المخرج المغربي أمين ناسور: أعشق المسرح في ذاته ولا أعشق ذاتي فيه

  • 3/31/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الممثل والمخرج المغربي أمين ناسور من أبرز الأسماء المجددة في الفن المسرحي بالمغرب اليوم، وقد عرف عمله الأخير “شا طا را” نجاحا عربيا بارزا في القاهرة وغيرها من المحافل. “العرب” كان لها هذا الحوار معه حول مسرحه ورؤاه للمسرح في المغرب الذي يعرف انتعاشة في السنوات الأخيرة. دشن الممثل والمخرج المغربي أمين ناسور مساره المسرحي مع دُور الشباب ومسرح الجامعة ليصل إلى عالم الاحتراف، وقد توجت مسرحيته “شا طا را” لفرقة “تيمسفوين” المغربية بنصف جوائز الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وتعتبر المشاركة الأولى للفرقة المغربية ضمن المسابقة الرسمية. والسر في ذلك التتويج إبداعيا وتقنيا وفنيا وحضورا، حسب ناسور، هو اجتهاد ورؤية فنية تبنتها فرقة “تيمسفوين” من الحسيمة في ثلاثية مسرحية بدأت بعرض “بيريكولا” ثم “باركينغ” وختمتها بعرض “شا طا را”، الذي اتفق أن يكون كونيا في كل تفاصيله الفنية ولا يعتمد على لغة واحدة بل لغات متعددة فيها الملفوظ والمقروء والحسي والجسدي والإيقاعي، تركيبته وبنيته الدرامية غير كلاسيكية، كما يبين مخرجه. يقول ناسور “يتبنى عرض ‘شا طا را’ قضايا مشتركة على المستوى العالمي، لهذا كان التتويج مستحقا في مهرجان عريق على المستوى العربي والدولي، ومنحته لنا لجنة دولية وازنة بأسماء عالمية في المسرح، وأعتبر هذا التتويج تتويجا للمسرح المغربي وحساسيته الجديدة التي تجتهد في الإبداع”. وعندما سألناه حول رأيه باعتباره ممثلا ومخرجا مسرحيا شابا، بخصوص ضرورة الجوائز لاستكمال المسار أم أنها تؤدي إلى تثبيط الهمم في مسار الإبداع المسرحي، أجاب ناسور “من يعتقد أن الجوائز هي التي تصنع المسارات الفنية فهو واهم، فزت بالعديد منها وطنيا وعربيا، ولكن ما يتذكره النقاد والمهتمون والجمهور هو أثر الأعمال وما خلفت لديهم من قراءات وانطباعات وتصورات وجماليات”، لافتا إلى أنه “صحيح أن الجوائز محفزة ولكن يجب ألا تكون هي الغاية والهدف وإلا سنصبح مبدعين مناسباتيين”. مسار مسرحي نموذج مسرحي يعكس صورة المجتمع نموذج مسرحي يعكس صورة المجتمع وبالنسبة إلى التدرج في التدرب والممارسة على المستوى الشخصي والفني للوصول إلى نقطة يكون فيها الممثل قادرا على تقديم نموذج المسرحي الذي يعكس صورة المجتمع وما يعتمل داخله واحتياجاته، يقول ناسور “ربما أعتبر نفسي من المحظوظين الذين مروا من محطات مسرحية متعددة قبل الوصول إلى الاحتراف، بدأت في دار الشباب ثم المسرح المدرسي يليه مسرح الهواة والمسرح الجامعي لأحترف مع فرقة مسرح الناس وألتحق بعدها بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، هذا المسار جعلني أنتمي إلى كل فئات المسرح المغربي وأنا فخور بذلك”، مشيرا إلى أنه يؤمن كثيرا بالموهبة المقرونة دائما بالتدريب إذ لا نشتغل بالفطرة فقط بل بالتقنية أيضا وبالمهارة. أمين ناسور: أنتمي إلى كل فئات المسرح المغربي وأنا فخور بذلك أمين ناسور: أنتمي إلى كل فئات المسرح المغربي وأنا فخور بذلك عمل ناسور مع فرقة “مسرح الناس” واحتك بشكل مباشر مع هرم المسرح المغربي والعربي الراحل الطيب الصديقي الذي أثر في عدد كبير من الممثلين والمخرجين بطريقة اشتغاله واختياراته الفنية، خصوصا وأنه كان مهتما بكل ما يتعلق بالتراث والمغربي. يتحدث ناسور مبينا أن تجربته مع فرقة “مسرح الناس” برئاسة الصديقي كانت نقطة التحول الكبرى لديه في رؤيته الفنية التي ستطبع مساره بعد ذلك في الإخراج المسرحي، مشيرا إلى أن الصديقي كان متفردا في اشتغاله المسرحي ولا يمكن لأحد أن يقلده أو يقدم إبداعات تضاهي ما كان يقدمه، ويقر بأنه واحد من الذين تشبعوا بروح اشتغاله على ما هو محلي بسمات كونية وهنا تكمن فرادة وعبقرية المسرحي الراحل. الحديث عن الهوية دفعنا إلى طرح سؤال الحاضر والمستقبل في المسرح ونحن في عالم يتسارع فيه الغزو التكنولوجي لمجتمعاتنا بلا هوادة، ونذكر هنا أن ناسور استفاد من وسائط رقمية كثيرة في عرضه المسرحي الذي توج بالقاهرة “شا طا را”، والسؤال هنا هل الفرد المغربي والعربي في حاجة إلى أن يجلس طويلا داخل المسرح للفرجة على عمل مسرحي؟ وماذا يمكن أن يقدمه العمل من إجابات وتشكيل لوعي يتماشى مع التحولات الحاصلة؟ يرد ناسور بأن “المسرح ابن بيئته وبالتالي من المنطقي جدا أن نجد الوسائط الرقمية اليوم تغزو المسرح لتشكل لغة موازية قادرة على التواصل البصري والحسي مع جمهور هذه الحقبة الزمنية، أعتبر الأمر منطقيا جدا ولا يشكل أي خطورة على أساسيات وأبجديات الفعل المسرحي، فقط تختلف التوظيفات من عرض لآخر وتتباين المستويات أيضا، فأحيانا التوظيف السيء للوسائط يكون نقمة على العرض ودمارا له والعكس صحيح”. ومن وجهة نظره كممارس، فإن المسرح المغربي لا يواجه أي خطر وجودي داخل دوامة المد التكنولوجي والعولمي والذكاء الاصطناعي، ولا خوف عليه باعتباره فنا يعيش على التحولات والمتغيرات، فهو رائد اليوم على المستوى العربي ومتفرد بتنوع تجاربه واختلافها في الرؤى الفنية والجمالية، وأورد ناسور أن ما نحتاجه اليوم هو إستراتيجية وطنية بمقاربة تشاركية بين المهنيين والقطاع الوصي للنهوض بالمسرح في المجتمع المغربي لكي يصبح في صميم الحياة اليومية للمواطن المغربي ويدور مع عجلة الصناعات الثقافية والإبداعية. الثقافة المغربية عروض لا تخلو من الغوص في الموروث الشفاهي والغنائي المغربي ◙ عروض لا تخلو من الغوص في الموروث الشفاهي والغنائي المغربي بخصوص موقع ناسور بتجربته المسرحية وآفاق اشتغاله في المنظومة المسرحية المغربية المتنوعة وبأسمائها الرائدة، يؤكد المخرج أن الطريق ما زال طويلا أمامه لتحقيق كل الطموحات والأحلام، وهو لا يعتبر نفسه في مكانة معينة ولا يعير اهتماما لذلك لأنه يعشق المسرح في ذاته ولا يعشق ذاته في المسرح، كما تحرجه الألقاب والتصنيفات ويحب دائما أن يتكلم عمله بدلا عنه وليس العكس. وأخيرا يحدثنا ناسور عن العرض المسرحي ” تكنزا.. قصة تودة” الذي يبدو من العنوان أنه اختار الاشتغال على الموروث الشفاهي والغنائي المغربي، معتبرا أنه عمل مختبري لفرقة فوانيس من مدينة ورزازات المغربية، يقول “اشتغلنا فيه على الفرجات الشعبية للجنوب الشرقي، خصوصا فرجة أحواش، انطلقنا من قصة شعبية متداولة لهذه الفرجة وبنينا متننا الدرامي أولا ثم اشتغلنا على موسيقى العرض التي زاوجت بين الكناوة وموسيقى الروايس وفن أحواش والإيقاعات العربية، يليها الاشتغال على الفضاء وفن المابينك وكآخر محطة الاشتغال مع الممثلات والممثلين على العرض بكل مكوناته التي أعدت سلفا”. ويشير المخرج والممثل المغربي إلى أن هذا البحث في الثقافة المغربية المتنوعة والاشتغال عليها مسرحيا مشروع كبير تبناه معه زميله ورفيق دربه المسرحي طارق الربح كسينوغراف ووصلا به اليوم إلى المحطة السادسة مع فرقة فوانيس وما زال المشروع ممتدا في ربوع المغرب بكل تنوعها الثقافي.

مشاركة :