القاهرة - يزور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السعودية اليوم الأحد، بينما تواصل القاهرة سعيها للحصول على تدفقات مالية لتخفيف الضغط على الجنيه وتنفيس أزمتها الخانقة ودعم اقتصادها المتعثر. وأفادت قناة "النيل" للأخبار المصرية الرسمية بأن السيسي سيؤدي اليوم الأحد زيارة إلى السعودية تستغرق عدة ساعات". وأضافت "من المقرر أن يلتقى الرئيس المصري ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وتوسيع نطاق الاستثمارات". وتشهد العلاقات السعودية المصرية تطورا لافتا خصوصا أنها مبنية على التعاون الإستراتيجي والتنسيق المستمر تجاه القضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية، وفق ما أشارت إليه صحيفة "عكاظ" السعودية. وزار السيسي، منذ توليه الرئاسة في يونيو/حزيران 2014، الرياض 14 مرة. ودأبت السعودية على دعم مصر ماليا، لكنها أشارت في الآونة الأخيرة إلى أنها لن تقدم مثل هذا الدعم دون قيود وهو ما يعتقد مراقبون أنه ربما أثار صداما إعلاميا نادرا بين البلدين. وتأتي هذه الزيارة وسط إعادة ترتيب كبير للعلاقات الدبلوماسية بين دول المنطقة، مع تحركات من السعودية ومصر لتخفيف حدة التوتر مع سوريا وإيران وتركيا. وهبّت المملكة وحلفاؤها الخليجيون مرارا لمساعدة لمصر منذ أن قاد السيسي الإطاحة بمحمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين قبل عشر سنوات. وأودعت السعودية والإمارات وقطر ودائع في البنك المركزي المصري وتعهدت بضخ استثمارات كبيرة بعد أن عمّقت الحرب في أوكرانيا المتاعب المالية التي تواجهها مصر، لكن هذه الاستثمارات شهدت تباطؤا، مما زاد من الضغوط على الجنيه في الأسابيع القليلة الماضية رغم أنه فقد ما يقرب من نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس/آذار 2022. وأودعت الرياض في العام 2021 وديعة بقيمة ثلاثة مليارات دولار في البنك المركزي المصري، كما وقع الجانبان السعودي والمصري اتفاقية تهدف إلى جذب استثمارات سعودية بمصر بقيمة تقدر بنحو 10 مليارات دولار. ووقعت مصر موفى العام الماضي خطة إنقاذ تقدّر بثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي لمساعدة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها المالية. وأعلنت السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني عن تمديد أجل وديعة مالية لها لدى البنك المركزي المصري بقيمة إجمالية تبلغ 5 مليارات دولار أميركي في محاولة لدعم الاستقرار المالي وفي إطار مساع مصرية لتعزيز النقد الأجنبي في السوق. وقالت وزارة المالية السعودية في وقت سابق "هناك تواصل مستمر بين الجهات المعنية في البلدين من أجل تعزيز التنسيق وفق آليات متنوعة، خصوصا فيما يتعلق بضخ استثمارات عديدة في السوق المصرية بالعملات الأجنبية إضافة إلى الودائع السعودية". وتعوّل القاهرة على الدعم الخليجي لإنعاش اقتصادها المتعثر ويعتزم الخليجيون الاعتماد على الاستثمارات كسبيل وحيد للدعم عوضا عن المساعدات، ما سيمنحهم الأولوية في عملية الاستحواذ. ويأتى على رأس المستحوذين صندوق الثروة السيادية في أبوظبي (القابضة أيه دي كيو) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي اللذان أبرما 40 صفقة تقدّر بنحو 3.1 مليار دولار للاستحواذ على حصص في عدد من أقوى الشركات المدرجة في البورصة المصرية، بحسب تقرير لـ"أنتربرايز". القاهرة – أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مساء السبت أن بلاده متماسكة وستعبر الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم، كما كافحت الإرهاب ونجحت في القضاء عليه، مبديا قلقه من استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية التي ألقت بظلال قاتمة على القاهرة. وقال السيسي في كلمة خلال لقائه شرقي البلاد، مقاتلي الجيش الثاني والثالث وشيوخ قبائل سيناء، تزامنا مع "ذكرى انتصار العاشر من رمضان (هجريا)" التي توافق يوم حرب 6 أكتوبر 1973، أمام إسرائيل "أطمئنكم على حالنا، نعم هناك أزمة اقتصادية كبيرة جدا يمر بها العالم ولها تأثير كبير علينا، لكن بالرغم من هذا نحن (الدولة) متماسكون وسنتجاوزها وسنعبر هذه الأزمة وستكون تاريخا مثل عبورنا الأزمة الكبيرة الخاصة بمكافحة الإرهاب وقضينا عليه". وأضاف السيسي مخاطبا ضباط الجيش، أن "الإرهاب انتهى بكم، وقريبا ستنتهي هذه الأزمة لتصبح تاريخا، حتى الدولار بفضل الله وبفضلكم سيكون تاريخا، لكن لا بد أن نعرق ونشقى". وتواجه مصر أزمة غلاء، لا سيما مع تراجع سعر صرف العملة المصرية منذ قرار البنك المركزي الانتقال إلى سعر صرف مرن في أكتوبر الماضي، ليتخطى الدولار حاجز الـ30 جنيها، مع توقعات بتراجع جديد لسعر صرف العملة المحلية، ما دفع إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات. ولا يزال الاقتصاد المصري يعاني من تداعيات سنوات ماضية من الأزمات السياسية والهزات الأمنية والعنف، تلتها جائحة كوفيد واليوم من تأثيرات الحرب الأوكرانية، إذ أن روسيا وأوكرانيا هما البلدان الأساسيان اللذان كانت مصر تستورد منهما القمح، كما أنهما كانا مصدرا أساسيا للسياح الذين يزورون بلاد النيل. ويعيش ثلث سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، وفق البنك الدولي، بينما ثلث آخر معرّضون لأن يصبحوا فقراء. وقال الرئيس المصري "إياكم أن تعتقدوا أن هذه الأزمة لن تمر" مشيرا إلى أنه قبل عشر سنوات قال إن الإرهاب سينتهي، "وهو ما حدث". وأبدى السيسي قلقه من استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية التي اندلعت منذ 14 فبراير 2022، قائلا بأن مصر "كانت تتمنى انتهائها السنة الماضية لكن الموضوع امتد لأكثر من سنة ويمكن أن يمتد أكثر من ذلك". وأكد الرئيس المصري أن بلاده تعمل على حل الأزمة الاقتصادية، مضيفا "نبذل مجهودا أكبر بشكل علمي ومدروس". ومتطرقا إلى الأوضاع في سيناء وذكرى "انتصار العاشر في رمضان"، طلب السيسي الوقوف "دقيقة اعتزاز بأرواح الشهداء التي أعادت الأمن والأمان لكل مصر وسيناء التي رجعت كاملة بعيدا عن الأشرار الذين قاتلناهم 10 سنوات تقريبا". وأكد السيسي أن "القتال الذي تم لا يقل عن أي قتال دخلته مصر في معارك سابقة ولا يقل عن أبدا عن (حرب) أكتوبر (1973)، ونحن لم نعمل شيئا (وحدنا) الذي فعل ذلك أبناء مصر وأولادها من الجيش والشرطة وأبناء سيناء". وشدد على أن بلاده مستمرة في دعم سيناء التي استعادتها بـ"ثمن كبير"، وستستمر في التنمية وكل المشروعات التي تعود بالخير عليها وعلى مصر كلها. وأنهت الحكومة المصرية، إنشاء عدد من المشاريع الاستراتيجية في شبه جزيرة سيناء، شرقي البلاد، في قطاعات الكهرباء والمياه والمواصلات والاتصالات، لحاجة المواطنين الملحة إلى البدء الفوري في تشغيلها. ومن شأن ذلك أن يخفّف من معاناة المواطنين في شبه جزيرة سيناء المستمرة منذ عقود، والتي تفاقمت منذ عام 2013 بسبب الحرب على الإرهاب والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي رافقت تلك المرحلة. وأكد السيسي أنه لن يسمح لأحد بأن "يرفع السلاح هنا (في سيناء) أو في أي مكان بمصر خارج سلطان الدولة"، مؤكدا أن "التخاذل في التعامل مع ذلك من 2005 وحتى 2010، دفع كل المصريين ثمنه". وأضاف "سيتم مواجهة من يفعل ذلك بشدة كبيرة وسيتم مجابهته بمنتهى البطش الآن هناك دولة ولها سلطان ممتد على كامل أراضيها وسيكون سلاح الدولة موجها ضد الأشرار وليس ضد الأخيار". وفي 24 يناير الماضي، قال الرئيس المصري إن بلاده "تخلصت من الإرهاب بنسبة كبيرة بعد 10 سنوات"، وسط توجه حكومي منذ 2022 لإعادة مواطنين في شمال سيناء لمنازلهم بعد سنوات من العمليات العسكرية. وشهدت مصر في 25 يناير عام 2011 انطلاق شرارة الاحتجاجات التي أفضت إلى إسقاط حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد ثلاثين عاماً في السلطة، وتواكبت تلك المظاهرات مع انفلات أمني في شبه جزيرة سيناء، حيث نفّذت مجموعات "إرهابية" عمليات ضد قوات للجيش والشرطة ومدنيين.
مشاركة :