حينما يتغلب التكفير على التفكير تتحول المساجد من التكبير إلى التفجير ، عقول لا ندري كيف تم اقناعها أن الجنة فوق جثث المسلمين ،، هذه هي الحقيقة المرة التي تدمي قلوبنا وتحز في نفوسنا أن نرى شباباً من لحمنا ودمنا يفتك ويقتل ويبيح دم أخ لهم حر لم يؤذيه ولم يتعرض له ولم يسيئ له لا من قريب ولا من بعيد ، وأكثر من هذا لم يزاحمه في سكن ولم ينزع عنه لقمة عيش ، بل كان هذا الآخر انساناً ودوداً ، وعاملا كادحاً ومواطنا منتجا ً ، كان معلماً في مدرسة ، مزارعاً في حقل ، كان طبيباً بارعاً ، ومهندساً ناجحاً ،،كان رجل أمن يسهر على سلامته ويحفظ أهله ، وكان بطلاً باسلاً يعمل في قوات الطوارئ الخاصة الذين توكل إليهم مهام صعبة في مكافحة شتى أنواع الإرهاب والتخريب , وإنقاذ الرهائن والمخطوفين وحفظ النظام في مواسم الحج والعمرة .. ما الذنب الذي اقترفه ساكن الإحساء والمتعبد لربه في مسجد الإمام الرضا حتى يقتل ؟ فقط لأنه شيعي المذهب ؟ ألا تعلم أن طائفته الكريمة عاشت قدم التاريخ على أرض هذه البلاد الغالية ولم ترتض غيره بلداً ،، واتسم أهلها بالطيب والأخلاق الحميدة ، وأغلبهم من ذوي الكفاءات العلمية التي ساهمت في بناء وتنمية اقتصاد الوطن ، كما تميز رجال الدين فيها بالحكمة والتعقل ،حيث كانوا يهدؤون من روع أهل الشهداء ويدعونهم للصبر وعدم اللجوء إلى الانتقام والعنف وزعزعة أمن الوطن وضرب مصالحه الحيوية ، وإلى التمسك بتعايشهم السلمي والاجتماعي الذي فيه فشل لخطط الارهابيين ،، ولطالما سمعناهم يرددون ” إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه ” فبأي حق أيها الارهابي تقتل تلك النفس التي حرم الله ،وتفجر بحزامك الناسف أجسادهم الطاهرة وتنهي حياة هذا المبدع وذاك المواطن الصالح ، وهؤلاء الجنود الأشاوس ، وعلى أي شريعة سماوية تستند ؟ يا فاقد الاحساس ومغيب الضمير ، لقد أكرمهم الله بنيل شرف الشهادة وارتوت الأرض بدمائهم الذكية ..نقول لك ولمن ضللوك : إن شهداءنا سيبقون في ذاكرتنا هامات عالية ولن ننساهم بل سنجعل من مصابنا الجلل في فقدهم وصبر ذويهم حافزاً ومبعث حماس لنضاعف من صمودنا وتحدينا وسنتبع أثركم أيها المخربون ونخلص البشرية من شركم بإذن الله . ومن أجل أن نبعد عن مجتمعنا هذا الارهاب المدمر ، لا بد من تصحيح المفاهيم والمعتقدات والموروث الثقافي الخاطئ الذي يحمله البعض عن المذاهب الأخرى ، وهناك ضرورة ملحة إلى تكثيف الحملات التوعوية والإرشادية من قبل وزارة الشؤون الإسلامية ومركز الحوار الوطني والمجتمع المدني تدعو إلى المحبة والتسامح بين كل الأجناس ونبذ الطائفية ، وتعزيز قيم التعاون والاتفاق في الآراء واحترام الاختلاف فيما بين أفراد المجتمع الواحد ، وهناك حاجة ملحة إلى حراسة دور العبادة من قبل شباب مؤهلين يشكلون سياجاً أمنياً لحمايتها من أي اعتداء أو اختراق ، ومطلوب أيضاً ، كما قال الأمير نايف (رحمه الله ) أن كل مواطن عليه أن يعتبر نفسه هو رجل الأمن الأول ، ولكي لا تقوّض هذه الجهود المبذولة في الحفاظ على الوحدة الوطنية ويعيش الجميع في إخاء ومساواة ، وتتكرس مبادئ العقد الاجتماعي ، نأمل باستصدار قانون يجرم كل من تسوّل له نفسه بث الحقد والكراهية والتأجيج الطائفي وشق النسيج الاجتماعي ، وسيثبت التاريخ أننا لا نسجّل أماني ونيّات، بل أفعال ووقائع . رحم الله شهداءنا وحفظ بلادنا …وجعلها آمنة مطمئنة.
مشاركة :