لا تتجاوز حصة دولة مثل باكستان، في حجم الانبعاثات الكربونية المُسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على مستوى العالم، نسبة واحد في المئة، بل ربما تقل عن ذلك بشكل ملموس. رغم ذلك، فلم يسلم هذا البلد العام الماضي، من فيضانات عارمة، اجتاحت ثلث أراضيه على الأقل، وألحقت به خسائر مادية وبشرية واسعة النطاق؛ وهي الكارثة الطبيعية، التي تُعزى لتبعات «التغير المناخي»، الناجم عن ارتفاع درجة حرارة الأرض. الوضع نفسه يتكرر في منطقة القرن الأفريقي ودوله كالصومال وجيبوتي وإثيوبيا، والتي يضربها الجفاف حالياً لعام جديد، على نحو هو الأشد وطأة منذ سبعة عقود على الأقل، وذلك بسبب شُح الأمطار المتساقطة على هذه البقعة من العالم، مع أنها لا تسهم هي والقارة السمراء كلها، سوى بأقل من أربعة في المئة، من الانبعاثات الكربونية. وتعني الأمثلة السابقة، وفقا لمحللين وخبراء في مجال المُناخ، أن الدول الأقل تسبباً في حدوث «التغير المناخي»، تعاني من تأثيراته المدمرة أكثر من غيرها. ويزيد من مشكلات هذه البلدان، كونها على الأرجح من بين الأقل نمواً ودخلاً. وتوجب هذه المخاوف على المؤسسات المالية الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، زيادة الدعم الموجه لدول العالم النامي، الأكثر تأثراً بـ«التغير المناخي، لمساعدتها على دمج مبادراتها لمواجهة «الاحتباس الحراري» في خططها الرامية، لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة. وفي العام الماضي، صُنِّفَ 36 في المئة تقريباً من القروض التي منحها البنك الدولي، وهو ما تقارب قيمته 32 مليار دولار، على أنها قروض مرتبطة بالمناخ وتغيره. ولكن ذلك يظل برأي الخبراء، الذين تحدثوا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، غير كافٍ وأقل بكثير مما هو مطلوب. ويعزز ذلك ما قاله مفاوضون أفارقة بشأن تغير المناخ، قبل سنوات قليلة، من أن الكثير من الدول النامية، بما في ذلك تلك الواقعة في أفريقيا، سبق أن وضعت بالفعل خططا طموحة للحد من الانبعاثات في المستقبل، ولكن تنفيذ مثل هذه الخطط لا يزال متعذراً، بفعل نقص الدعم المالي، وعدم وفاء البلدان الكبرى بتعهداتها. ويتطلب تقديم مثل هذا الدعم، بحسب خبراء، زيادة قدرة البنك الدولي على الإقراض، بواقع مئة مليار دولار إضافية على الأقل، وهو ما يستوجب من الدول المانحة له، تحمل خُمس هذا المبلغ نقداً.
مشاركة :