تتفق مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أو تختلف معه، فالحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن هذا الرئيس تم استهدافه بالاتهامات والتحقيقات الفاشلة من قبل الحزب المضاد بشكل لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية منذ جورج واشنطن -أول رئيس لأميركا-. وقد ذكر ترمب تلك التحقيقات والاتهامات الواهية التي أضرت به على وجه الخصوص ومصداقية واشنطن على وجه العموم، وذلك في بيان له ردًا على الاتهام الموجه إليه من قبل هيئة المحلفين في ولاية نيويورك، حيث قال: "هذا بدون شك اضطهاد سياسي وتدخل في الانتخابات على أعلى مستوى عرفه التاريخ. منذ أن نزلت المصعد الذهبي في برج ترمب، وحتى قبل أن أؤدي اليمين كرئيس للولايات المتحدة، انخرط الديموقراطيون اليساريون المتطرفون -أعداء الرجال والنساء الكادحين في هذا البلد- في مطاردة لتدمير حركة "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". الشعب الأميركي يتذكر مثلما أتذكر: اتهامات التواطؤ الروسي الواهية، قضية التأمر مع أوكرانيا للإضرار بجو بايدن خلال الانتخابات 2020، والتحقيق لمرتين متتاليتين تحت قبة مجلس النواب". ما زالت تفاصيل لائحة الاتهام داخل أدراج موصده، وفي هذا الصدد صدر مساء الخميس الماضي بيان عن مكتب المدعي العام في مانهاتن قال فيه: "اتصلنا هذا المساء بمحامي السيد ترمب لتنسيق استسلامه إلى مكتب مانهاتن دي إيه للمحاكمة على لائحة اتهام للمحكمة العليا، والتي لا تزال سرية. وسيتم توفير التوجيه عند تحديد تاريخ الاستدعاء". كل ما هو معروف في الوقت الحاضر أن ترمب يخضع للتحقيق من قبل مكتب مانهاتن، الذي يحقق في دفع محامي ترمب مبلغ 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز، وذلك لضمان عدم الكشف عن علاقتها مع ترمب. الممثلة تزعم وترمب من جانبه ينفي تمامًا وجود هذه العلاقة. بالنظر إلى ما يحدث مع ترمب منذ إعلان الترشح للبيت الأبيض وهزيمة هيلاري كلينتون وحتى اليوم نجد أن خصوم ترمب يعملون وفق المثل الإنجليزي: "ألقوا طينًا كافيًا على الحائط، وسيلتصق بعض منه". والحقيقة أن هذه القضية بالذات قد تلتصق بالحائط رغم ضعفها، وذلك يعود إلى أن الكثير من المتابعين في المشهد العدلي على قناعة بأن ترمب لن يحظى بمحاكمة نزيهة في نيويورك، هذه الولاية التي يعلم الجميع حدة بغض المشرعين فيها لترمب، وفي مقدمتهم عضو مجلس النواب ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، ومن أبرز القانونيين الذين حذروا من نزاهة المحاكمة أستاذ القانون آلان مورتون ديرشويتز -من جامعة هارفارد- حيث قال: "لا توجد إمكانية للحصول على محاكمة عادلة في مانهاتن". ولكن في المقابل ومن وجهة نظر قانونية قال ديرشويتز: "أتوقع إسقاط القضية على أساس قانون التقادم". وهذا لن يخدم ترمب على الصعيد السياسي. ما حدث وما يحدث من عواصف للرئيس السابق يعد في تقديري نتيجة طبيعية وردة فعل متوقعة من خصومه؛ نظرًا لمنهج ترمب في التعاطي معهم حتى في داخل حزبه، ونخص بالذكر في هذا المقام رئيس الأقلية الجمهوري في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ورئيس الأغلبية الجمهوري السابق بول ريان. فدونالد ترمب يحصد اليوم ما زرعه عندما حاول خلخلة واشنطن وقلب موازينها، فهل ستكون منهاتن المحطة الأخيرة في مسيرة ترمب كما كانت المحطة الأولى في عام 2015 عندما نزل من السلم الكهربائي الشهير في برج ترمب الواقع في منطقة منهاتن؟!
مشاركة :