تراجعت الحكومة اللبنانية عن قرار تأخير اعتماد التوقيت الصيفي إلى ما بعد انتهاء شهر رمضان المبارك. وعليه سيعود لبنان خلال 48 ساعة إلى توحيد التوقيت، من خلال العودة إلى تقديم الساعة ساعة واحدة. ويمثّل التراجع تخفيفاً للاحتقان المذهبي والطائفي الذي طغى على الساحة اللبنانية وتقدّم على ما عداه بفعل ردة الفعل العنيفة التي اتخذتها جهات متعددة، ولا سيما القوى المسيحية السياسية والروحية، رفضاً لتأخير تقديم الساعة الذي اقترحه رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، التراجع عن القرار، بناء على مبادرة قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيسي الحكومة السابقَين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وكان الإخراج بعقد جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ قرار التراجع. وأعاد ميقاتي الأزمة الى الفراغ الرئاسي والنزعات الطائفية التي تطغى على الاستحقاقات الدستورية وعلى كل المقاربات في البلاد، وشدد على أنه «منذ نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون وأنا أجاهد مع ثلّة من الوزراء والجيش والقوى الأمنية كافة والجنود المجهولين من الموظفين في الإدارات العامة للحفاظ على هيكل الدولة اللبنانية التي إذا ما انهارت سيصبح صعبًا جدًا إعادة تكوينها». وقال ميقاتي: «تحملت ما ناءت تحته الجبال من اتهامات وأضاليل وافتراءات وصمدت وعانيت بصمت، غير أنّي اليوم أضع الجميع أمام مسؤولياتهم»، لافتا الى أن «كرة النار أصبحت جمرة حارقة، فإما نتحملها جميعاً وإما نتوقف عن رمي التهم والألفاظ المشينة بحق بعضنا البعض». الجمرة الحارقة التي يتحدث عنها ميقاتي، وفق ما تشير مصادر متابعة، هي المخاطر التي ستكون محدقة بلبنان في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد التقرير الذي صدر عن صندوق النقد الدولي إزاء الأزمة اللبنانية، معتبراً أنها لن تنتهي في ظل عدم إقدام السلطات على تنفيذ خطة الإصلاح. وفي هذا السياق، تتخوف مصادر اقتصادية لبنانية من تصنيف لبنان في المنطقة الرمادية بتقييم المنظمات المالية العالمية، وفي حال تم وضعه في هذه الخانة، فهذا يعني تهديد التعامل مع المصارف اللبنانية من قبل المصارف العالمية، مما يعني أن البلاد ستدخل في عزلة مالية عن النظام العالمي، وهذا ستكون له تداعيات كارثية على الواقعين المالي والاقتصادي، وسيصبح لبنان سوقاً مفتوحاً لتبييض الأموال من خلال الارتكاز على التبادل النقدي للعملة. سياسياً، وكما أشارت «الجريدة»، في تقرير سابق حول محاولات فرنسية ومن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً للتواصل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للبحث معه في الملف اللبناني، كما في ملفات أخرى، فقد جرت محاولة من ماكرون للطلب من بن سلمان شخصياً مسألة التعاون في انتخاب رئيس للجمهورية، لا سيما أن باريس تريد إنجاز الاستحقاق بأسرع وقت، ولو كان ذلك يقضي بانتخاب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. وبحسب المعلومات، فإن الاتصال شهد بحثاً في الملف اللبناني، كما تم البحث في ملفات أخرى تهمّ البلدين، على وقع التحضير لزيارة سيجريها في المرحلة المقبلة ماكرون إلى الرياض. وبنهاية الاتصال صدر بيان عن «الإليزيه» أشار إلى ضرورة التعاون الفرنسي - السعودي في مساعدة لبنان، وتشير المعلومات إلى أن الموقف السعودي لا يزال على حاله بشأن الاستحقاق الرئاسي، وهو مقاربة المواصفات لا الأسماء.
مشاركة :