طلاب المسرح يستعيدون سعدالله ونوس ويكتبون المستقبل بروح مجددة

  • 4/1/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا تمر احتفالية يوم المسرح العالمي دون أن يقدم طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عرضا يتضمن احتفالية خاصة بهم، يظهرون عبرها رؤاهم الفنية والفكرية تجاه الفن المسرحي وتجاه الحياة. في هذا العام واحتفالا بيوم المسرح العالمي قدم طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عرضا حفل بالتشويق والشغف. يوم المسرح العالمي الذي يوافق السابع والعشرين من مارس من كل عام، مناسبة سنوية يقدم فيها طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق نشاطات خاصة تظهر رؤاهم الفنية وطريقة عملهم فيه. وفي احتفالية هذا العام، التي نُظمت تحت رعاية وزيرة الثقافة السورية الأكاديمية لبنانة مشوح، قدم طلاب السنوات الدراسية الأربعة وأقسام المعهد الخمسة العديد من النشاطات. قبل العرض المسرحي الذي أقيم على مسرح سعدالله ونوس، أقيمت فعاليات ربطت بين الماضي المسرحي وحاضره وبين الأجيال المسرحية المتلاحقة التي مرت في تاريخ المعهد. فقامت وزيرة الثقافة بافتتاح القاعات الدراسية المجَددة، كما زارت معرض الكتاب الخاص بالمناسبة الذي قدم 500 مؤلف مسرحي وسينمائي مؤلف ومترجم من قبل الهيئة العامة للكتاب في سورية. قدم طلاب السينوغرافيا أعمالا جديدة تعلقت بتصميم التشكيل الفراغي، الذي يتعلم فيه الطلاب تصميم منحوتات وأقنعة تفيد العرض المسرحي من خلال موضوعات النص، كما قدمت مواد لها علاقة بأزياء من الحضارات القديمة، أنجزت بمواد أعيد تدويرها ثم إضافة ما يلزم إليها، كما وجدت مواد مستعادة للفنان نعمان جود الذي أسس القسم منذ سنوات. وحفلت الاحتفالية بالجديد والمختلف، بدءا من غياب الشكل الاحتفالي الرسمي، فعمد صناع الاحتفالية إلى توظيف طاقات المشاركين من ممثلين وراقصين وفنيين بشكل متداخل ومتتابع ألغى الأجواء البروتوكولية الرسمية التي تظهر عادة في هكذا فعاليات. الأمر الذي تُرجم بغياب الكادر الإداري الرسمي عن مسرح الأحداث واكتفى بالوجود في المسرح كجمهور عادي، وعلى رأسهم عميد المعهد تامر العربيد الذي وجد في أحد صفوف المسرح ولم يصعد على خشبة المسرح لا تقديما ولا تكريما. احتفاء بالمسرح توظيف توظيف طاقات المشاركين من ممثلين وراقصين وفنيين بشكل متداخل ومتتابع ألغى الأجواء البروتوكولية الرسمية ◙ توظيف لطاقات يلغي الأجواء البروتوكولية الرسمية ومن خلال العرض تبادل ممثلون خريجون مع طلاب وفنانين ومشاهير أدوار التقديم وتسليم دروع التكريم. وتم في العرض تكريم عدد من خريجي المعهد لدورة عام 1988 في قسم التمثيل، وكذلك خريجي الدفعة الأولى في قسم النقد لنفس الدفعة وعدد من الفنانين. وشاركت في الحفل شخصيات من المعهد ومن الوسط الفني منهم: أمانة والي وأكرم الحلبي وفراس إبراهيم وحلا رجب ومصطفى المصطفى ومروان فرحات وسمير المطرود وطلال الحلبي ولبانة شيخ أحمد وبسام ناصر وغسان عزب وغسان الدبس وآخرون.. وتعاون كفاح الخوص المشرف على إعداد الحفل والمعروف بنشاطه المسرحي المتجدد والمتدفق، مع الطلبة والمشاركين على إنجاز حفل احتفالي تميز بالرشاقة والسرعة وتقديم الجديد والمبتكر، وكانت البداية مع الفنانات وفاء موصلي ولينا حوارنة ومجد نعيم اللواتي قدمن كلمة يوم المسرح العالمي التي أعدتها لهذا العام الفنانة المسرحية المصرية سميحة أيوب التي قالت فيها “إن ما نقوم به في عالم المسرح كمؤلفين ومخرجين وممثلين وسينوغرافيين وشعراء وموسيقيين ومصممي كوريوغرافيا وحتى تقنيين وفنيين -كلنا بلا استثناء- إنما هو فعل لخلق حياة لم تكن موجودة من قبل، قبل أن نعتلي خشبة المسرح، هذه الحياة تستحق يدا حانية تتعهدها وصدرا حنونا يحتضنها وقلبا حانيا يأتلف معها وعقلا رزينا يوفر لها ما تحتاجه من أسباب الاستمرار والبقاء”. تامر العربيد: الطلاب لديهم فهم عميق لدور المسرح في الإبداع تامر العربيد: الطلاب لديهم فهم عميق لدور المسرح في الإبداع وفي تصريحه لـ”العرب” يقول تامر العربيد عميد المعهد العالي للفنون المسرحية عن الفعالية “هو احتفال بيوم المسرح العالمي نقدم من خلاله طاقات جديدة لمبدعين شباب، لديهم المزيد من الأفكار الجديدة التي يجب إتاحة مساحات لها لتقديمها على المسرح بحرية”. قدم في الحفل فيلم وثائقي قصير حمل ذكريات عن نشاطات سابقة حضرت في المعهد، وأعقب ذلك فقرات متتالية متداخلة، قدمت فنونا في الرقص وفنون القتال والتمثيل وحتى الغناء. وكان لوجود مساحة خاصة لمسرحية “الفيل يا ملك الزمان” التي قدمها الكاتب سعدالله ونوس عام 1969 دور هام في العرض، فالنص المسرحي الذي قدمه ونوس منذ عشرات السنين ما زال قادرا على أن يكون طيعا لتقديمه في رؤية إخراجية جديدة تذهب به إلى مناطق مختلفة بعيدة. فشخصية الشاب زكريا والإرادة التي تكونت لديه، كانت حاضرة ولكن بتكوينات جديدة. الإعداد المسرحي للنص قبض على روح المغامرة والكوميديا في النص الأصلي وقدم أجواء نابضة بالفعل المسرحي الخلاق. فقدمت تلوينات لافتة في مشهد الندابات وكذلك في مشهد مقابلة الملك الذي صارت عناصره من النساء. ومثلما فعل النص الأصلي بتركه النهاية مفتوحة فإن عرض الطلاب ذهب في ذات الاتجاه. الطلاب لم يقدموا النص في إطاره الكامل زمنيا، بل تم تقديم روح النص من خلال العديد من التمظهرات غير المتصلة التي تداخلت مع فقرات العرض الاحتفالي كله. وظهرت فيه مواهب الشباب التمثيلية وهم يؤدون أحداثا جرت في المسرحية منها: موت الطفل وحلقات الندب التي تلت موته، ثم رحلة النساء إلى قصر الملك يشتكين وجود الفيل في القرية. وكان لافتا تناول النص من زاوية جديدة تحمل جرعة كبيرة في الكوميديا وكذلك بإدخال عنصر موسيقى الهيب الهوب الحديثة والتي لاقت تفاعلا كبيرا من الجمهور. إبداع متجدد ◙ فهم عميق لدور المسرح في الإبداع ◙ فهم عميق لدور المسرح في الإبداع وبين العربيد أن “من يشاهد كيف تعامل الطلاب مع نص مسرحية سعدالله ونوس ‘الفيل يا ملك الزمان’، سيجد أن هنالك فهما عميقا لدور المسرح في الإبداع، وكيف أن هؤلاء الشباب يمتلكون فهما عميقا وجريئا لتقديم مسرح جديد. كلنا نعرف هذا النص المسرحي، بأجوائه وأفكاره الهامة، لكن هذه المجموعة المتميزة، قدمته بصيغة جديدة كسرت فيه حدود المعقول وذهبت بعيدا في إيجاد ملامح مسرحية استخدمت فيه أنواع رقص جديدة وتقنيات مسرحية تحمل تفجرا إبداعيا خلاقا”. وفي الرقص، تميزت لوحة كسرت حدود الحالي والكلاسيكي وذهبت بعيدا في رسم ملامح جديدة تعبر عن نزاعات إبداعية وفكرية لدى فناني الرقص. ثيمة اللوحة الأساس متعلقة بكيفية التعامل مع أيقونات الفن العالمي الخالدة – الكلاسيكية – وكانت لوحة الموناليزا الشهيرة للفنان ليوناردو دافنشي عنوانا لها. ◙ الطلاب لم يقدموا نص سعدالله ونوس كما هو بل تعاملوا مع روح النص من خلال العديد من العناصر بداية اللوحة تشي بأن ثمة من يتعامل رقصا مع اللوحة بما يليق من فنون الموسيقى والرقص والتي سرعان ما تغادر المكان مع موسيقاها لمصلحة رقص جماعي غريب تقدمه أربع فتيات وراقص واحد يرتدي زي موزة. وجود التناقض بين الحالتين المشهديتين يخلق لدى المتلقي الكثير من الأسئلة، التي سرعان ما تقدم الإجابة عنها لحظات النهاية. ففي جو أشبه بالهيستيري يقوم الشاب الراقص بأكل الموزة وسط صيحات الراقصات، ثم يقومون جميعا بتمزيق لوحة الموناليزا في دلالة حادة لطبيعة العلاقة بين أجيال ورؤى فنية متناقضة في فهم فن الرقص. وقد صمم الرقصة واحد من طلاب قسم الرقص وجد منصور وأطلق عليها اسم بوباليزا في محاكاة لاسم موناليزا. كما احتفت التظاهرة بأول دفعة من خريجي قسم النقد المسرحي، ويقول العربيد عن تكريم خريجي دفعة النقد الأولى والاحتفاء بالفنانين الخريجين “احتفاؤنا بخريجي الدفعة الأولى من قسم النقد هو تأكيد على أن المسرح يقوم على جهد الجميع، وأنهم في كل الأقسام معنيون بتقديم ما هو مفيد وخلاق لفن المسرح، المعهد بأقسامه الخمسة كان وما زال يقدم الجديد والخلاق في فن المسرح، ونحن نعد دائما بتقديم الجديد والمبدع. معهد المسرح بأقسامه كلها أعطى وما زال الكثير من المعرفة والمتعة المسرحية وطلابه الشباب قادمون إلى فن المسرح ولديهم المدهش الذي سيقدمونه لنا في المستقبل”.

مشاركة :