انتشل الحرس الوطني التونسي الأحد، 29 جثة لمهاجرين غرقى في سواحل صفاقس ومدينة الشابة المجاورة، وأنقذ 11 شخصاً، مع تصاعد موجة الهجرة غير الشرعية نحو السواحل الإيطالية. وحسب بيان للحرس الوطني، فإن أغلب المهاجرين الذين جرى ضبطهم، والمفقودين والغرقى «يتحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء». واعتبر المتحدث باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» رمضان بن عمر، أن الأيام السبعة الماضية «مأسوية»، إذ شهدت غرق ما لا يقل عن ستة قوارب لمهاجرين غير نظاميين على حد قوله. وقال إن من الصعب تحديد عدد الضحايا، لكنه قدّر عدد المفقودين بأكثر من 80 مهاجراً. وأضاف المتحدث باسم المنتدى المهتم بالهجرة، «منع الحرس البحري على الأقل 14 ألف مهاجر من تجاوز السواحل منذ بداية السنة إلى غاية 23 مارس (آذار) الحالي، أي أكثر بأربع مرات عن العدد في الفترة نفسها من العام السابق وبعشر مرات عن 2020». وتابع: «المنظومة الأمنية تشتغل على السواحل، لكن موجة الهجرة أكبر من إمكانيات المعالجة الأمنية فقط». وعن أسباب تصاعد محاولات الهجرة غير الشرعية في الفترة الأخيرة، قال بن عمر: «ثمة عوامل مرتبطة بالوضع السياسي والاقتصادي لتونس، دفعت المهاجرين لاختيار المخاطرة بحياتهم في ظروف مناخية خطيرة بعض الشيء». ومضى قائلاً: «خطاب الرئيس قيس سعيد (بشأن المهاجرين) خلق حالة من عدم الاستقرار والرعب لدى المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بخاصة الفئات الأكثر هشاشة، التي أصبحت تبحث عن أي وسيلة للخروج مهما كانت التكاليف». وكان الرئيس سعيد قد دعا في فبراير (شباط) الماضي للحد من تدفق المهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، مشيراً إلى وجود «ترتيب إجرامي لتغيير ديمغرافية البلاد». وقال بن عمر، إن تونس «أصبحت طريقاً جديداً للهجرة نحو أوروبا». وأضاف: «حركة الهجرة مستمرة، ويظهر كل عام طريق جديد، مثل طريق البلقان العام الماضي، أو المغرب وليبيا سابقاً. ومن الواضح التركيز على تونس هذا العام». وقال المتحدث باسم «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، الذي يعنى بمسائل الهجرة، لوكالة الأنباء الألمانية: «لا يزال هناك عدد كبير من المفقودين». في السياق ذاته، أفيد الأحد بأن السلطات الأمنية في غرب ليبيا ألقت القبض على عشرات المهاجرين غير النظاميين، خلال مداهمة منطقة ملاصقة للبحر المتوسط. وشهدت ليبيا خلال الأيام الماضية تزايداً في تدفق أعداد المهاجرين على البلاد بشكل ملحوظ عبر الحدود المترامية، فيما ألقت أجهزة الشرطة المختصة القبض على عشرات منهم في مناطق بشرق وغرب البلاد. وقالت السلطات الأمنية إنها تعمل على تسيير الدوريات الأمنية على طول الشريط الحدودي، وخصوصاً بين ليبيا وتونس، عبر نقطتي «العسة» و«الأحمير». وأوضحت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أن مديرية الأمن بالقرة بوللي (غرباً)، تلقت بلاغاً من الإدارة العامة للعمليات الأمنية بوجود قارب مطاطي مُعد لتهريب مهاجرين غير شرعيين أمام أحد المنازل بمنطقة العلوص الساحلية، (95 كيلومتراً من العاصمة طرابلس). وأشارت إلى أن قوة أمنية داهمت المكان المُبلغ عنه فعثرت على القارب المطاطي، وعدد من الأشخاص من جنسيات أفريقية مختلفة، وبالتحقيق معهم أفادوا بأنهم كانوا 100 شخص يستعدون للهجرة غير المشروعة بواسطة قارب مطاطي، لكن غالبيتهم لاذوا بالهرب. ونوهت وزارة الداخلية بأنها ضبطت زورقاً آخر مُعداً لتهريب المهاجرين غير النظاميين، من قبل شخص قالت إنه مسؤول عن موت 27 أفريقياً مؤخراً بمنطقة العواشير بالعلوص، الذي صدر بحقه أمر ضبط من النيابة العامة، وجارٍ البحث عنه لتقديمه إلى العدالة. وتعتبر المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، وسط البحر المتوسط، من أخطر طرق الهجرة في العالم، حيث قدّرت اختفاء 1417 مهاجراً على هذه الطريق عام 2022. وإلى ذلك، التزم خفر السواحل الليبي الصمت حيال اتهامه من منظمة «إس أو إس ميديترانيه» الأوروبية بتعريض طاقمها للخطر «بشكل متعمد» خلال عملية إنقاذ مهاجرين في المتوسط. وكانت المنظمة، غير الحكومية، قالت في بيان مساء (السبت) إنها تلقت نداء بوجود قارب يقل مهاجرين ويعاني مشكلات في المياه الدولية قبالة ليبيا، وأشارت إلى أنه بينما كانت سفينة «أوشن فايكينغ» تقترب من القارب، وصل زورق تابع لخفر السواحل الليبي إلى الموقع، «واقترب من سفينة الإنقاذ بطريقة تُعرضها للخطر». وقال مصدر بخفر السواحل الليبي لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصره يعملون في إطار المهمة المكلفين بها، وهي حماية المياه الإقليمية، وعدم جعلها ممراً لعصابات الجريمة والمتاجرة بالبشر»، غير أن المنظمة الإنسانية، التي تتخذ من مدينة مرسيليا الفرنسية مقراً لها، قالت إن خفر السواحل الليبي تصرف «بشكل عدائي مهدداً بالسلاح ومطلقاً عدة أعيرة في الهواء»، فيما فشلت جميع محاولات الاتصال بمقر خفر السواحل في طرابلس. وتابع بيان المنظمة، بأن السفينة غادرت الموقع لضمان سلامة طاقمها، بينما «واصل خفر السواحل الليبي إطلاق النار»، مشيراً إلى أن منظمة «سي ووتش»، التي نددت أيضاً بالحادث في بيان صحافي منفصل، تمكنت بفضل طائراتها من رصد سقوط أشخاص من القارب المطاطي قبل انتشالهم. ووفقاً للمنظمة تم في النهاية اعتراض نحو 80 شخصاً من قبل خفر السواحل الليبي وإعادتهم إلى ليبيا. وسبق لمنظمة «إس أو إس ميديترانيه» الأوروبية، القول إن خفر السواحل الليبي تدخل أيضاً في شهر يناير (كانون الثاني) خلال تنفيذ «أوشن فايكينغ» عملية إنقاذ معرضاً «حياة أشخاص في البحر للخطر عن طريق منع طاقم البحث والإنقاذ على متن قارب النجاة من العودة إلى السفينة الرئيسية». وقدّرت منظمات في نهاية عام 2022 أنه جرى اعتراض نحو مائة ألف شخص منذ توقيع إيطاليا والاتحاد الأوروبي عام 2017 اتفاقية مع ليبيا، لتدريب وتجهيز فرق خفر السواحل التابعة لها.
مشاركة :