توصّلت دراسة جديدة إلى أن شرب مياه الصنبور الملوثة بمستويات عالية من الليثيوم أثناء الحمل، قد يزيد من خطر إنجاب الأمهات لأطفال مصابين بالتوحد، وأشارت النتائج إلى أن العيش بمنطقة تحوي مياهها مستويات عالية من الليثيوم يزيد من احتمالية الإصابة بالمرض. صحيفة The Telegraph البريطانية ذكرت، الإثنين 3 أبريل 2023، أن احتمالية الإصابة بالتوحد في مرحلة الطفولة، بمنطقة تحتوي نسبة عالية من الليثيوم، يزيد بنسبة 46%، مقارنة بالأمهات الحوامل العرضة لمستويات منخفضة منه. الليثيوم هو معدن طبيعي موجود في الأرض، وهو مكون رئيسي في أكثر أنواع البطاريات شيوعاً، ويستخدم في الهواتف والمثاقب وسيارات تسلا والطائرات المسيرة. يقول الباحثون إن هذه النتائج «تستحق فحصاً دقيقاً»، خاصة أن الليثيوم يدفن تحت الأرض في مواقع دفن النفايات، وقد يتسرب إلى مصادر المياه. من جانبه، حذّر المشرف الرئيسي على الدراسة البروفيسور بيت ريتز، طبيب الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، من أنه «مستقبلاً، قد تنتشر مصادر الليثيوم بشرية المنشأ في الماء على نطاق واسع، بسبب استخدام بطاريات الليثيوم والتخلص منها في مدافن النفايات واحتمال تلوث المياه الجوفية». كانت دراسات سابقة قد ربطت عوامل أخرى بخطر الإصابة بالتوحد، مثل تلوث الهواء ومبيدات الآفات ومواد كيميائية تسمى الفثالات. يُعرف الليثيوم أيضاً بخصائصه الطبية، ومن الشائع وصفه للمصابين باضطرابات عقلية مختلفة، مثل الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب، ووجدت الدراسات مؤخراً أن الليثيوم في مياه الشرب مفيد للصحة العقلية ويقلل مخاطر الانتحار. إلا أنه نشأ جدال طويل عن أي آثار جانبية له، خاصة على النساء الحوامل، فاستعان فريق من العلماء الأمريكيين ببيانات من الدنمارك لتتبع مستوى الليثيوم في مياه الشرب في أجزاء مختلفة من الدولة الإسكندنافية. وجد العلماء أن 8842 طفلاً مصاباً بالتوحد ولدوا بين عامي 2000 و2013، وأن أكثر من 43 ألف طفل ولدوا في المكان والزمان نفسهما دون توحد، ووجدوا تفاوتاً كبيراً في انتشار الليثيوم على مستوى البلاد، حيث يتراوح من 0.6 إلى 30.7 ميكروغرام لكل لتر مياه، بمتوسط 11.6. اعتُبرت النساء الحوامل في الربع السفلي من هذا النطاق (أقل من 7.4 ميكروغرام لكل لتر) مجموعة مرجعية، ووجد الباحثون أن النساء الحوامل في الربع الأعلى، أكثر من 16.8 ميكروغرام لكل لتر، أكثر عرضة بنسبة 46% لإنجاب طفل مصاب بالتوحد. تُشير الصحيفة البريطانية، إلى أن الدراسة أخذت في اعتبارها عوامل أخرى قد تؤثر على النتائج، مثل جنس الطفل (حيث تشيع الإصابة بالتوحد بين الصبية أكثر من الفتيات)، ومكان الميلاد، وإن كانت الأم مدخنة، والوضع الاجتماعي والاقتصادي، وتلوث الهواء. راجعت الدراسة أيضاً اضطرابات طيف التوحد المختلفة، مثل اضطراب التوحد، ومتلازمة أسبرغر والتوحد غير المحدد، وكلها يرجح حدوثها في حال التعرض لمستويات عالية من الليثيوم. وكتب العلماء في دراستهم المنشورة في مجلة JAMA Pediatrics «تشير هذه الدراسة إلى أن الليثيوم الموجود بشكل طبيعي في مياه الشرب، قد يكون من عوامل الخطر البيئية الجديدة للإصابة باضطراب طيف التوحد الذي يتطلب مزيداً من التدقيق». لكن، بالنظر إلى الفوائد المحتملة لليثيوم في الماء للصحة العقلية، يقول الدكتور ديفيد بيلينغر من كلية الطب بجامعة هارفارد، الذي لم يشارك في الدراسة، إن الآثار المترتبة على نتائج هذه الدراسة معقدة. بيلينغر كتب في افتتاحية إن «مستويات الليثيوم في الماء، بتركيزات وجدت أنها مرتبطة بزيادة محتملة في خطر الإصابة بالتوحد، ارتبطت أيضاً بفوائد صحية وتحديداً انخفاض معدلات الاضطرابات النفسية والانتحار». أضاف بيلينغر «لو ثبتت صحة هذه الارتباطات، فالحكمة تقتضي وضع إرشادات لإضافة الليثيوم في مياه الشرب توفر أقصى قدر من الحماية لجميع السكان». يُذكر أن اضطراب طيف التوحد عبارة عن حالةٍ ترتبط بنمو الدماغ، وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، ما يتسبب في خللٍ بالتفاعل والتواصل الاجتماعي. يتضمن الاضطراب أيضاً أنماطاً محدودة ومتكررة من السلوك، ويُشير مصطلح «الطيف» إلى مجموعة كبيرة من الأعراض التي تتفاوت حدّتها. أنواع التوحد هي أربعة، وبعضها كان يُعتبر منفصلاً عن الاضطراب في السابق، وهي: متلازمة أسبرغر، ويعاني المُصاب بها من أعراض معتدلة. اضطراب التوحد، أعراض متلازمة أسبرجر نفسها، ولكنها أكثر حدّة. اضطراب الطفولة (متلازمة هيلر)، النوع الأكثر شدّة والأكثر ندرة أيضاً، فهو يصيب 2 من بين 100 ألف طفل. اضطراب النمو الشامل، يعاني المصاب به من مشكلات في التواصل واستخدام اللغة وفهمها، إضافةً إلى حركات جسم متكررة وعدم تقبّل التغييرات.
مشاركة :