قال بنك فيرست سيتيزنز بانكشيرز أمس إنه سيستحوذ على ودائع وقروض بنك سيليكون فالي المنهار، ليختتم بذلك فصلا من أزمة ثقة تسببت في اضطراب أسواق المال العالمية. وفي بيان منفصل ذكرت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع التي سيطرت على سيليكون فالي هذا الشهر أنها حصلت على حقوق تقدير الأسهم في فيرست سيتيزنز بقيمة محتملة تصل إلى 500 مليون دولار كجزء من الصفقة. وبحسب "رويترز"، قال فيرست سيتيزنز إن الصفقة تهدف إلى الحفاظ على مركزه المالي القوي، وإن الشركة الجديدة ستظل قادرة على مواجهة المشكلات وتملك محفظة قروض متنوعة وقاعدة ودائع. وبموجب الصفقة ستستحوذ شركة فيرست سيتيزنز بنك آند ترست على أصول لسيليكون فالي قيمتها 110 مليارات دولار وودائع بقيمة 56 مليارا وقروض بقيمة 72 مليار دولار. وبدءا من أمس بدأ 17 فرعا كانوا يتبعون بنك سيليكون فالي من قبل في العمل كوحدة تابعة لبنك فيرست سيتيزنز. يمتلك فيرست سيتيزنز نحو 109 مليارات دولار من الأصول وتبلغ إجمالي ودائعه 89.4 مليار دولار. والآن، ستدار كل قروض هذا الكيان وودائعه من قبل "فيرست سيتيزنز"، فيما ستبقى نحو 90 مليار دولار من الأوراق المالية والأصول الأخرى تحت إدارة المؤسسة الفيدرالية لتأمين الودائع. وتسبب إفلاس مصرف سيليكون فالي بنك في موجة من الذعر في القطاع المصرفي في الولايات المتحدة مع تداعيات وصلت حتى إلى الأسواق الأوروبية. يأتي ذلك في قوت دعا فيه مستثمرون ومحللون البنوك المركزية إلى اتخاذ إجراءات أكثر تنسيقا بغية استعادة الاستقرار المالي، إذ يخشون من استمرار الاضطرابات في القطاع المصرفي العالمي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة. ولا تزال اضطرابات الأسواق مستمرة بعد انهيار اثنين من أكبر البنوك الأمريكية هذا الشهر والاستحواذ على بنك كريدي سويس الذي رتبت له الحكومة السويسرية. وهبط سهم دويتشه بنك يوم الجمعة وسط مخاوف من أن الجهات التنظيمية والبنوك المركزية لم تستطع حتى الآن احتواء أسوأ صدمة للقطاع المصرفي منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. واتخذت بنوك مركزية في أنحاء العالم، ومنها مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي"، في الآونة الأخيرة تدابير لتعزيز توفير السيولة من خلال ترتيبات مبادلة الدولار. غير أن المركزي الأمريكي ونظيره الأوروبي واصلا رفع أسعار الفائدة على مدى الأسبوعين الماضيين لكبح التضخم المستمر. وقال إريك نيلسن كبير المستشارين الاقتصاديين لمجموعة يوني كريدت في لندن، إنه يجب على البنوك المركزية ألا تفصل سياساتها النقدية عن الاستقرار المالي في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن تؤدي مشكلات القطاع المصرفي إلى أزمة مالية واسعة النطاق. وأضاف في مذكرة يوم الأحد "يتعين على البنوك المركزية الكبرى، ومنها الأمريكي والأوروبي، إصدار بيان مشترك بأن أي رفع إضافي لسعر الفائدة لن يكون مطروحا على الطاولة، على الأقل حتى عودة الاستقرار إلى الأسواق المالية". وقال "من المرجح أن تكون هناك حاجة إلى إصدار مثل هذا البيان في غضون الأيام القليلة المقبلة لإبعادنا عن شفا أزمة أعمق بكثير". كما تتوقع أسواق المال في الولايات المتحدة أن يتوقف المركزي الأمريكي مؤقتا عن مواصلة رفع أسعار الفائدة. ويرى مستثمرون في الوقت الحالي أن الأحداث التي تقع هذا العام تكرار لتسلسل الأزمة التي اجتاحت الأسواق عام 2008، وهم أيضا قلقون من انهيار بنوك أخرى إذا اعتقد الناس أن الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا لن تستطيع حماية أموال المودعين. وقال فيليبي فيلارويل الشريك ومدير المحافظ لدى توينتي فور أسيت مانجمنت "لا يزال الوضع متقلبا، لكننا نميل إلى الاعتقاد أن المخرج من هذه المشكلة يمكن أن يكون بتنسيق عمل البنوك المركزية لتعزيز الثقة في النظام المصرفي". وأضاف في منشور يوم الجمعة "المشكلة مع البنوك الأوروبية والأمريكية الكبرى في الوقت الحالي هي الثقة. رأس المال ليس هو المشكلة.. المستهلكون متوترون لأنهم يرون البنوك تنهار ويتساءلون عما إذا كانت مثل هذه الانهيارات ستكون مصير بنوك أخرى وما إذا كان ينبغي عليهم سحب ودائعهم أو بيع أسهمهم المصرفية". وقالت الجهات التنظيمية الأمريكية الأسبوع الماضي إن النظام المصرفي لا يزال "قويا ومرنا" في محاولة لتهدئة الأسواق والمودعين في البنوك. كما قالت جانيت يلين وزيرة الخزانة يوم الخميس إنها مستعدة لتكرار الإجراءات التي اتخذت إزاء بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر لحماية الودائع المصرفية غير المؤمن عليها إذا زادت عمليات سحب الودائع من البنوك. غير أن بيانات المركزي الأمريكي أظهرت يوم الجمعة أن الودائع في البنوك الأمريكية الصغيرة انخفضت بمقدار قياسي بعد انهيار بنك سيليكون فالي في العاشر من (مارس) آذار الجاري. وفي الوقت نفسه، انخفض إجمالي الودائع في القطاع المصرفي بنحو 600 مليار دولار منذ أن بدأ المركزي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة العام الماضي، وهو أكبر سحب لودائع القطاع المصرفي على الإطلاق، حسبما أشار تورستن سلوك كبير الخبراء الاقتصاديين لدى أبولو جلوبال مانجمنت. وقال "المخاطر التي تواجهها البنوك على المدى القريب، إلى جانب عدم اليقين بشأن الودائع الجاري سحبها وتكاليف التمويل المصرفي واضطراب أسعار الأصول والمسائل التنظيمية، كلها أمور تدعو إلى تشديد شروط الإقراض وتشير إلى تباطؤ نمو الائتمان المصرفي خلال الفصول المقبلة".
مشاركة :