استقبلت دولة الإمارات العربية المتحدة بالترحيب فخامة الرئيس السوري بشار الأسد في الزيارة الرسمية التي أداها للدولة برفقة قرينته السيدة أسماء، حيث استقبله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وقال سموه إن «غياب سوريا عن أشقائها قد طال وحان الوقت إلى عودتها إليهم وإلى محيطها العربي»، وشدد على «ضرورة بذل جميع الجهود المتاحة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين بعزة وكرامة إلى بلدهم»، معرباً عن دعم الإمارات للحوار بين سوريا وتركيا لإحراز تقدم في ملف عودة اللاجئين. ومن ناحيته أكد الرئيس السوري أن «التنافر وقطع العلاقات مبدأ غير صحيح في السياسة»، وقال إن «مواقف الإمارات دائماً كانت عقلانية وأخلاقية، وإن دورها في الشرق الأوسط إيجابي وفعال لضمان علاقات قوية بين الدول العربية». وتنتهج دولة الإمارات سياسةَ تصفير المشكلات مع مختلف الدول الإقليمية، بهدف خلق شبكة علاقات آمنة، وهي تنظر إلى تطور العلاقات الإماراتية السورية من منظور جيوستراتيجي، إذ تسعى الإمارات في سياستها الخارجية إلى علاقات متوازنة مع الأطراف الإقليمية الفاعلة بصورة تضمن أمن المنطقة ومصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، كما تسعى للعب دور في مستقبل سوريا من خلال تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والاستثمار في خطط إعادة الإعمار. وشهدت العلاقات الإماراتية السورية تطوراتٍ متسارعةً خلال السنوات الماضية، حيث كانت الإمارات أول دولة عربية تعيد فتح سفارتها في دمشق، وذلك في ديسمبر 2018، وفي مطلع عام 2020 جرى أول اتصال هاتفي علني بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وفخامة الرئيس بشار الأسد، ثم قامت الإمارات بإرسال مساعدات طبية إلى الحكومة السورية لمواجهة تفشي وباء فيروس كورونا. وفي خطوة إماراتية أخرى قام سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، في 9 نوفمبر 2021، بزيارة إلى دمشق التقى خلالها الرئيسَ السوري ووجه إليه دعوةً لزيارة جناح سوريا في «إكسبو دبي 2020»، ثم جاءت زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات في الثامن عشر من مارس الجاري، كأول زيارة يقوم بها منذ عام 2011 إلى بلد عربي. وبرز الانفتاح الإماراتي على سوريا كجزء من توجه عربي عام يهدف إلى إعادتها إلى المنظومة الرسمية العربية، وهو توجه تقوده إلى جانب الإمارات كل من الأردن والجزائر، وقد أبدت دول عربية أخرى استعدادَها للإسهام في إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية. وكانت الجامعة العربية قد اتخذت في 12 نوفمبر 2011 قراراً بتعليق عضوية سوريا، وطالبت بسحب السفراء العرب من دمشق، مع إبقاء الطلب «قراراً سيادياً لكل دولة». وشكلت كارثةُ الزلزال المدمِّر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من فبراير الماضي نافذةً إنسانية لتحرك بعض الدول العربية من أجل إطلاق مبادرة لإعادة العلاقات مع الحكومة السورية. صحيح أن دوافع إعادة العلاقات مع دمشق تختلف من عاصمة عربية إلى أخرى، إلا أن المصالح السياسية تشكل الأولوية بالنسبة للجميع، تليها المخاوف الأمنية ثم المصالح الاقتصادية والمساعدات الإنسانية. وبعودة سوريا للصف العربي يُطوى آخرُ فصول ما سمي «الربيع العربي». *كاتبة إماراتية
مشاركة :