بريكس هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتينية BRICS المكونة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم ، و هي : البرازيل ، روسيا ، الهند ، الصين و جنوب إفريقيا ، تأسست عام 2006 ، وعقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة في ” يكاتر ينبورغ ” بروسيا في جوان 2009 تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية ، و لقد انضمت دولة جنوب إفريقيا إلى المجموعة عام 2010 ، فأصبحت تسمى “بريكس” بدلا من “بريك” سابقا . و تعتبر ” بريكس ” تكتل اقتصادي عالمي مع احتمال تحوله إلى سياسي أيضا ، وهناك من يعتبره بمثابة منظمة موازية لمجموعة السبعة الكبار، التي تقودها الولايات المتحدة بعضوية كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان. فالصين والهند أكبر بلدين من حيث عدد السكان وثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم على التوالي، وروسيا تملك أكبر مساحة في العالم والمصدر الأول للطاقة عالميا، بينما البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية ، وجنوب إفريقيا أكثر دول القارة السمراء تقدما رغم أن اقتصادها الثالث إفريقيا. وتسعى دول ” بريكس ” لزيادة نصيبها من التجارة العالمية ومن إجمالي الناتج الداخلي الخام، وذلك من خلال ضم دول لها ثقلها الاقتصادي والتجاري والبشري وأيضا من حيث المساحة. والجزائر تمتلك بعض المقومات التي تمثل إضافة لبريكس، فهي أكبر بلد إفريقي وعربي من حيث المساحة وأكبر مُصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا، ورابع أكبر اقتصاد في القارة السمراء، وديونها الخارجية شبه معدومة، ما يمنحها استقلالية أكبر في صناعة القرار. وفي قمة بريكس عام 2022 ، التي عقدت عبرالإنترنت في شهر جوان الماضي، تم توسيع التنسيق ليشمل 13 دولة إضافية ، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أول ضيف تحدث، داعيًا إلى ” نظام اقتصادي جديد يسود فيه التكافؤ والإنصاف بين الدول ” . وأتبع تبون -; بعد أيام قليلة مشاركته تلك -; بتلميح إلى إمكانية انضمام بلاده إلى دول مجموعة بريكس، فقد قال في لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية (الجزائرية) في نهاية جويلية الماضي: ” إن مجموعة بريكس تهم الجزائر بالنظر لكونها قوة اقتصادية وسياسية ، وأن الالتحاق بهذه المجموعة سيبعد الجزائر عن تجاذب القطبين” ، مضيفًا: ” الجزائر تتوفر على معظم الشروط المطلوبة للانضمام إلى مجموعة بريكس … لا نستبق الأمور لكن إن شاء الله ستكون هناك أخبار سارة بشأن هذا الموضوع ” وفي السادس من نوفمبر الفائت أعلنت المبعوثة الخاصة المكلفة بالشراكات الدولية الكبرى بوزارة الخارجية الجزائرية ، في مقابلة مع الإذاعة الجزائرية الرسمية: ” أن الجزائر قدمت طلبًا رسميًا للانضمام إلى مجموعة بريكس” ، وبذلك تكون الجزائر قد اتخذت خطوة عملية بعد أن تأكدت من دعم بعض دول المجموعة ، خاصة روسيا والصين . و لقد أكدت رئيسة المجلس الفيدرالي للجمعية الفيدرالية لروسيا، فالنتينا ماتفيينكو، شهر مارس الجاري، تأييد بلادها لرغبة الجزائر في الانضمام إلى مجموعة ” البريكس ” ، مشددة على أن فدرالية روسيا تعتبر الجزائر ” شريكا موثوقا ومهما جدا على مستوى القارة الإفريقية “. وفي تصريح للصحافة عقب استقبالها من طرف رئيس الجمهورية ، بمقر الرئاسة، قالت ماتفيينكو: ” بالنسبة لروسيا فإن الجزائر شريك موثوق ومهم جدا على مستوى القارة الإفريقية وبيننا تعاون واسع في مجال التجارة والاقتصاد ” ، و أضافت أن الجزائر ” ترغب في الانضمام إلى مجموعة البريكس ونحن في روسيا نؤيد هذا الأمر ” ويرى الرئيس الجزائري أن الانضمام إلى البريكس يتطلب مواصلة الجهود في مجال الاستثمار، والتنمية الاقتصادية والبشرية من جهة، والانتقال إلى مستويات أعلى في التصدير، وأيضا رفع الناتج الداخلي الخام ما فوق 200 مليار دولار. و لقد وصلت صادرات الجزائر إلى 56.5 مليار دولار مع نهاية 2022 ، منها 49.5 مليار دولار صادرات النفط والغاز، ونحو 7 مليارات دولار صادرات خارج قطاع المحروقات، بحسب السياسة العامة للحكومة. ورغم أن هذه الأرقام تمثل قفزة في الصادرات مقارنة بعام 2021، زيادة بنحو 17 مليار دولار، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط والغاز وزياد الكمية المصدرة من الغاز ومن السلع خارج المحروقات، إلا أنها تمثل أقل من نصف صادرات جنوب إفريقيا التي بلغت في 2021 أكثر من 121 مليار دولار. وهذا ما يفسر تأكيد الرئيس الجزائري على زيادة حجم الصادرات كأحد الشروط الضرورية للانضمام إلى بريكس. وفي هذا الصدد ، دعا تبون إلى مضاعفة إنتاج الغاز لبلوغ صادرات بـ 100 مليار متر مكعب سنويا في 2023 ، بينما وضعت الحكومة هدفا للوصول إلى 10 مليارات دولار صادرات خارج المحروقات في نفس العام ، و15 مليار دولار في الأعوام المقبلة. علما أن الجزائر تنتج نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بمعدل سنوي، صدرت منه رقما قياسيا في 2022 ، بلغ 56 مليار متر مكعب، بينما استهلكت نحو 50 مليار متر مكعب، وتعيد ضخ نحو 30 مليار متر مكعب في الآبار للحفاظ على نشاطها. وللوصول إلى المستوى المطلوب ، كثفت الجزائر من استثماراتها في قطاع المحروقات وخصصت لها نحو 40 مليار دولار، وحققت اكتشافات هامة في 2022 من النفط والغاز، ودخلت في شراكات مع شركات متعددة الجنسيات على غرار إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية و”أوكسدونتال” الأمريكية، لاستغلال حقول الغاز وزيادة الانتاج. وتسارع الجزائر الخطى لمضاعفة إنتاجها من الطاقات المتجددة على غرار الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء ، بالشراكة مع عدة دول على غرار ألمانيا وإيطاليا، بهدف توفير كميات أكبر من الغاز للتصدير، وأيضا تصدير الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء إلى أوروبا مستقبلا. كما تسعى لتصدير الكهرباء إلى أوروبا بالنظر إلى امتلاكها فائضا كبيرا منها قابلا للتصدير ويعتمد مدى قدرة الجزائر للوصول إلى هذا الهدف من خلال وصولها إلى الأسواق الإفريقية ، بتسريعها العمل على شق طريق نحو موريتانيا للوصول إلى أسواق غرب إفريقيا، وكذلك تسريع الخط العابر للصحراء نحو نيجيريا ووسط القارة السمراء. لذلك وضع الرئيس تبون، تجاوز 200 مليار دولار ناتج داخلي خام، هدفا لدخول بريكس ، حيث يبلغ الداخلي الخام لجنوب إفريقيا (أصغر اقتصاد في بريكس) 419 مليار دولار، أي مرتين ونصف ضعف الاقتصاد الجزائري ، لذلك تراهن الجزائر على إمكانياتها الكبيرة من الغاز الطبيعي لمضاعفة الإنتاج الذي يكثر عليه الطلب أوروبيا، لرفع ناتجها الداخلي الخام بزيادة تتجاوز 37 مليار دولار في عام واحد. وتمثل “بريكس” 41 بالمئة من سكان العالم، و40 بالمئة من مساحته و24 بالمئة من الاقتصاد العالمي و16 بالمئة من التجارة العالمية ، ويبلغ إجمالي الناتج المحلي لهذه البلدان 24.2 تريليون دولار، أو 25 بالمئة من إجمالي الناتج العالمي. وسيفتح انضمام الجزائر لمجموعة “بريكس” -; يقول الرئيس تبون- ” آفاقا واعدة للاستثمار في الجزائر والشراكة معها في مختلف المجالات الاقتصادية لاسيما في مجال المناجم والبنى التحتية ، مؤكدا أنها تشكل “قاعدة اقتصادية قوية”. وبهذا الخصوص ، أعرب الرئيس تبون عن أمله في إقامة استثمارات مشتركة مع دول المجموعة لانجاز مشروع القطار العابر لافريقيا ، والذي سيسمح بربط الجزائر بدول الساحل. و لقد تم تحديد موعد القمة القادمة لمجموعة بريكس، شهر أوت 2023، بجنوب إفريقيا ( الدولة المترئسة لها حاليا ) ، وسيتم خلالها مناقشة إنشاء عملة موحدة لدول التكتل، حسب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ، كما سيتم مناقشة انضمام بعض الدول علما أن 16 دولة تريد الإنضمام إلى مجموعة أو منظمة ” بريكس ” ، أهمها الجزائر ، المملكة العربية السعودية ، مصر ، تركيا ، و إيران . و يمكن القول أن هذه المنظمة إن نجحت في مسعاها فسوف تستحوذ على نصف الأرض في المستقبل القريب .
مشاركة :