أمر مخجل أن نحتفل بالأشياء بعد انتهائها، والأكثر إوجاعا للقلب أن نحتفل بالناس بعد رحيلهم، والأصعب أن يكون المحتفى به شاعرا فارق الحياة بعد أن وزع أضواء النجومية على أقرانه الشعراء دون أن ينطرح لأضوائها، وأسبغ البهجة على قلوب مستمعيه دون أن يزعجهم بأنينه في حال شكواه. بندر الدوخي الذي رحل قبل أيام قليلة هو أحد آخر النجوم الذين سريعا ما يرحلون ويتركون انطباعا حسنا عند جمهورهم ويكون الاحتفال بهم متأخرا كالعادة من صحافة وإعلام فضاء مشغول بإيجاد هموم جديدة للمواطنين تنسيهم من حولهم حتى تتصدر أسماء من أحبهم الناس عناوين الأخبار راحلين هذه المرة لا محتفلين. برز اسم بندر الدوخي متوازيا مع صوت القصيد العذب على أمواج الأثير الهادئة في إذاعة الرياض، حيث الإذاعة السعودية التي تعطي حيزا من وقتها للشعر الشعبي ولعذب القوافي كما كان الدوخي - رحمه الله - يحب أن يسمي تلك القصائد التي يعطيها من طلاوة صوته وإحساس روحه ما يجعلها راسخة في أذهان المستمعين. كان الإذاعي السعودي والشاعر الدوخي من المخلصين للميكرفون المنطلق في سماوات الأثير بعيدا عن أعين الكاميرات المتلصصة على ما دون سماء الأرواح والمكتفية بديكورات الأشياء كما كان كثير من محبي الراديو والمكتفين به يبررون به بعدهم عن شاشة التلفزيون لكن بندر الدوخي بالفعل كان قد تلقى عروضا متنوعة للمشاركة في تقديم برامج شعبية عبر الفضائيات لكنه اكتفى بالإذاعات بين جدة والرياض لينطلق صوته من خلالها معبرا عما بداخله بعيدا عن تدخل الشكل. كثيرون أحبوا الدوخي مهنة وخلقا كان أبرزهم الأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني الذي زار أسرته وعبر عن اعتزازه بعلاقته، وآخرون أيضا عبروا عن صدمة الفقد لهذه الشخصية الإعلامية السعودية التي تكشف أن التكريم دوما في ديار العرب يأتي متأخرا.
مشاركة :