاء أيضاً في مرمى الحارس الإيطالي جانلويجي دوناروما ليستأثر بالرقم القياسي لأفضل هداف في تاريخ منتخب بلاده رافعاً رصيده إلى 54 هدفاً، كما أسهم الهدف في فوز فريقه 2-1 ليضعه على الطريق الصحيح نحو بلوغ نهائيات كأس أوروبا 2024 المقررة في ألمانيا. شعر غاريث ساوثغيت المدير الفني للمنتخب الإنجليزي بأن الاستثنائي كين أظهر «قوته الذهنية» من خلال تسجيله هدفه التاريخي أمام إيطاليا. وأثنى ساوغيت على قائد الفريق، الذي تقدم لكتابة التاريخ في أول مباراة للمنتخب الإنجليزي، بعدما أهدر ركلة الجزاء الحاسمة أمام المنتخب الفرنسي. وقال: «كين كان استثنائياً. تحطيم الرقم القياسي في هذه الظروف يظهر مدى القوة العقلية التي يمتلكها». وأضاف: «إنه إنجاز استثنائي، اللاعبون هتفوا له، وكان هذا رد فعل لتحطيمه الرقم، وما عانى منه في البطولة في قطر».
مشاركة :