بلمسات فنية مذهلة وألوان خضراء زاهية، جذب مسجد القرويين في المغرب أنظار العالم، بعناصره المستوحاة من الطراز الأندلسي، ويعتبر المسجد بمدينة فاس أول جامعة في العالم، سابقاً أعرق جامعات أوروبا بعقود طويلة. تؤكد المصادر التاريخية أن هذا الجامع من الأعمال العمرانية التي أنجزتها امرأة تدعى فاطمة بنت محمد بن عبد الله القيرواني في عهد دولة الأدارسة في شهر رمضان عام 245 هـجري. ويذكر المؤرخ المغربي الدكتور عبد الهادي التازي، الذي نال درجة الدكتوراه بجامعة القرويين، أن حفر أساس المسجد والأخذ في أمر بنائه الأول كان بمطالعة العاهل الإدريسي يحيى الأول، وأن أم البنين فاطمة الفهرية تطوعت بتشييده وظلت صائمة محتسبة حتى انتهت أعمال البناء، وخلال الفترة الموحدية، بالقرنين السادس والسابع الهجريين، شهد مسجد القرويين إضافة عناصر نفعية وتزيينية جديدة، وبلغ ذروة تطويره خلا الفترة من عام 700م حتى عام 900 م، ليتسع لأكثر من 22 ألف شخص. جمع مسجد القرويين بين فنيات مسجد الأمويين في دمشق ولمسات الفن المعماري الإسباني وقصر الحمراء بمدينة غرناطة، وبخلاف معظم مساجد الغرب الإسلامي، فإن بلاط جامع القرويين ليس متعامداً مع جدار القبلة، ولكنه موازٍ له، ما يوحي بأن أصله يعكس تأثيراً شرقياً. عُرف المسجد بجمال زخرفته، لاسيما في صناعة القباب والأقواس، والنقش عليها بالعديد من الآيات القرآنية والأدعية، وعند الدخول إلى الساحة تجد 17 باباً وجناحين يلتقيان في طرفي الصحن، ويضم كل جناح مكاناً من المرمر مخصصاً للوضوء. وكان جامع القرويين جامعة حقيقية، لها دور أساس في نشر المعرفة والفكر، كما قامت الدولة المرينية بتزويده بمكتبتين ثريتين بأمهات الكتب.
مشاركة :