المحكمة الجنائية الدولية.. وازدواجية المعايير الغربية

  • 3/24/2023
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬أصدرت‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أبرز‭ ‬مذكرة‭ ‬توقيف‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬إنشائها،‭ ‬ضد‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬‮«‬فلاديمير‭ ‬بوتين»؛‭ ‬حيث‭ ‬اتهمته‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وكذلك‭ ‬مذكرة‭ ‬أخرى‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬ماريا‭ ‬لفوفا‭ ‬بيلوفا‮»‬،‭ ‬مفوضة‭ ‬الرئاسة‭ ‬الروسية‭ ‬لحقوق‭ ‬الطفل،‭ ‬فيما‭ ‬حُكم‭ ‬على‭ ‬كليهما‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬عن‭ ‬إبعاد‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬الأوكرانيين‭ ‬من‭ ‬وطنهم‭ ‬ومحاولات‭ ‬جعلهم‭ ‬مواطنين‭ ‬روس‭ ‬بالقوة‭.‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬المحكمة‮»‬،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬فرانك‭ ‬جاردنر‮»‬،‭ ‬و«أنطوانيت‭ ‬رادفورد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تؤتي‭ ‬تلك‭ ‬المذكرة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية؛‭ ‬لأن‭ ‬المحكمة‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬صلاحيات‭ ‬لتوقيف‭ ‬المتهمين‮»‬،‭ ‬و‮«‬يمكنها‭ ‬فقط‭ ‬ممارسة‭ ‬مهام‭ ‬الولاية‭ ‬القضائية‭ ‬داخل‭ ‬أعضائها‭ ‬من‭ ‬الدول‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬ليست‭ ‬روسيا‭ ‬واحدة‭ ‬منهم؛‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الخطوة‭ ‬الرمزية‭ ‬تضع‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الليبي‭ ‬‮«‬معمر‭ ‬القذافي‮»‬،‭ ‬والسوداني‭ ‬‮«‬عمر‭ ‬البشير‮»‬،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬اتهامات‭ ‬رسمية‭ ‬مباشرة‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭.‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬توقيت‭ ‬المذكرة‭ ‬يتزامن‭ ‬مع‭ ‬الذكرى‭ ‬العشرين‭ ‬لغزو‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬للعراق،‭ ‬والذي‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬كاثرين‭ ‬غالاغر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الحقوق‭ ‬الدستورية‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬حرب‭ ‬‮«‬عدوانية‭ ‬وغير‭ ‬قانونية»؛‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬أليس‭ ‬سبيري‮»‬،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬ذي‭ ‬انترسيبت‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أدى‭ ‬دعم‭ ‬الغرب‭ ‬للمساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إثارة‭ ‬اتهامات‭ ‬بالنفاق‭ ‬والازدواجية‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬الأعمال‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الغرب،‭ ‬بحق‭ ‬العراق‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭.‬ ومنذ‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬تم‭ ‬توثيق‭ ‬مزاعم‭ ‬واتهامات‭ ‬متعددة‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬أثار‭ ‬اكتشاف‭ ‬مقابر‭ ‬جماعية‭ ‬لضحايا‭ ‬مدنيين‭ ‬في‭ ‬بلدة‭ ‬‮«‬بوتشا‮»‬،‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬دعوات‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬محكمة‭ ‬دولية‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬محاكمات‭ ‬‮«‬نورمبرغ‮»‬‭ ‬الألمانية‭ ‬الشهيرة،‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحقيق‭ ‬وإدانة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الروس‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الجرائم‭.‬ وبينما‭ ‬أشار‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬آمي‭ ‬ماكينون‮»‬،‭ ‬و«كريستينا‭ ‬لو‮»‬،‭ ‬و‮«‬جاك‭ ‬ديتش‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬أول‭ ‬اتهامات‭ ‬دولية‭ ‬تُوجه‭ ‬ضد‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الروس‮»‬،‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬الحرب؛‭ ‬فقد‭ ‬أشير‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬و«بيلوفا‮»‬،‭ ‬اتهما‭ ‬بعمليات‭ ‬‮«‬ترحيل‭ ‬غير‭ ‬قانونية‮»‬،‭ ‬لأطفال‭ ‬أوكرانيين‭ ‬من‭ ‬أراضيهم،‭ ‬التي‭ ‬استولت‭ ‬عليها‭ ‬روسيا‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«جامعة‭ ‬ييل‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬توظف‭ ‬‮«‬شبكة‭ ‬من‭ ‬المعسكرات‭ ‬والمرافق‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‮»‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬التعليم‮»‬،‭ ‬والتبني‭ ‬القسري‭ ‬لما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬6000‭ ‬طفل‭ ‬أوكراني‭ ‬داخل‭ ‬روسيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬بمثابة‭ ‬خرق‭ ‬لاتفاقيات‭ ‬جنيف،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬‮«‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬صريحة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬‮«‬هارولد‭ ‬كوه‮»‬،‭ ‬المستشار‭ ‬القانوني‭ ‬السابق‭ ‬للخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إن‭ ‬سرقة‭ ‬الأطفال‭ ‬عمل‭ ‬‮«‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تفسير‭ ‬بريء‭ ‬له‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬ديان‭ ‬ديزييرتو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬نوتردام‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬لائحة‭ ‬الاتهام‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية،‭ ‬ستفتح‭ ‬الباب‭ ‬للتحقيق‭ ‬مع‭ ‬موسكو‭ ‬في‭ ‬‮«‬الانتهاكات‭ ‬المتعددة‮»‬‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان؛‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬مسؤول‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬‮«‬جوزيب‭ ‬بوريل‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬‮«‬مجرد‭ ‬بداية‭ ‬لعمليات‭ ‬المساءلة‭ ‬ومحاسبة‭ ‬روسيا‭ ‬وقادتها‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬مراقبون‭ ‬إلى‭ ‬تحديات‭ ‬كبرى‭ ‬أمام‭ ‬ضمان‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭. ‬ومع‭ ‬تحذير‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬ماكينون‮»‬،‭ ‬و«جرامر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحجم‭ ‬الهائل‮»‬،‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬المزعومة‭ ‬‮«‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أمرا‭ ‬مرهقًا‭ ‬للغاية‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬المحكمة‭ ‬وحدها‭ ‬معالجتها‭ ‬والتحقيق‭ ‬فيها؛‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬حقيقة‭ ‬واضحة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بشرعية‭ ‬المحكمة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬سيتجنب‭ ‬اعتقاله‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تخيل‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬سيواجه‭ ‬أية‭ ‬مساءلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬ماكينون‮»‬،‭ ‬و«لو‮»‬،‭ ‬و«ديتش‮»‬،‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الانتقادات‭ ‬والاتهامات‭ ‬سوف‭ ‬‮«‬تزيد‭ ‬من‭ ‬عزلته‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬كوه‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬نزع‭ ‬شرعيته‭ ‬أو‭ ‬عزله؛‭ ‬سيضر‭ ‬بقوته‭ ‬التفاوضية‭ ‬حال‭ ‬انعقاد‭ ‬أية‭ ‬محادثات‭ ‬مستقبلية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬‮«‬دانييل‭ ‬جونسون‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬‮«‬آكابس‮»‬‭ ‬أنه‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مذكرة‭ ‬المحكمة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬تاريخ‭ ‬انتهاء‭ ‬أو‭ ‬قيود،‭ ‬فإنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬‮«‬بوتين»؛‭ ‬فإنه‭ ‬سيتم‭ ‬‮«‬مطاردته‮»‬‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الإدانة‭ ‬الرسمية‭ ‬لـ«بوتين‮»‬،‭ ‬واتهامه‭ ‬بارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬كانت‭ ‬موضع‭ ‬ترحيب‭ ‬بين‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين،‭ ‬فإنه‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الذكرى‭ ‬العشرين‭ ‬لحرب‭ ‬العراق،‭ ‬برزت‭ ‬هناك‭ ‬مقارنات‭ ‬واضحة‭ ‬مع‭ ‬مسألة‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬المساءلة‭ ‬والرقابة‭ ‬ذاتها‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬غزوها‭ ‬العسكري‭ ‬للعراق‭ ‬والإطاحة‭ ‬بنظامه‭. ‬ وبشكل‭ ‬كبير،‭ ‬عارضت‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬وأحبطت‭ ‬جهودها‭ ‬المتكررة‭ ‬للمساءلة‭ ‬عن‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬خلال‭ ‬غزوها‭ ‬للعراق‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬سبيري‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬اتخذت‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬موقفًا‭ ‬عدائيًا‭ ‬تجاه‭ ‬المحكمة‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تجلى‭ ‬في‭ ‬محاولتها‭ ‬تقييد‭ ‬تفويضها‭ ‬وسلطاتها،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬المعارضة‭ ‬الشديدة‭ ‬للتحقيقات‭ ‬معها‭ ‬وحلفائها‮»‬‭. ‬وتمت‭ ‬الإشارة‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بذلوا‭ ‬‮«‬جهودًا‭ ‬كبيرة‮»‬،‭ ‬لعرقلة‭ ‬تحقيقاتها‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭. ‬ من‭ ‬جانبه،‭ ‬انتقد‭ ‬محامي‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬‮«‬ريد‭ ‬برودي‮»‬،‭ ‬كيفية‭ ‬ربط‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬دعمها‭ ‬لتلك‭ ‬المحكمة‭ ‬بـ«ضمان‭ ‬عدم‭ ‬محاكمة‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬قبلها‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬مؤسسة‭ ‬أخرى‭ ‬معنية‭ ‬بالعدالة‭ ‬الدولية‮»‬‭. ‬وكتب‭ ‬‮«‬تشارلي‭ ‬سافاج‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬مسؤولي‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬منعوا‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مشاركة‭ ‬أدلته‭ ‬حول‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬المزعومة؛‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬الماضية‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬المساءلة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭.‬ وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬قضية‭ ‬غزو‭ ‬العراق،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬سافاج‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬سحبت‭ ‬دعمها‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬سبيري‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬المحكمة‭ ‬لم‭ ‬تفتح‭ ‬أي‭ ‬تحقيقات‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬قضية‭ ‬أمريكية‭ ‬مزعومة‭ ‬متعلقة‭ ‬بالانتهاكات‭ ‬المرتكبة‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التحقيق‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬قضيتين‭ ‬حول‭ ‬ممارسات‭ ‬‮«‬المملكة‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬دون‭ ‬إنهائهما،‭ ‬وبالتالي‮»‬‭ ‬أسهم‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬مصداقيتها‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬ذكرته‭ ‬‮«‬غالاغر‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬الافتقار‭ ‬إلى‭ ‬الإشراف‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬منظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬غزو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للعراق،‭ ‬‮«‬فلن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬لإنصاف‭ ‬ضحايا‭ ‬التعذيب‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالعراق‭ ‬وغيرها‭.‬ واستنادًا‭ ‬إلى‭ ‬الاستشهاد‭ ‬بالمسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والبريطانيين‭ ‬الذين‭ ‬أيدوا‭ ‬غزو‭ ‬العراق،‭ ‬ولكنهم‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬إدانة‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬الراهنة؛‭ ‬فقد‭ ‬أُشير‭ ‬إلى‭ ‬دعوة‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬البريطاني‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬جوردون‭ ‬براون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬محكمة‭ ‬خاصة‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مستشارة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬رئاسة‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‮»‬،‭ ‬‮«‬كوندوليزا‭ ‬رايس»؛‭ ‬ذكرت‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬‮«‬ضد‭ ‬كل‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬‭. ‬ وتعليقا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جورج‭ ‬مونبيوت‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬‮«‬يشوبها‭ ‬النفاق»؛‭ ‬لأن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬اختاروا‭ ‬إدانة‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬هم‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬‮«‬حرب‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭ ‬بالعراق‮»‬‭. ‬وخلص‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭ ‬‮«‬على‭ ‬حق‭ ‬بشأن‭ ‬روسيا»؛‭ ‬لأنها‭ ‬‮«‬ارتكبت‭ ‬جرائم‭ ‬وانتهاكات»؛‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬‮«‬بوش‮»‬،‭ ‬و«توني‭ ‬بلير‮»‬،‭ ‬في‭ ‬غزوهما‭ ‬عام‭ ‬2003‭.‬ وأشارت‭ ‬تحقيقات‭ ‬لجنة‭ ‬‮«‬تشيلكوت‭ ‬لتقصي‭ ‬الحقائق‭ ‬حول‭ ‬غزو‭ ‬العراق‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تورط‭ ‬بريطانيا‭ ‬في‭ ‬الغزو‭ ‬‮«‬عسكريا‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬‮«‬الملاذ‭ ‬الأخير‮»‬،‭ ‬ووصفه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬اللورد‭ ‬‮«‬ستاين‮»‬،‭ ‬واللورد‭ ‬‮«‬توم‭ ‬بينغهام‮»‬‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬شرعي‮»‬،‭ ‬و«انتهاك‭ ‬خطير‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬أدانه‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬مونبيوت‮»‬،‭ ‬ووصفه‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أكبر‭ ‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬القرن‮»‬،‭ ‬ووصف‭ ‬المسؤولين‭ ‬عنه‭ ‬بأنهم‭ ‬‮«‬مذنبون‮»‬‭ ‬بنفس‭ ‬القدر‭ ‬المماثل‭ ‬لحرب‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬على‭ ‬كييف‭.‬ وعند‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬الازدواجية‭ ‬الغربية‭ ‬تجاه‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬حالتي‭ ‬‮«‬أوكرانيا‮»‬،‭ ‬و«العراق‮»‬،‭ ‬يجب‭ ‬أيضًا‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ترددا‭ ‬واضحا‭ ‬للقيام‭ ‬بالإشراف‭ ‬الدولي،‭ ‬وكبح‭ ‬جماح‭ ‬الإجراءات‭ ‬التصعيدية،‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬داخل‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬وسجلها‭ ‬في‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬المتكررة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭.‬ وبنفس‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬بها‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬ضم‭ ‬الأراضي‭ ‬الأوكرانية‭ ‬رسميا‭ ‬لسيطرتها،‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬يعيش‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬700000‭ ‬إسرائيلي‭ ‬في‭ ‬250‭ ‬مستوطنة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬في‭ ‬انتهاك‭ ‬واضح‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬هذا،‭ ‬تصاعد‭ ‬عنف‭ ‬المستوطنين‭ ‬والعمليات‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭. ‬ووفقا‭ ‬لبيانات‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬‮«‬وقع‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬849‭ ‬هجومًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستوطنين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬وحده،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬العدد‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابق،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬فلسطينيًا‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬فيما‭ ‬قام‭ ‬المستوطنون‭ ‬بهجوم‭ ‬مدمر‭ ‬على‭ ‬بلدة‭ ‬‮«‬حوارة‮»‬‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والذي‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬بيثان‭ ‬ماكيرنان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬حجمه‭ ‬وضراوته‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬دعمت‭ ‬الحكومتان‭ ‬البريطانية‭ ‬والأمريكية،‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬لمحاسبة‭ ‬‮«‬روسيا»؛‭ ‬تجاهلت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الانتهاكات‭ ‬المرتكبة‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬أو‭ ‬تدخلت‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬لحماية‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬الدولية‭. ‬وبالفعل،‭ ‬عارضت‭ ‬إدارات‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬مسألة‭ ‬تحقيق‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬ممارسات‭ ‬إسرائيل،‭ ‬واستخدمت‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ ‬‮«‬الفيتو‮»‬،‭ ‬ضد‭ ‬انتقادات‭ ‬وقرارات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المناهضة‭ ‬لها‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬بدأت‭ ‬‮«‬المحكمة‮»‬،‭ ‬تحقيقًا‭ ‬رسميًا‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬المرتكبة‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬والتي‭ ‬رد‭ ‬عليها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬الجرائم‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬تجاوزًا‮»‬،‭ ‬فحسب‭ ‬وأنه‭ ‬‮«‬سيحاربه‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬أيدته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬–آنذاك‭- ‬ودعمته‭. ‬ وانعكاسًا‭ ‬أيضًا‭ ‬لازدواجية‭ ‬المعايير،‭ ‬تفاوضت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬‭ -‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬من‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬مدعوم‭ ‬من‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬بإدانة‭ ‬التحركات‭ ‬الروسية‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭- ‬على‭ ‬لوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬بسبب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها،‭ ‬لمنع‭ ‬إحراج‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬معايير‭ ‬مزدوجة‭ ‬واضحة‭ ‬بين‭ ‬دعم‭ ‬الغرب‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليه‭ ‬عبر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬بالمقارنة‭ ‬بالدعم‭ ‬ذاته‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعراقية؛‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬برودي‮»‬،‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لن‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬مطلقا‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الشيء‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يحدث‭ ‬أبدًا‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬جونسون‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوسع‭ ‬نطاقًا‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بالمساءلة‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب؛‭ ‬حيث‭ ‬أوضحت‭ ‬كيف‭ ‬أدى‭ ‬‮«‬سجل‭ ‬الإدانة‭ ‬الهزيل‮»‬‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية،‭ ‬و«الميل‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬مساءلة‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬جراء‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬الرضا‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬عملها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬‮«‬قوض‭ ‬شرعيتها‮»‬‭. ‬وبالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬سبب‭ ‬سرعة‭ ‬معالجة‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بشأن‭ ‬مدعى‭ ‬عليهم‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬من‭ ‬مسؤولين‭ ‬أفارقة؛‭ ‬أفاد‭ ‬‮«‬مونبيوت‮»‬‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالحماية‭ ‬السياسية‭ ‬الممنوحة‭ ‬للزعماء‭ ‬الغربيين،‭ ‬الذين‭ ‬‮«‬يرتكبون‭ ‬فظائع‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬نظرائهم‭ ‬الأفارقة‮»‬‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬مع‭ ‬إصدار‭ ‬‮«‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬قرارها‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬بوتين‮»‬،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬الذكرى‭ ‬العشرين‭ ‬لغزو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للعراق،‭ ‬أثيرت‭ ‬أوجه‭ ‬تشابه‭ ‬بين‭ ‬العدوان‭ ‬العسكري‭ ‬لـ«واشنطن‮»‬،‭ ‬و«لندن‮»‬،‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والعملية‭ ‬العسكرية‭ ‬لموسكو‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬حيث‭ ‬برزت‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيه‭ ‬عند‭ ‬محاسبة‭ ‬الأخيرة‭ ‬جراء‭ ‬انتهاكاتها،‭ ‬فيما‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتُكبت‭ ‬أثناء‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬تجاهل‭ ‬الفظائع‭ ‬والخروقات‭ ‬والانتهاكات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة،‭ ‬بل‭ ‬واستمرار‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرقلة‭ ‬التحقيقات‭ ‬الدولية‭ ‬أو‭ ‬الانتقادات‭ ‬المنبثقة‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية،‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وغيرها‭.‬ وعليه،‭ ‬خلصت‭ ‬‮«‬غالاغر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬سعي‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬‮«‬كأداة‭ ‬لممارسة‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬شاركت‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬قانون‭ ‬وفق‭ ‬منظورها‭ ‬الخاص‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬‮«‬سبيري‮»‬،‭ ‬ففي‭ ‬حين‭ ‬حاولت‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬تصرفات‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬وولايتها‭ ‬القضائية،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬المحكمة‭ ‬على‭ ‬محاسبتها‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬ترك‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان،‭ ‬وكذلك‭ ‬الخروقات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬عقاب‮»‬‭ ‬لعقود‭.

مشاركة :