بحسن نية، نصحت إحدى الخريجات العاطلات عن العمل، باستثمار فرصة إقامة «أسبوع المهنة» في جامعة الملك سعود الذي اُختتم الخميس الماضي، والتقدّم على الجهات المشاركة فيها لعلها تجد فرصتها في إحداهن، إلا أنني فوجئت بردة فعلها اليائسة والبعيدة كل البعد عن الحماس، خصوصاً أنها ظلّت منذ تخرّجها تبحث عن فرصة وظيفية تتناسب مع مؤهلها العلمي الجامعي وبالتالي افترضت أنها ستُقبل على تلك الفعالية التي يشارك فيها نحو 80 جهة من القطاع الخاص. قادني الفضول إلى سؤالها عن سر عدم حماسها، فأوضحت لي أنها خاضت الكثير من التجارب مع ما يُطلق عليه «أسبوع المهنة» الذي يُقام بين فترة وأخرى، إلا أنها لم تخرج منه بأيّة نتيجة تّذكر على رغم أن معدلها الجامعي يتجاوز 4 من 5، في كل الأحوال.. لم أبنِ على حديثها كثيراً على اعتبار أنها قد تكون حالة استثنائية، والاستثناء لا يُقاس عليه، حتى تلقيت كما تلقّى الكثيرون ذلك المقطع المصوّر الذي يُظهر أحد عمّال النظافة في جامعة الملك سعود وهو يُخرج مجموعة من ملفات الخريجين المتقدمين على بعض الشركات من سلة المهملات، في صورة تزخر بالإهانة وعدم الاحترام لأبنائنا وبناتنا خرّيجي الجامعات، عندها أدركت أن قريبتي كانت على حق حينما أكّدت أن هذا الشكل من الفعاليات لا فائدة منه. بدأت بالبحث وراء فعاليات «أسبوع المهنة» وأخذت أتعرّف على تجارب بعض الخريجين والخريجات ومدى استفادتهم من عدمها، حتى وجدت قدراً كبيراً من ردود الأفعال السلبية والمتذمّرة من بعض رواد هذا النوع من الفعاليات، وإجماع واضح أنها في الغالب مجرّد «استعراض» شكلي لا يرجى منها منفعة، فإما أن نجد شركات تكتفي بإسكات المتقدمين بأخذ ملفاتهم ثم إهمالها -كما حدث مع الملفات المرمية في الجامعة-، أو شركات تُدعو زوارها إلى التقدّم عبر مواقعها الإلكترونية، في صورة تُثير التعجّب من مشاركتها طالما أنها غير قادرة على التعاطي مع المتقدمين والتجاوب معهم بالشكل الأمثل والأنسب، وبين هذه وتلك نجد من يمارس الاحترافية والمصداقية بالتعامل مع الخريجين، وتوفير ما يحتاجونه من معلومات وبيانات والقيام بتسهيل إجراءاتهم، وإن كان هذا النوع يشكّل الأقلية على ما يبدو. إن فكرة «أسبوع المهنة» بشكلها العام تعد إيجابية جداً، فهدفها الرئيسي الذي تستند عليه ويُردد إعلامياً من الجهة المنظّمة يتمثّل في توفير الوظائف المناسبة لخريجي وخريجات الجامعات في مختلف التخصصات، لذا تجتمع عشرات الشركات والمؤسسات تحت سقف واحد ليتم التقدّم عليها، غيرَ أنها - في حقيقة معظمها إن لم يكن جميعها - ضئيلة الجدوى والجودة، لذا نجدها قد اكتسبت صورة ذهنية سلبية لدى الفئة المستهدفة منها. من الضروري أن تعمل الجهات المنظّمة لـ «أسبوع المهنة»، على جعل مضمونه ومحتواه متناسباً مع هدفه الأساسي، وأن تعمل طيلة فترة إقامته على متابعة الجهات المشاركة والتحقّق من مدى تفاعلها وتجاوبها مع المتقدمين، وإلزامها بالإعلان عن عدد الوظائف التي وفرتها، وذلك لتعزيز المصداقية وإزالة الصورة المشوهة المأخوذة عنها على الأقل مؤخراً، وبالتالي تحقيق الفائدة المرجوة منه. مقالات أخرى للكاتب السؤال: إلى متى..؟! صورتنا الحقيقية في الإعلام الغربي! وزارة العمل وسياسة كسب الوقت هاجس الإسكان واستقرار الإنسان! ورقة الحياة!
مشاركة :