لا يزال بابلو بيكاسو يثير اهتماماً واسعاً رغم بعض الجدل أخيراً بشأن سلوكه مع شريكات حياته السابقات. ولمناسبة ذكرى مرور نصف قرن على وفاته، يقام نحو أربعين معرضاً حول العالم لإظهار الرسام الشهير بمختلف أبعاده. يقول أوليفييه ويدماير بيكاسو، حفيد الرسام الشهير، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «بيكاسو يأكل كل شيء ويبدو أننا ما زلنا جائعين». ويبدي «الذهول إزاء عدد أمناء المتاحف والمؤرخين والعلماء الذين يواصلون البحث عن زوايا (في فنه) للدراسة». خزفيات بيكاسو، وبيكاسو والنسوية، والأبيض في أعمال بيكاسو، وبيكاسو بعدسات أشهر المصورين، وبيكاسو الشاب في باريس، وبيكاسو النحات... مواضيع كثيرة تعالجها الأنشطة المختلفة المقامة لمناسبة «سنة بيكاسو» في فرنسا واسبانيا. ولا يزال بيكاسو «متفوقاً على الجميع» بحسب الرئيس الفخري لمركز بومبيدو في باريس برنار بليستين الذي يشيد على غرار غيره من المتخصصين، بـ«عبقرية» صاحب الكثير من الأعمال الشهيرة بينها «غيرنيكا» و«آنسات أفينيون». ويوضح أن «القوة المدمرة لعمل بيكاسو مقارنة بعمل الآخرين، والاختراع الدائم، وعبور كل التيارات العظيمة للحداثة، والتجارب الممتدة أكثر من 80 عاماً (استمر بيكاسو في الرسم حتى وفاته في سن 91 عاماً)، الرغبة في إثارة الإعجاب والاستياء على السواء... كل هذا لا مثيل له». ويضيف إيمانويل غيغون، مدير متحف بيكاسو في برشلونة، أنه بعد مئات المعارض المخصصة له، يظل الرسام مصدراً «لا ينضب» للمتاحف. لكن مع حركة «مي تو» (أنا أيضاً)، تلطخت صورة هذا العملاق في فن الرسم من خلال اتهامات بكراهية النساء والعنف ضد شريكات حياته السابقات. وتأمل الأمينة السابقة لمتحف بيكاسو إميلي بوفار، أن تكون هذه الذكرى بمثابة «بداية لمسار خلاصي» بشأن طريقة التعامل في الأمور المتعلقة بهذا الفنان «الشعبي»، الذي «جسد التزاماً نواصل الحديث عنه وقدم نفسه كرجل قريب من الجميع وكان فعلا كذلك». مديرة متحف بيكاسو في باريس سيسيل دوبريه (إ.ب.أ) وتقول «مي-تو هزت الركود القائم وهذا أمر جيد»، مضيفة «يجب أن نتوقف عن الحديث عن النساء اللواتي مررن بحياته كملهمات. فقد انتحر بعضهن، وغرق بعضهن الآخر في الجنون. كانت فرنسواز جيلو الوحيدة التي نجحت في الخروج من العلاقة بسلام، وهي وحدها التي تركته». هذه الرسامة المقيمة حالياً في الولايات المتحدة، وصفت بيكاسو بأنه «كائن مستبد ومتطيّر وأناني»، وذلك في كتاب شهير بعنوان «العيش مع بيكاسو» نُشر عام 1964. وتضيف بوفار «إلى جانب ذكوريته، فإن بيكاسو هو الشخص الذي استولى على الأشياء والكائنات وتملَّكَها بمشاعر انتيابية من المعاناة والألم. كان مهتماً بالأسئلة القديمة عن الذات والعنف المرتبط بشجاعة معينة لكنه تسبب بمعاناة لمن حوله. تناول هذه المسألة يعني التحدث بشكل مختلف ولكن بدقة عن بيكاسو». وسيبدأ معرض عن «بيكاسو والنسوية» في يونيو (حزيران) في متحف بروكلين في نيويورك، تتولى مركز المفوضة فيه الممثلة هانا غادسبي التي وجهت انتقادات لاذعة لبيكاسو في عمل تلفزيوني حقق نجاحاً كبيراً على «نتفليكس». وهناك أيضا معرض في متحف مخصص لبيكاسو في باريس، وهو موقع أقل إثارة للجدل وأكثر احتفالية جرى تحويله على يد المصمم البريطاني بول سميث. وتقول مديرة المتحف سيسيل دوبريه إن هذا المعرض هدفه «الانفتاح على المناقشات والتفكير في بيكاسو من أجل إعادة قراءة أعماله وإظهار حيويته». بالإضافة إلى المعارض، يتم التخطيط لتنظيم عدد كبير من المؤتمرات هذا العام، فضلاً عن الافتتاح في الخريف لمركز أبحاث في باريس، قرب متحف بيكاسو، وندوة دولية في الوقت نفسه في مقر اليونسكو بباريس.
مشاركة :