المعوقون ونقص أنظمة الدعم النفسي - سهام الشارخ

  • 2/9/2016
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

كتبتُ في مقال سابق عن تقدير الذات، وهو الكيفية التي ينظر فيها الإنسان إلى نفسه سلبية كانت أم إيجابية، والنظرة الإيجابية إلى النفس تعني تقدير النفس والقبول بها كما هي على اعتبار أن لكل إنسان نقاط قوة وضعف، بشرط أن يكون التقدير متوازنا فلا يتحول إلى شعور متضخم بالذات. وإذا كان الإنسان في حالته العادية عرضة للشعور بتدني تقدير النفس، فإن الشخص المصاب بإعاقة ما أقرب إلى الشعور بهذه الحالة نتيجة ما يشكله وضعه الجسدي من صعوبات وتحديات في حياته، والتحدي بالنسبة إليه هو كيف يمكن أن ينظر إلى نفسه على أنه شخص عادي كغيره، وينظر إلى إعاقته على أنها لا تشكل إلا جزءا من حياته فليست هي كل شيء، ويزداد التحدي من جانب آخر مع النظرة النمطية للمعوقين وعنصرية البعض تجاههم، فالمعوق يخاف ألا يتوافق مع متطلبات ومعايير المجتمع التي تركز في الغالب على الشكل والقدرة والتماثل بين الناس، وهذا ما يُشعره بأنه أقل ويتسبب له ذلك بضغط نفسي أكبر لأنه يحاول بصعوبة أن يحقق بعضا من تلك المعايير. تحدثت معي قريبتي التي تعمل في مجال تأهيل المعوقين عن موضوع تقدير الذات بالنسبة للمعوقين وأهمية العمل على مساعدتهم في التعامل مع إعاقتهم وبناء ثقتهم في أنفسهم، فقد لمست من خلال عملها تدني تقدير هؤلاء المعوقين لذواتهم، وأثر ذلك على حياتهم وعلاقاتهم خصوصا مع نقص أنظمة الدعم النفسي والاجتماعي لهم في معظم المستشفيات والمراكز الطبية خلافا لما هو موجود في البلاد المتقدمة. الإعاقة بكل أنواعها ودرجاتها سواء أكانت خلقية أم ناتجة عن حوادث أو أمراض تدفع كثيرا من المعوقين خصوصا في مجتمعنا إلى تجنب الناس والانزواء الكامل أحيانا لأن العزلة تريحهم من المواقف التي تواجههم نتيجة إعاقتهم، كما أنها تقلل من حالات لومهم أنفسهم إذا لم يستطيعوا القيام بعمل ما، أو التصرف بالشكل المناسب، والمفترض ألا يترك المعوق يعيش خاضعا لمخاوفه وافتراضاته غير الصحيحة عن نفسه ومظهره، أو متأثرا بمجتمعه الذي قد يساهم بطرق ربما غير مقصودة في إشعاره بالضعف والنقص. هذه الحالة برأي قريبتي تنطبق أيضا على الأشخاص الذين يصابون بأمراض تحدث تغييرات في شكلهم الخارجي تشعرهم بالحرج وتؤثر في نظرتهم لأنفسهم ما ينعكس على حياتهم في البيت والعمل وعلى علاقاتهم الزوجية، وإذا لم يوجد من يعزز ثقتهم بمكانتهم وبأنفسهم، وبمن حولهم فإنهم ينتهون إلى مشكلات نفسية وعاطفية أو عقلية أحيانا. التعامل مع الآثار النفسية للإعاقات وبعض الأمراض يجدر أن يؤخذ بجدية وعمق عن طريق وضع برامج شاملة تساعد على تنمية ثقة المصابين بأنفسهم، وتوعية من حولهم بطرق التعامل معهم، مع تهيئة بيئات مشجعة تتيح فرص التفاعل بحيث يتبادلون المعلومات والتجارب فيما بينهم. siham.alsharekh@hotmail.com

مشاركة :