يظهر وجه الشاب دييجو أرماندو مارادونا يحدق من لوحة جدارية في ساحة المعجزات في نابولي، وهو يشاهد المدينة تستعد لاحتفال لم يحدث منذ كان الأسطورة الأرجنتينية في ذروة تألقه قبل أكثر من 30 عاماً. وتحدث المعجزات بالفعل في أرض الملعب لسكان نابولي، الذين نشأوا في مدينة غارقة في التصوف والخرافات، حيث يشق فريق المدينة طريقه نحو لقبه الثالث في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم ويستعد لظهوره الأول على الإطلاق في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا. وقال رافائيل كارداموني، وهو سائق شاحنة يبلغ من العمر 51 عاماً، مشيراً إلى لوحة جدارية اكتملت حديثاً وتصور الأسطورة مارادونا الذي توفي في 2020 «هذا يأتي من روح مارادونا. إنه يراقبنا من الأعلى». وأضاف «إنها يد الله»، في إشارة إلى الهدف الشهير لمارادونا بيده في دور الثمانية لكأس العالم 1986، والذي ساعد الأرجنتين على الإطاحة بالمنتخب الإنجليزي من المسابقة. وكان مارادونا أيضاً القوة الدافعة وراء نابولي في ذلك الوقت، حيث ساعد فريق المدينة على الفوز بلقب الدوري لأول مرة في 1987 واللقب الثاني بعد ثلاث سنوات فقط في 1990. وقبل 11 جولة من نهاية الموسم الحالي، يتقدم نابولي بفارق 19 نقطة على لاتسيو صاحب المركز الثاني ويمكن أن يتحول حلمه باللقب إلى حقيقة في النصف الثاني من أبريل (نيسان)، وقبل أكثر من شهر من الوصول إلى نهاية الموسم. وبدأت بالفعل جماهير نابولي الاحتفال باللقب الثالث للدوري، وسط اعتقاد بأن التتويج بمثابة انتقام من مدينتي تورينو وميلانو الثريتين، واللتين سيطرت فرقهما يوفنتوس وإنتر ميلان وميلان على اللقب في العقود الثلاثة الماضية. * أجواء احتفالية تخلى سكان نابولي عن مجموعة من الطقوس التقليدية المتجذرة في الثقافة الشعبية لتجنب سوء الحظ، والتي تشمل عادة عدم البدء في الاحتفال بالنصر قبل تحقيقه فعلياً. وصنع أصحاب الحرف في المدينة تماثيل للأبطال الجدد، وانتشرت صور من الورق المقوى للاعبين في أحياء بالمدينة، حيث تمرّ الدرّاجات النارية في الممرات الضيقة وترتفع الأعلام الزرقاء أمام المتاجر. وتظهِر الملصقات مارادونا في الجنة، وهو يسلم لقب الدوري الإيطالي إلى المهاجم النيجيري فيكتور أوسيمن وخفيتشا كفاراتسخيليا جناح جورجيا، وهما النجمان الأساسيان في تشكيلة الفريق الحالي. وأطلق السكان مبادرات لجمع التبرعات لتمويل حفل التتويج باللقب ويقولون: إنه سيستمر لأيام عدة، ويهدف إلى طلاء جدران المدينة وشوارعها باللون الأزرق المميز للنادي. وقال أنطونيو ساراتشينو (55 عاماً) الذي يحتفظ بصندوق من الصفيح لجمع التبرعات داخل متجره «من المستحيل احتواء النشوة». ويأمل سكان نابولي أن يكون المجد الرياضي بمثابة دفعة لمدينة لا يزال فيها الفقر منتشراً، ولكن في المقابل تتحسن الحياة على خلفية النمو في السياحة، حيث يقدر معهد الأبحاث (ديموسكوبيكا) زيادة بنسبة 13 في المائة في عدد الوافدين هذا العام مقارنة بعام 2022. وقال إرنستو مونتي البالغ عمره 59 عاماً وهو ينظر إلى البحر من حانة بالقرب من ساحة بليبيشيتو «تحقق أول لقبين بالدوري في حقبة مختلفة. لم تكن هناك الكثير من السياحة. كانت هناك احتفالات محلية ضخمة، لكنها لم تتجاوز نابولي». ويتذكر الروائي والشاعر إيري دي لوكا، أن مارادونا، الذي لا يزال أشهر بطل في المدينة وأُطلق اسم الملعب على اسمه، انضم إلى الفريق بعد سنوات قليلة فقط من زلزال 1980 في منطقة إيربينيا القريبة، والذي تسبب آنذاك في مقتل 2700 شخص. وقال دي لوكا «كانت تلك مدينة لا تزال تنفض غبار الزلزال. كانت بها حروب المافيا في الشوارع وفي السجن. لم يأتِ السياح إلى هنا إلا للتوجه مباشرة إلى الجزر والساحل. اليوم أصبحت نابولي نقطة جاذبة». وقد لا يكون الفوز المنتظر بالدوري هو الانتصار الوحيد لنابولي هذا العام، حيث يأمل العديد من المشجعين أن يصل فريق المدينة إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة على الإطلاق. وسيلعب نابولي أمام غريمه المحلي الإيطالي ميلان في دور الثمانية. وفي الأسبوع الماضي، ساعد بيترو دي كيارا البالغ عمره 26 عاماً في رسم رمز كبير للقب الدوري الإيطالي على سلالم مفتوحة تسمى «هيفين آلي» في الحي الإسباني الصاخب بالمدينة. وقال دي كيارا لـ«رويترز»: «بعد لقب الدوري الإيطالي، سيكون لدينا دوري أبطال أوروبا وسننتهي من رسم السلالم».
مشاركة :