الكويت – يتردد في الأوساط السياسية الكويتية عن توجه الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة، وهي خطوة إن تحققت ستعزز الشكوك حول وجود خلافات داخل الأسرة الحاكمة، مثلما أشارت في وقت سابق مصادر نيابية. واجتمع ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الأحد، برئيس الوزراء المكلف، ولم ترشح أي معلومات حول فحوى اللقاء، فيما اكتفت وكالة الأنباء الرسمية الكويتية بالإعلان عنه دون تقديم تفاصيل. وكلف ولي العهد الكويتي في الخامس من مارس الماضي الشيخ أحمد النواف، نجل الأمير الحالي للبلاد، بتشكيل حكومة جديدة. وكان من المفترض أن يجري الإعلان عن التشكيلة الحكومية لكن قرارا صدر عن المحكمة الدستورية بشأن حل البرلمان المنتخب حديثا، وإعادة البرلمان السابق في التاسع عشر من مارس، أعاد خلط الأوراق. وتحدثت مصادر نيابية مؤخرا عن وجود صراع بين الشيخ أحمد النواف، والشيخ أحمد مشعل الأحمد، الابن الأكبر لولي العهد، والذي يرأس جهاز متابعة الأداء الحكومي، لكن الأخير سارع إلى نفي الأمر. وقال الشيخ أحمد المشعل إن “تلك التصريحات تجاوز سافر، وهي غير مقبولة وغير صحيحة جملة وتفصيلا”. وأضاف أن “مثل هذه التصريحات كمن يرسم على الماء، ولا تمثل سوى نهج لتأجيج المشاعر واختلاق وقائع لا أساس لها من الصحة، وتؤدي إلى اضطراب العلاقة بين أسرة الحكم وبين المواطنين”. وأكد الشيخ أحمد المشعل “على أنه أحد جنود السلطة التنفيذية الذين يعملون تحت رئاسة رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد، ويتلقى توجيهاته السديدة لكونه المشرف على أعمال جهاز متابعة الأداء الحكومي”. ويرى مراقبون أن عدم الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة من شأنه أن يضاعف الشكوك حول مصداقية ما يروج له بعض النواب، كما أنه يضفي المزيد من الضبابية التي تلف المشهد السياسي الحالي في الكويت، والذي خلفه قرار المحكمة الدستورية. ويقول المراقبون إنه حتى وإن كانت هناك خلافات داخل الأسرة الحاكمة، فإن من المستبعد أن يذهب الشيخ أحمد النواف حد الاعتذار، خاصة وأن ذلك من شأنه أن يزيد الوضع سوءا. ويعتقد المراقبون أن زيارة الشيخ أحمد النواف لولي العهد قد تكون في علاقة بعرض التشكيل الحكومي الجديد والاتفاق على الخطوات المفترض القيام بها لإنهاء الأزمة السياسية الحالية. ووجه رئيس مجلس الأمة العائد مرزوق الغانم، السبت، الدعوة لعقد جلسة المجلس العادية العلنية يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين. وتضمن البند الأول في جدول أعمال الجلسة تلاوة الأوامر الأميرية والمراسيم الخاصة بتشكيل الوزارة، وأداء الوزراء من غير أعضاء مجلس الأمة اليمين الدستورية حسب نص المادة 91 من الدستور. البرلمان تحول في السنوات الأخيرة إلى عنصر أزمة، الأمر الذي يدفع البعض إلى الدعوة إلى إعادة تشكيل النظام السياسي في الدولة الخليجية. ولا يعرف بعد موقف كتلة المعارضة التي سبق وأعلنت رفضها بالمطلق عودة برلمان الغانم، وأنها ستتصدى لأي محاولة لتمرير التشكيل الحكومي المنتظر في المجلس التشريعي. وكان الغانم دعا، في الحادي والعشرين من مارس الماضي، إلى إجراء انتخابات جديدة، والرجوع إلى الشعب “مصدر السلطات جميعها”، وذلك بعد إقرار كل التشريعات الضامنة لنزاهة الانتخابات. وطرح الغانم يلاقي انقسامات في صفوف المعارضة، حيث هناك شق يتبنى وجهة نظر رئيس مجلس الأمة العائد، فيما يطالب شق آخر بعدم القبول بعودة المجلس، وذهب البعض حد إعلان التمرد على قرار المحكمة الدستورية، التي يرى أنها استولت على جزء من الصلاحيات الأميرية. وفي الثاني من أغسطس الماضي، صدر مرسوم أميري بحل مجلس الأمة لعدم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في أزمة استمرت عدة أشهر. وأجريت، في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي، الانتخابات الأخيرة لمجلس الأمة الكويتي، وأعلنت نتائجها في الثلاثين من الشهر ذاته، ولكن سرعان ما بدأت أزمة جديدة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، في العاشر من يناير الماضي، عقب انسحاب الحكومة من جلسة نيابية، بعد خلاف حول جملة من مشاريع القوانين وفي مقدمتها مشروع إسقاط القروض عن المواطنين. وقدمت حكومة الشيخ أحمد النواف استقالتها، التي قبلها ولي العهد الكويتي، الذي أوكل إليه جزء مهم من صلاحيات الأمير. ويتمتع البرلمان الكويتي بسلطات واسعة، ويشمل ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الحكومة والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة. وقد تحول البرلمان في السنوات الأخيرة إلى عنصر أزمة، الأمر الذي يدفع البعض إلى الدعوة إلى إعادة تشكيل النظام السياسي في الدولة الخليجية.
مشاركة :