هل تتمكن أسواق النفط من تفادي الركود العالمي؟

  • 3/30/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الأربعاء الماضي، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة على الرغم من المخاوف من أن ارتفاع معدلات الاقتراض قد تؤدي إلى تفاقم الاضطرابات التي اجتاحت النظام المصرفي أخيرا. إذا ظل التضخم مرتفعا، فسيستمر الاحتياطي الفيدرالي في سياسته الصارمة، ما يزيد الضغط على القطاع المالي وأسعار السلع الأساسية. هذا عامل سلبي على الأسعار سيظل مهما في الأشهر المقبلة. لكن، مع ذلك لا تزال أسواق النفط متفائلة بشأن آفاق نمو الطلب في أكبر مستورد للنفط - الصين. في هذا الجانب، قالت وكالة الطاقة الدولية أخيرا، إنها تتوقع زيادة الطلب العالمي على النفط بمقدار مليوني برميل في اليوم هذا العام. أما بالنسبة إلى الإمدادات، قررت روسيا إبقاء الإنتاج عند مستوى 9.7 مليون برميل في اليوم حتى حزيران (يونيو)، مع مراعاة الوضع الحالي. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف بشأن تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي العالمي، ويؤكد الانهيار الأخير لعديد من البنوك الأمريكية الضغط المتزايد على الاقتصاد من ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم، حيث تخشى الأسواق من أن هذا الاتجاه قد يعوض الانتعاش في الصين. إضافة إلى ذلك، ينتظر المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع "أوبك +" الشهر المقبل، على أمل أن تخفض المجموعة الإنتاج استجابة لانخفاض الأسعار الأخير. في الأسبوع الماضي، ظلت أسواق النفط العالمية متقلبة على خلفية الأزمة المصرفية في الولايات المتحدة. بالفعل، شهدت أسعار النفط تقلبات كبيرة، حيث ارتفعت أسعار خام برنت من أدنى مستوى في عامين حول 70 دولارا للبرميل الإثنين إلى 77.20 دولار للبرميل في جلسة الخميس، في حين تعافى خام غرب تكساس الوسيط من نحو 63 دولارا للبرميل إلى 71.20 دولار على مدار الإطار الزمني نفسه. هذا يمثل ارتفاعا بنحو 10 في المائة في غضون ثلاثة أيام فقط. وأغلقت الأسواق تداولات الأسبوع الماضي حول 75 و70 دولارا للبرميل لخام برنت وغرب تكساس الوسيط على التوالي. تسبب رد الفعل الحاد لمشكلات القطاع المصرفي في تراجع مراكز المضاربة من قبل اللاعبين الكبار في السوق، الذين تعافوا بعد أن أزالت الإجراءات الأمريكية والأوروبية مشكلات الأسواق مؤقتا. ومع ذلك، أصبح الركود في الاقتصادات الأمريكية والأوروبية واضحا بشكل متزايد، ما يقلل من إمكانات الطلب على النفط والمنتجات البترولية. سيؤدي هذا إلى الضغط على الأسعار على المدى القصير. في غضون ذلك، أدى انخفاض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى أقل من 70 دولارا للبرميل إلى إحياء التوقعات ببداية تجديد الاحتياطي الاستراتيجي في الولايات المتحدة، الذي كان مخططا له عند مستوى سعر مماثل في نهاية الربع الأول من 2023. إذا بدأت عمليات الشراء لإعادة ملء الاحتياطي الاستراتيجي، يمكن أن يدعم هذا السوق. لكن، وزيرة الطاقة الأمريكية أبلغت المشرعين الخميس الماضي أن إعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي قد يستغرق عدة أعوام. إذا استمرت الولايات المتحدة، اعتبارا من الأول من نيسان (أبريل)، في الإفراج عن 25 مليون برميل المعلنة من الاحتياطي الاستراتيجي، فحينئذ يكون هناك خطر تراجع السوق إلى أقل من ذلك. حتى الآن، لم تحدث تغييرات جوهرية كبيرة في سوق النفط العالمية. حيث، أفادت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الأخير، أن الاستهلاك العالمي للنفط انخفض في الربع الرابع من 2022 بمقدار 80 ألف برميل يوميا. في الوقت نفسه، سيتسارع نمو الطلب على النفط في 2023، من 710 آلاف برميل يوميا في الربع الأول إلى 2.6 مليون برميل يوميا في الربع الرابع. في صميم النمو الكبير هو انتعاش الحركة الجوية والتعويض عن الطلب المتراكم الذي لم تتم تلبيته في الصين. من ناحية الإمدادات، ارتفع المعروض من النفط العالمي في شباط (فبراير) 2023 بشكل حاد - بمقدار 830 ألف برميل يوميا، إلى 101.5 مليون برميل في اليوم. كان هذا بسبب استعادة الإنتاج في الولايات المتحدة وكندا بعد الشتاء. وفقا لمعظم المصادر، ستضيف الدول غير الأعضاء في "أوبك" في 2023 نحو 1.6 مليون برميل يوميا. سيكون هذا كافيا لسد حاجة السوق في النصف الأول من 2023، لكنه ليس كافيا في النصف الثاني من العام، ما سيؤدي إلى عجز، مبدئيا يقدر بنحو 0.4 مليون برميل في اليوم. في الوقت نفسه، ارتفعت مخزونات النفط العالمية بنحو 53 مليون برميل في كانون الثاني (يناير). بلغ المخزون الصناعي في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2.85 مليار برميل، وهو الأعلى في الأشهر الـ18 الماضية. لا يزال تأثير الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على تصدير النفط والمنتجات البترولية من روسيا عاملا رئيسا في تشكيل الوضع في سوق النفط العالمية. انخفضت صادرات النفط والمنتجات من روسيا في فبراير بمقدار 500 ألف برميل يوميا - إلى 7.5 مليون برميل يوميا، وانخفضت الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي بمقدار 760 ألف برميل يوميا - إلى 580 ألف برميل مقابل 4.5 مليون برميل في 2022. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن روسيا زودت الهند والصين بنحو 40 و20 في المائة من إجمالي وارداتهما على التوالي. أيضا زادت الإمدادات إلى إفريقيا وتركيا والشرق الأوسط. تأمل وكالة الطاقة الدولية أن يؤدي التراكم الحالي للاحتياطيات إلى تخفيف التوترات في النصف الثاني من 2023. لكن، الزيادة المتوقعة في الاستهلاك بمقدار مليوني برميل يوميا قد تظل مشكلة - حتى لو ظل الإنتاج الروسي عند مستوياته الحالية. إضافة إلى ذلك، ذكر الوضع الحالي مرة أخرى بأن مجموعة "أوبك +" قد تراجع مستوى الإنتاج في الاجتماع المقبل المقرر عقده في الثالث من أبريل. لكن، بعد أن مددت روسيا خفض الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يوميا حتى يونيو، قد لا يكون التخفيض الإضافي في إنتاج "أوبك +" ضروريا. حتى الآن، كان للضعف الموسمي في الطلب والإمدادات الكافية تأثير سلبي في أسعار النفط. إضافة إلى ذلك، عمليات المضاربة على خلفية أزمة النظام المصرفي زادت من التأثير السلبي للعوامل المؤقتة على الأسعار. لكن، من المتوقع أن يؤدي انتعاش الطلب، استمرار خفض الإنتاج الروسي، واحتمالية تدخل "أوبك +" إلى ارتفاع أسعار الطاقة في النصف الثاني من العام. في هذا الجانب، قال خبراء السلع في ستاندرد تشارترد إن أسعار النفط من المرجح أن تتجه نحو الأعلى. ولا يزال بنك جولدمان ساكس يتوقع ارتفاع الأسعار من هنا، وفقط خفض هدفه لنهاية العام من 100 إلى 94 دولارا للبرميل. مع ذلك، من غير المرجح أن تعود الأسعار إلى أعلى مستوياتها في 2022.

مشاركة :