لا بد من تكثيف الدعم لأشد الدول فقرا «1من 2»

  • 4/4/2023
  • 23:23
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه الدول منخفضة الدخل تحديات اقتصادية واحتياجات تمويلية هائلة، وتعتمد على المؤسسات الدولية، ومنها الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر، التابع لصندوق النقد الدولي، في الحصول على الدعم الحيوي على مستوى السياسات والدعم المالي. وتقع على الدول الأقوى اقتصاديا مسؤولية المساهمة في تمويل هذا الدعم. عندما يصل وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية إلى واشنطن، الأسبوع المقبل، لحضور اجتماعات الربيع المشتركة بين صندوق النقد والبنك الدوليين، سيكون أمامهم كثير مما ينبغي لهم مناقشته، من التعافي الهش للاقتصاد العالمي إلى مخاطر عدم الاستقرار المالي، ومن التشرذم الذي يعيشه العالم إلى التداعيات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية. لكن ينبغي ألا يغفلوا عن تزايد احتياجات أفقر دول العالم. وعلى وجه التحديد، فإن أداة صندوق النقد الدولي المجربة والمختبرة لمساعدة هذه الدول -أي الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر- في حاجة ماسة إلى تجديد مواردها. واضطلع الصندوق منذ بدء الجائحة، بدعم أكثر من 50 بلدا من الدول منخفضة الدخل بنحو 24 مليار دولار في هيئة قروض دون فوائد من خلال الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر، فساعد بذلك على درء عدم الاستقرار في مجموعة كبيرة من أفقر دول العالم، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى تشاد ونيبال. والآن بات لزاما تمويل هذا الصندوق الاستئماني ودعمه بالقدر الكافي حتى يتمكن هذا المصدر الحيوي للتمويل دون فوائد من مواصلة العمل. إنها مسألة أولوية قصوى. لماذا؟ لقد ازدادت التحديات التي تواجهها الدول منخفضة الدخل بدرجة كبيرة في الأعوام الأخيرة، حيث عانت هذه الدول الجائحة، إلى جانب تعاقب الصدمات الاقتصادية. واليوم، أصبحت تواجه تحديات إضافية من جراء شح التمويل، والتضخم المرتفع، وانعدام الأمن الغذائي طويل الأمد، وتزايد مواطن الضعف المتعلقة بالديون، والتوترات الاجتماعية - السياسية، خاصة في الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات. وأجرينا تعديلا بالتخفيض لتوقعاتنا المتعلقة بالنمو في الدول منخفضة الدخل، حيث يزداد تراجع نمو نصيب الفرد من الدخل عن المعدلات المطلوبة للحاق بركب الاقتصادات المتقدمة، وهو ما يهدد بانعكاس مسار الاتجاه العام منذ عقود طويلة نحو التقارب المطرد في مستويات المعيشة. وما لم تتخذ إجراءات عاجلة ويتم توفير مزيد من الدعم، فإن هذه الدول لن تجد فرصة كافية لتدارك ما فاتها. وفي واقع الأمر، تشير تقديراتنا إلى أن احتياجات الدول منخفضة الدخل من التمويل الإضافي -لتسريع وتيرة نموها وإعادتها على المسار الصحيح لكي تتقارب مستويات دخلها مع الاقتصادات المتقدمة- تبلغ نحو 440 مليار دولار على مدار الأعوام الخمسة حتى 2026. ومن شأن الإصلاحات الداخلية لتعزيز النمو وزيادة الموارد العامة وتعبئة مزيد من الإيرادات أن تساعد على تلبية هذه الاحتياجات التمويلية. غير أن هناك حاجة أيضا إلى زيادة الدعم الدولي، وهو ما سنسلط عليه الضوء أثناء جلسة خاصة للمانحين والمستفيدين حول التمويل الميسر تعقد على هامش اجتماعات الربيع في 12 نيسان (أبريل)، ولا سيما مع استمرار انخفاض المساعدة الإنمائية الرسمية دون الهدف الذي حددته الأمم المتحدة وقدره 0.7 في المائة من إجمالي الدخل القومي. بإمكان الدول الأغنى مساعدة الدول الأفقر عن طريق تجميع مواردها وتمويل جهود صندوق النقد والبنك الدوليين وغيرهما من الهيئات متعددة الأطراف، وكذلك من خلال برامجها الإنمائية الثنائية. وسيواصل الصندوق العمل مع كل شركائه في التنمية من أجل بناء الاستقرار الاقتصادي والمالي في الدول الأكثر فقرا. والصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر جزء لا يتجزأ من هذا الجهد، فهو يوفر القروض دون فوائد لدعم البرامج الاقتصادية جيدة التصميم التي تساعد على تحفيز فرص الحصول على تمويل إضافي من الجهات المانحة، والمؤسسات الانمائية والقطاع الخاص. وتقوم البرامج التي يدعمها الصندوق الاستئماني كذلك بدور حيوي في إيجاد البيئة المواتية للنجاح في تسوية الديون في الدول التي تعاني حالة المديونية الحرجة. كما شهدنا أثناء الجائحة، بإمكان الصندوق الاستئماني كذلك تقديم الدعم الطارئ السريع عند وقوع الصدمات. وكان صندوق النقد الدولي قد سارع في بداية جائحة كوفيد بتكثيف التمويل الطارئ والدعم البرامجي من خلال الصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر، حيث بلغت الالتزامات الجديدة في 2020 وحدها نحو تسعة مليارات دولار (6.5 مليار وحدة حقوق سحب خاصة). ومع التزايد السريع في الاحتياجات التمويلية للدول منخفضة الدخل، من المتوقع أن يصل حجم الطلب على الإقراض من الصندوق الاستئماني إلى نحو 40 مليار دولار (30 مليار وحدة حقوق سحب خاصة) في 2020 - 2024، وهو ما يمثل أكثر من أربعة أضعاف المتوسط التاريخي... يتبع.

مشاركة :