باتت مدينة حمص القديمة التي تغيرت معالمها بعد 20 شهرا من القصف والمعارك العنيفة بين النظام السوري والمعارضة، مصدر إلهام للفنانين ومسرحا لأعمالهم على اختلاف مجالاتهم. ووسط الخراب والدمار في مدينة حمص في وسط سورية، اختار جود سعيد أن يخرج فيلمه "مطر حمص" في صيف عام 2014، بعد ثلاثة أشهر على انسحاب الفصائل المقاتلة بعد دفاعها بشراسة عن المدينة وإجبارها على الخروج منها بموجب تسوية إثر عامين من حصار خانق فرضه الجيش السوري. ويقول سعيد (35 عاما) لوكالة فرانس برس، في نهاية عام 2013 كنا بصدد التحضير لفيلم يتحدث عن حصار ثلاث شخصيات وكنا ننوي تصوير ذلك ضمن ديكورات سنقوم ببنائها لهذا الغرض، وفي اللحظة التي حصلت فيها الاتفاقية في حمص نقلنا كل هذا الحدث إليها، إلى الديكور الحقيقي. ويسرد الفيلم أحداث الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحصار من خلال عرض قصة امرأة وأختها الصغرى اللتين انتهزتا فرصة أول عملية إجلاء للمدنيين في فبراير 2014 للدخول إلى المدينة القديمة بحثا عن شقيقهما المفقود، وبقيتا هناك بمساعدة قس تم قتله في وقت لاحق. ويروي المخرج، الذي حاز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان القاهرة السينمائي عام 2015 عن فيلمه الآخر "بانتظار الخريف"، أن حمص المدمرة كانت تعد جزءا من شخصيات "مطر حمص" بمعنى أن هذا المنظر يلخص ما نحن كبشر قادرون على فعله من بشاعة". وأمضى فريق العمل نحو 200 يوم بين أنقاض هذه المدينة التي تخلو من أي مظاهر حياة باستثناء وجود عناصر الجيش فيها. ويقول مخرج الفيلم، تروي هذه المدينة ذاكرة أهلها الذين تفرقوا وبقيت هذه الأحجار المدمرة تحمل أسماءهم وآلامهم ودموعهم. ويتابع "نحن، السوريون كلنا، مسؤولون عن مأساتنا. لا يهم من قام، اين وكيف، وعلينا إيجاد الوسائل للتعافي من جروح أرواحنا وأحجارنا". وتعكس يارا عيسى (26 عاما) التي روعها ما حدث في المدينة كل ما تشعر به تجاه حمص في لوحاتها. وتقول "كان جو الموت واضحا جدا في حمص، أشخاص يقتلون وشهداء وتفجيرات وقذائف، كان هناك دمار إنساني وبدأت برسم ما شاهدته والتعبير عن ذلك باستخدام الألوان الباردة التي ترمز للحزن". واضطرت هذه الشابة المتحدرة من حي باب السباع في المدينة القديمة للانتقال إلى دمشق بعدما دمر منزلها و"جميع الأماكن" التي كانت ترتادها. وتضيف يارا، إن الفنان السوري يرسم "كي نذكر العالم بعد الحرب ماذا حدث لنا، أريد أن يكون ذلك موجودا لأننا مررنا بمرحلة صعبة جدا، ولكي أبقى على تواصل مع الماضي". واختار جعفر مرعي بدوره الدمار في مدينة حمص وواجهات الأبنية المدمرة خلفية لصور يلتقطها لعرسان يحتفلون بزواجهم، الفتاة في فستانها الأبيض والشاب في بدلته. وصور مرعي ثلاث حفلات زفاف وسط الأماكن المدمرة، حيث اقترح على العرسان التصوير في تلك الأماكن، لإظهار الدمار الذي حل في المدينة.
مشاركة :