تلوح في أفق إسرائيل أزمة دستورية إذا مضى الائتلاف الحكومي في تعديلات قضائية مثيرة للجدل. وتفاقمت الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد انضمام أعضاء من حزبه الحاكم إلى دعوات المعارضة المنادية بتعليق الإصلاحات تجنبا للانقسام المجتمعي. القدس - أثارت مساعي الحكومة الائتلافية اليمينية المتشددة بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإدخال تغييرات جذرية على النظام القضائي الإسرائيلي ضجة داخلية داخل المعارضة، لكنها انتقلت مؤخرا إلى حزب ليكود الحاكم، ما يهدد بانقسامه واحتمال تقلص الأغلبية البرلمانية التي تحظى بها الحكومة. وانضم نائب بارز في الكنيست الإسرائيلي من حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو الأحد إلى دعوة أطلقها وزير الدفاع يواف غالانت لتعليق تعديلات مقترحة على النظام القضائي المثير للجدل. وتفاقم تلك الانشقاقات في حزب رئيس الوزراء وفي حكومته الضغوط الناجمة عن احتجاجات حاشدة غير مسبوقة مستمرة منذ أشهر، نظمها إسرائيليون يرون أن حزمة التعديلات تعرض استقلال المحاكم والقضاء للخطر. أوفير كاتس: من لن يصوت للإصلاحات ستنتهي مسيرته في ليكود أوفير كاتس: من لن يصوت للإصلاحات ستنتهي مسيرته في ليكود ومن المقر أن يُطرح مشروع قانون أساسي يمنح ائتلافه الحاكم المزيد من السيطرة على تعيين القضاة في الكنيست للتصديق عليه هذا الأسبوع. ولنتنياهو وحلفائه 64 مقعدا من إجمالي مقاعد الكنيست البالغ عددها 120. لكن وجود معارضة من داخل ليكود ألقى بظلال الشك على ما إذا كان هذا التصويت، الذي لم يتحدد له موعد نهائي بعد، سيجرى من الأصل. و السبت، خالف وزير الدفاع، وهو نائب عن ليكود أيضا، موقف الحزب العام وحث نتنياهو علنا على تعليق إقرار التشريع لمدة شهر، وقال إن الاحتجاجات التي خرجت على مستوى إسرائيل ضد التعديلات وانضم إليها عدد متزايد من جنود الاحتياط تؤثر على عمل القوات النظامية وتهدد الأمن القومي. وقال غالانت في تصريحات بثها التلفزيون “لن أجعل ذلك يسيرا” في إشارة إلى احتمال امتناعه عن التصويت على التصديق على مشروع القانون إذا ما جرى هذا الأسبوع. وقوبلت دعوة غالانت إلى وقف الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل، برد فعل منقسم. وبينما أيد اثنان على الأقل من أعضاء حزبه ليكود دعوته، رد أعضاء آخرون بالتحالف بغضب، بل دعا بعضهم إلى إقالته. ودعا يولي أدلشتين، النائب عن ليكود ورئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في الكنيست، الأحد أيضا إلى تعليق التعديلات القضائية لإتاحة الفرصة للنقاش والمراجعة. ولدى سؤاله خلال مقابلة عما إذا كان سيمتنع عن التصويت أو يصوت ضد مشروع القانون، لم يجب بشكل مباشر، لكنه أشار إلى عدم حضوره جلسات في الكنيست هذا الشهر. وقال أدلشتين لراديو الجيش الإسرائيلي “أحتاج إلى أن أذكركم بأنني لم أحضر القراءات الأولى لمشاريع القوانين تلك عندما لم يستمعوا لي في ليكود وتجاهلوا دعوتي إلى الحوار”. وأضاف “لا نريد أن نتخلى تماما عن التعديلات (لكن)… طرحها للتصويت قبل أن يتضح وجود دعم لها سيكون مخاطرة من الأفضل تجنبها”. ورحب النائب البارز عن ليكود دافيد بيتان بتصريحات غالانت كما تحدث النائب إيلي دالال عن تفضيله لتعليق التصديق على التشريع. لكن لم يتضح بعد إن كان هناك نواب آخرون من ليكود قد يمتنعون عن التصويت خلال طرح التشريع للتصديق عليه. وقال أوفير كاتس، رئيس الائتلاف الحكومي، في مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية “من لم يصوت للإصلاح (القضائي) هذا الأسبوع، فقد انتهت مسيرته السياسية في ليكود”. وبجانب ليكود (32 مقعدا) يضم الائتلاف أحزاب شاس (11 مقعدا) ويهدوت هتوراه (7 مقاعد) ، والصهيونية الدينية (7 مقاعد)، وقوة يهودية (6 مقاعد)، ونوعم (مقعد واحد). ومنذ قرابة 12 أسبوعا، يتظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين يوميا ضد الخطة المطروحة بنودها أمام الكنيست للتصويت عليها. الاحتجاجات ضد القانون تتسع الاحتجاجات ضد القانون تتسع ويعتزم منظمو الاحتجاجات الجماهيرية ضد الإصلاح القضائي في إسرائيل تنظيم احتجاجات يومية، تستمر أسبوعا ضد القانون المقترح. ولا يزال المتظاهرون يطالبون بأسبوع من الاضطرابات. وتضغط الحكومة من أجل تغييرات من شأنها الحد من سلطات المحكمة العليا في إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بينما تمنح النواب سلطة أكبر في تعيين القضاة. ويتطلب تعيين القضاة موافقة السياسيين والقضاة أعضاء اللجنة المعنية. ومن شأن المقترحات الحالية المتعددة تغيير ذلك بما يمنح الحكومة نفوذا أكبر كثيرا. ومُنع نتنياهو رسميا من المشاركة في مبادرة التغييرات القضائية لأنه يواجه تهما جنائية بالفساد، والتي ينفيها. لكنه قال إن التغييرات ستعزز ديمقراطية إسرائيل وتدعم الشركات. كما اتهم وسائل الإعلام والمعارضة بتشويه الخطة وتأجيج نيران الاحتجاج لإسقاط حكومته. ويعتبر نتنياهو وحلفاؤه أن قضاة المحكمة العليا غير المنتخبين مسيّسون ويتمتعون بسلطة أعلى من تلك التي يتمتّع بها النواب المنتخبون. و”الضوابط والتوازنات” الإسرائيلية هشة نسبيا. وليس لها دستور، فقط “قوانين أساسية” تهدف إلى حماية أسسها الديمقراطية، ومجلس برلماني واحد تسيطر فيه الحكومة على الأغلبية. ويقول منتقدون إن التغييرات ستضعف، في حال إقرارها، المحاكم وتسلم السلطة المطلقة للحكومة، مما يعرض الحريات المدنية للخطر مع آثار كارثية على الاقتصاد والعلاقات مع الحلفاء الغربيين. كما أن من شأن النظر إلى القضاء باعتباره غير مستقل أن يجرد إسرائيل من أحد خطوط دفاعها الرئيسية في الدعاوى القانونية الدولية. نتنياهو مُنع من المشاركة في مبادرة التغييرات القضائية لأنه يواجه تهما جنائية بالفساد، والتي ينفيها لكنه قال إن التغييرات ستعزز ديمقراطية إسرائيل وتدعم الشركات ويخشى منتقدون من أن يسعى نتنياهو لاستغلال هذا الضغط على القضاء من أجل تجميد أو إلغاء محاكمته، وهو ما ينفيه نتنياهو. وتقول المعارضة أيضا إن حلفاءه القوميين يريدون إضعاف المحكمة العليا لإقامة المزيد من المستوطنات على أراض يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم بها. وتريد الأحزاب اليهودية المتشددة في الائتلاف إقرار قانون يعفي طائفتهم من الخدمة في الجيش ويخشون أن تفسد المحكمة هذا إذا لم يتم تقليص صلاحياتها. ويهدف الائتلاف الحاكم بزعامة نتنياهو إلى التصديق النهائي على التغييرات بحلول الثاني من أبريل عندما يبدأ الكنيست عطلة الربيع. وتم تأجيل تغييرات أخرى، تمت الموافقة على بعضها في الجلسة الكاملة للكنيست في القراءات الأولى من أصل ثلاث قراءات مطلوبة للتصديق، حتى يجتمع البرلمان مجددا في الثلاثين من أبريل. واقترح الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الذي يعتبر دوره فخريا، خطة لتجاوز الأزمة الدستورية باقتراح يهدف إلى الجمع بين الحكومة والأغلبية حول قانون عام بشأن هذا الموضوع. وقال هرتسوغ “أي شخص يعتقد أن الحرب الأهلية مستحيلة ليس لديه أدنى فكرة عن مدى قربنا منها، لكنني لن أسمح بحدوث ذلك”، مضيفا أنه مقتنع بأن “غالبية الإسرائيليين يريدون تسوية”. وأضاف أن التسوية التي طرحها “يجب أن تشكّل أساسا للتفاوض ولاستبدال المشروع الحالي”. ورد نتنياهو بالقول “ما يقترحه الرئيس لم يقبل به ممثلو الائتلاف الحاكم. بعض النقاط الرئيسية في برنامجه لا تؤدي سوى إلى تمديد الوضع القائم ولا توفر التوازن المطلوب بين السلطات”. ورحّب زعيم المعارضة رئيس الوزراء السابق يائير لابيد على تويتر بطرح هرتسوغ، مؤكّدا عزمه على “بذل كل الجهود (الضرورية) لتجنّب التآكل الاقتصادي والأمني والاجتماعي الذي يضر بشكل خطير بالوحدة الوطنية”.
مشاركة :