فجرت قضية رفع سعر تذاكر مباريات الدوري الإنجليزي انزعاجا كبيرا لمشجعي أندية الدرجة الممتازة التي هددت بانسحاب جماعي في وقت واحد من المباريات تعبيرا عن اعتراضها. Ads by Buzzeff وغادر نحو 10 آلاف مشجع لليفربول ملعب «إنفيلد رود» في الدقيقة 77 من مباراته السبت ضد سندرلاند (2 - 2)، اعتراضا على خطط رفع سعر التذاكر إلى 77 جنيها إسترلينيا (112.99 دولار). واتهمت رابطة مشجعي كرة القدم في إنجلترا وويلز الأندية بالجشع بسبب الارتفاع المتوالي لأسعار التذاكر، في الوقت الذي تستعد فيه الأندية للحصول على زيادة كبيرة تتجاوز 8 مليارات جنيه إسترليني من حقوق بيع البث التلفزيوني لثلاثة مواسم من 2016 حتى موسم 2018 / 2019. وأشارت رابطة المشجعين إلى أنها ستدعو لعقد اجتماع لمناقشة إجراءات منسقة، بينها انسحاب جماعي في وقت واحد من مباريات الدوري. وقال كيفن مايلز رئيس الرابطة: «هناك عدة خيارات.. انسحاب جماهير ليفربول أظهر بنجاح قضية تحمل تكاليف مباريات كرة القدم وينبغي أن تستمع الأندية». ودعا الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول إلى التوصل إلى حل يرضي الجميع في النادي، بينما انضم مدافع النادي السابق جيمي كاراغر إلى المحتجين وظهر خارج الملعب مع الجماهير الغاضبة. وقال كلوب: «توجد كلمات قليلة من ناحيتي في هذا الشأن، لكن يجب علينا التفكير في الأمر والحديث عنه.. أعلم أن ايان اير المدير التنفيذي للنادي أجرى بعض المحادثات، لكن نحن على اتصال معه لإيجاد حل يرضي الجماهير فهذا مهم للغاية». وتابع: «من النادر وجود حل يرضي جميع الأطراف. يجب التوصل إلى حل وسط، هكذا تسير الأمور». ويذكر أن روابط المشجعين قد حذرت الأندية من رفع أسعار التذاكر، بل طالبت بتخفيضها في أعقاب الاتفاق الذي سيضمن زيادة هائلة للإيرادات من عائدات البث التلفزيوني. ويذكر أن نادي آرسنال هو صاحب أعلى سعر لتذكرة مباريات الدوري الإنجليزي على ملعب الإمارات، حيث تصل الشريحة الأقل إلى نحو 65 جنيها بينما يتجاوز متوسط تذاكر الفئة العادية (دون الأماكن المتميزة) حاجز الـ90 جنيها إسترلينيا. وما زال خالدا في ذاكرة الجماهير ما حدث في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عندما تعمد نحو 1500 مشجع هم نصف مشجعي فريق بايرن ميونيخ الألماني الذين وفدوا إلى «استاد الإمارات» في لندن لحضور مباراة ناديهم أمام آرسنال في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا، الخروج من المدرجات لقرابة خمس دقائق في بداية المباراة لإبداء اعتراضهم على ارتفاع أسعار التذاكر. أما النصف المتبقي، الذين لم يتمكنوا من الانضمام إليهم لضيق المساحة، فرفعوا لافتات تعرب عن احتجاجهم. ورفع مشجعو بايرن ميونيخ، الذين دفع كل منهم 64 جنيها إسترلينيا مقابل التذكرة لافتة كبيرة مكتوبا عليها: «64 جنيها إسترلينيا للتذكرة، لكن من دون المشجعين لا تساوي كرة القدم بنسًا واحدًا». وقد أثنى عليهم مشجعو آرسنال مع عودتهم إلى المدرجات بعد مرور الدقائق الخمس الأولى من المباراة، والتي انتهت بانتصار النادي صاحب الأرض بهدفين مقابل لا شيء. المعروف أن آرسنال يشكل منذ فترة طويلة هدفًا لأولئك المعترضين على ارتفاع أسعار التذاكر، بسبب فرضه للأسعار الأعلى على مستوى الدوري الإنجليزي. وكانت دراسة أجرتها محطة «بي بي سي» عن أسعار تذاكر مباريات كرة القدم، والتي حللت أسعار تذاكر مباريات 227 ناديا بمختلف أرجاء بريطانيا وأوروبا، قد كشفت أن آرسنال يتسم بأعلى سعر للتذاكر للمباراة، بينما يتميز بايرن ميونيخ بأقل سعر للتذاكر الموسمية على مستوى «بوندسليغا»، حيث يبلغ 140 جنيها إسترلينيا، وأن متوسط سعر أرخص تذكرة في الدوري الممتاز ارتفع لما يفوق 30 جنيها إسترلينيا للمرة الأولى بعد إقدام 11 ناديًا على زيادة أسعارها في هذه الفئة. وتكشف الأبحاث الصادرة عن مسؤولي الدوري الممتاز أنفسهم أن متوسط سعر التذكرة للمباراة في موسم للدوري الممتاز بالنسبة لأصحاب اشتراكات المواسم، والذين يشكلون ثلثي مرتادي الملاعب، يبلغ 32.50 جنيه إسترليني للبالغين و10 جنيهات إسترلينية للقاصرين. ووفقا لإحصائية الإيرادات يأتي نادي ستون فيلا في المركز الأول لأقل سعر تذكرة لمباريات الدوري (23 جنيها إسترلينيا)، ورغم ذلك فهو سعر يزيد كثيرا عن تذاكر عروض الأوبرا (كارمن، 11 جنيها إسترلينيا)، والباليه (كسارة البندق، 14 جنيها إسترلينيا) في لندن. وكانت اعتراضات مشجعي مانشستر سيتي منذ عامين على أسعار تذاكر المباريات المنعقدة خارج ملعبهم قد أثارت موجة جديدة من الاعتراضات العامة بخصوص هذه القضية. وعن هذا، قال مايلز رئيس رابطة المشجعين: «تطلع كثير من مشجعي أندية الدوري الإنجليزي الممتاز بحسد نحو أسعار تذاكر مباريات الدوري الألماني على مدار سنوات، إلا أنه أحيانا نحتاج إلى معاينة تأثير أسعار تذاكرنا على زائرين أجانب لزيادة التركيز على ما يتكبده المشجعون الإنجليز من أموال لمشاهدة المباريات». وأضاف: «يتمتع الألمان بأسعار معقولة للتذاكر، بل وربما رخيصة مقابل جميع المباريات، وليس مباراة استثنائية أو حفنة من المباريات ذات التصنيف الأقل، والتي تجري الإشارة إليها لاحقًا باعتبارها مثالاً على سياسات تسعير جيدة». في السياق ذاته، قال كليف إفورد، وزير رياضة «الظل»، إن الوقت حان كي «يتوقف الدوري الممتاز عن التهام كل هذه الأموال وإنفاقها في صورة رواتب ضخمة ولتعزيز ثقافة الجشع المتفشية في أوساط المستويات العليا من المسؤولين الرياضيين». من جهته، أعلن «صندوق مشجعي آرسنال» أن أغلى سعر لتذاكر مباراة للنادي على ملعبه كانت 125 جنيها إسترلينيا، مشيرًا إلى أنه مارس ضغوطًا مستمرة على النادي لتخفيض الأسعار. ونوه الصندوق بأن النادي دفع 3 ملايين جنيه إسترليني مؤخرًا كأجور استشارات سددها مالك النادي، الأميركي ستان كرونكي. جدير بالذكر أن حضور مباراة (تصنف من الجماهيرية) في استاد «أليانز أرينا» الخاص ببايرن ميونيخ يكلف ما بين 15 و50 يورو، وذلك بهدف تشجعي الجماهير للوقوف خلف ناديه. المعروف أن «بايرن ميونيخ» - مثلما الحال مع أندية أخرى في الدوري الألماني (بوندسليغا) - يعرض مجموعة أوسع من الأسعار عما يتوافر داخل إنجلترا. ورغم أن آرسنال جمد أسعار التذاكر الموسمية خلال هذا الموسم، فإنها ما زالت الأعلى بين الأندية الإنجليزية وتبدأ من 1.014 جنيه إسترليني، وللحد من غضب الجماهير تم طرح فئة جديدة من التذاكر للمنتمين إلى الفئة العمرية بين 12 و16 عامًا، إلا أن هذا لم يكن كافيًا بالنسبة إلى «صندوق مشجعي آرسنال»، الذي مثلما الحال مع اتحادات مشجعي الأندية الأخرى، الذي يطالب باتخاذ مزيد من الإجراءات حيال أسعار التذاكر للمنتمين إلى الفئة العمرية ما بين 16 و25 عامًا وأغلبهم من الطلبة وغير العاملين. ورغم أن مسؤولي الدوري الممتاز يتباهون بأن الاستادات عادة ما تمتلئ مدرجاتها بنسبة تفوق 95 في المائة، وأن مشجعي كرة القدم حاليًا أصبحوا أكثر تنوعا عن أي وقت مضى، فإن التكتلات المعبرة عن مشجعي كرة القدم في المقابل ترى أن بعض أندية الدوري الممتاز تخاطر بخسارة جيل من المتفرجين من خلال فرضها أسعارا لا تتوافق مع دخول من هم دون الـ20. ويقول آخرون إن كثيرا من أصحاب الدخول المنخفضة أصبحوا يعانون من حظر فعلي بالنسبة إلى مشاهدة مباريات كرة القدم من داخل الملاعب. في هذا الصدد، قال كليف إفورد: «لا نزال نتحدث عن أندية كرة القدم، إن لفظ (نادٍ) يعني جمع الناس معًا كي يدعموا فريقهم. ومن أجل حماية مستقبل اللعبة يجب أن نمكن المشجعين الشباب والآخرين أصحاب الدخول المنخفضة من القدوم للملاعب وتشجيع أبطالهم». ومع استمرار امتلاء مدرجات الملاعب بالجماهير رغم الشكاوى من ارتفاع أسعار التذاكر، يأمل اتحاد مشجعي كرة القدم في إقناع الأندية بأن خفض الأسعار سيخدم مصالحها في تعزيز الانتماء إلى النادي والحفاظ على مناخ عام يساعد في ترويج الدوري الإنجليزي الممتاز بمختلف أرجاء العالم. أما إفورد، وزير رياضة الظل، فأكد أن على الأندية واجب أخلاقي تجاه خفض أسعار التذاكر وأمام الزيادة الهائلة في عائدات حقوق البث التلفزيوني، ليس هناك أي مبرر لاستغلال المشجعين على هذا النحو.
مشاركة :