نظمت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية بالكويت في الفترة ما بين 19 و21 من شهر مارس/آذار ووسط حضور لافت لجمع مهم من الشعراء والنقاد والأدباء والكتاب العرب، فعاليات دورتها الثامنة عشرة التي انتظمت لتوزيع الجوائز والاحتفاء بصدور معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات. وعلى امتداد أيام جمعت بين الشعر والدراسات والبحوث النقدية والطرب والموسيقى جرى احتفاء خاص بالشاعرين ابن سناء الملك وابن مليك الحموي. وأقيمت الدورة برعاية أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، حيث نابه للافتتاح وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري الذي أشار إلى أهمية الدور الذي تلعبه مؤسسة البابطين منذ نشأتها في مجالات الثقافة والإبداع على كل الأصعدة المحلية والعربية والدولية، إذ اهتمت بإثراء حركة الشعر العربي ونقده والجمع في لقاءات وندوات بين الشعراء والنقاد وأحباء الشعر وفق ملتقيات وفعاليات، إلى جانب الإصدارات والمنشورات ذات الصلة ومعاجم البابطين للشعر العربي. وثمن دور المؤسسة في خدمة الثقافة العربية ضمن الاهتمام بالشعر وتاريخه والتراث الشعري العربي الإسلامي وتحقيق المخطوطات الشعرية نشر ودعم البعثات التعليمية في البلاد الإسلامية الأمر الذي يجعل منها منارة في سياق دعم الكويت للثقافة والذهاب بها إلى آفاق مفتوحة نحو العالم. إثر ذلك جاءت كلمة رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية الشاعر الدكتور عبدالعزيز البابطين مرحبة بالضيوف مشيرة إلى أهمية اللقاء الذي هو بمثابة العرس الثقافي لتكريم الفائزين بجوائز المؤسسة والاحتفال بصدور معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات وهو عمل موسوعي هام يشتغل على حركة الشعر العربي في الفترة بين سنتي 656 و1215 هجري (من سنة 1258 إلى سنة 1800 ميلادي) ولأكثر من خمسة قرون طال خلالها التراث الأدبي والحضاري الكثير من التشويه وسوء الفهم. وقال "على مدى أكثر من عشر سنوات وبجهود دؤوبة لما يزيد عن 100 أستاذ من نخبة الباحثين والدارسين والأكاديميين و500 مندوب عملوا على جمع مواد المعجم من داخل الوطن العربي وخارجه حتى يخرج المعجم إلى النور في 25 مجلداً من القَطع الكبير تشتمل على تراجم ونماذج شعرية لنحو 10 آلاف شاعر". وأضاف "لقد حلمت قبل زمن بعيد ولا أزال بأن أقدّم للمكتبة العربية موسوعة شعرية شاملة ترسم معالم الشعر العربي وتكشف عن ملامحه واتجاهاته على مر العصور فكان أول ما بادرت إلى التفكير فيه عقب إنشاء المؤسسة إطلاق مشروع المعجم، وكانت البداية مع معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين سنة 1990 وقد صدرت طبعته الأولى بعد خمس سنوات، ولا تزال طبعاته تتوالى". وتابع "ربما كان من حسن الطالع أن تبدأ فعاليتنا اليوم وتبلغ ذروة أنشطتها يوم الثلاثاء 21 مارس/آذار وهو اليوم الذي اختارته الأمم المتحدة ليكون اليوم العالمي للشعر، والذي اعتدنا أن نحتفل به سنوياً ومنذ سنة 2008 بمهرجان ربيع الشعر العربي، ويصادف أيضا يوم الثلاثاء 3 مارس/آذار وهو اليوم الذي حددناه قبل عشرة أشهر موعداً لانعقاد ديوان الشعر العربي بالكويت". وتحدث الدبلوماسي والشاعر السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة الحائز على الجائزة التقديرية لإسهاماته في إثراء حركة الشعر العربي، بالمناسبة مشيرا في كلمته إلى أن "مؤسسة البابطين الثقافية تُعدّ واحدة من أهم المؤسسات المختصة بالثقافة العربية في الكويت والوطن العربي.. وحملت على عاتقها صون الموروث الثقافي والحضاري وتصويره بما يدفع نحو الإسهام والاستلهام وحماية الشعر العربي والنهوض به". وقالت الشاعرة السودانية روضة الحاج في كلمة نيابة عن الفائزين بجوائز المؤسسة "هذه المؤسسة امتدّ عطاؤها الجزيل على مدى أكثر من 30 عاماً حتى تحولت إلى جسر إنساني". وشكرت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية لجهودها في مجالات الشعر، ثم قرأت قصيدة من ديوانها "إذا همى مطر الكلام" الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر ضمن جوائز مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية. وتم توزيع الجوائز، حيث فاز الشاعر عبدالله أمين أبوشميس من الأردن بجائزة أفضل قصيدة عن قصيدته "راحيل"، ومن فئة الشباب فازت بجائزة أفضل ديوان الشاعرة آلاء القطراوي من فلسطين عن ديوانها "ساقية تحاول الغناء"، وفي فرع جائزة أفضل قصيدة للشباب فاز الشاعر زاهر حبيب من اليمن عن قصيدته "قبضة من أثر الذهول"، وكانت جائزة أفضل كتاب في نقد الشعر من نصيب الناقد مصطفى رجوان من المغرب عن كتابه "الشعرية وانسجام الخطاب" وذلك مناصفة مع الناقد الدكتور أحمد درويش من مصر عن كتابه "استقبال الشعر"، وفاز الشاعر الدكتور عبدالعزيز خوجة من السعودية بالجائزة التكريمية لهذه الدورة. تتالت أيام الفعاليات لتتزامن مع احتفاليات العالم باليوم العالمي للشعر (21 مارس/آذار 2023) وتنوعت جلسات الدورة بين النقد من خلال بحوث ودراسات صلب محور البرنامج وقد تم تقديم 13 بحثاً على صلة بالمعجم وبالشاعرين ابن سناء الملك وابن مليك الحموي شفعت بنقاشات ومداخلات متعددة منها "معجم البابطين وفضاءات الشعر العربي في المغرب والأندلس بعنوان حركة الشعر واتجاهاته في المغرب الإسلامي في عصر الدول والإمارات، ومعجم البابطين وفضاءات الشعر العربي في مصر وبلاد الشام في محورين، ومعجم البابطين وفضاءات الشعر العربي في شبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد المشرق الإسلامي، وحركة الشعر واتجاهاته في شبه الجزيرة في عصر الدول والإمارات، وابن سناء الملك شعره وتراثه الأدبي محاور ابن سناء الملك شعره وتراثه الأدبي وشعر ابن مليك الحمودي وشاعريته والتشكيل الجمالي في شعر ابن مليك الحمودي...". هذا وانتظمت ثلاث أمسيات للشعر بمشاركة أكثر من عشرين من الشعراء العرب ودعي المشاركون لمتابعة حفل استثنائي في مضامينه الموسيقية بعنوان "قصائد مغنّاة" من تنظيم مؤسسة البابطين وذلك في الفضاء المعلم الأنيق وهو مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، حيث أبدعت المطربة اللبنانية ولاء الجندي من خلال مجموعة مختارة من الأغاني ومنها التي كانت كلماتها للشاعر الباعث والمسؤول عن المؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين وقد تم ذلك بفرقة موسيقية مميزة قادها المايسترو الموسيقي التونسي المتألق محمد لسود واستمتع الضيوف بفسحة رائقة من الإبداع الطربي والغنائي الجميل. فعاليات متنوعة اختتمت بكلمة الشاعر الدكتور عبدالعزيز سعود البابطين رئيس مؤسسة البابطين الثقافية، حيث كانت هناك مبادرة لترشيحه والمؤسسة كباعث لها وساهر عليها لنيل جائزة نوبل بالنظر للجهود المبذولة للبابطين منذ التأسيس في رعاية ودعم فرع من فروع الشعر الكوني ونعني الشعر العربي. وفي كلمته شكر كل الضيوف والمشاركين مذكرا بدور الشعر في حياة الناس ورسالة المؤسسة المتواصلة، قائلا "كالبرق الخاطف مضت أيامُ هذه الدورة التي سعدنا فيها بحضوركم البهي، وملأتْ نفوسنَا الألفةُ بوجودِكُم بيننا في بلدكم: الكويت وفي داركم: مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي. كانت بحوثُكُم ونقاشاتُكُم مصدر ثراء وإغناء لعقولنا، وكانت قصائدكم سببًا في بهجتنا وإمتاع أرواحنا. نعدكم بأن نكون دائمًا عند الوعد وأن نواصلَ رحلتَنا مع الإبداع العربي الأصيل، وأن نمضيَ في طريقِنا بالحوار والتفاهم والدعوة إلى السلام العادل. أيها الشعراء توجهوا للمواطن العربي وأفصحوا له عن قناعاتكم الشعرية... وسأبقى على هذا النهج خادما للشعر". الوفد التونسي جمع بين الشعر والنقد وتركب من الدكتورة نور الهدى باديس عضو لجان التحكيم والنقد بالمؤسسة والأساتذة عبدالعزيز الهمامي وسمية اليعقوبي وكوثر الزين وشمس الدين العوني. واستقبل سفير تونس بالكويت الأستاذ هشام العجيلي الوفد في لقاء جميل مثمنا المشاركة ونوعيتها بحضور الدكتور التوهامي العبدولي الوزير الأسبق والمدير بمؤسسة البابطين. وانبثقت عن الدورة توصيات أهمها "الاستمرار في السُّنة التي دأبت المؤسسة فيها على تحديث معاجم الشعراء المعاصرين لاستيعاب الأسماء والتجارب الجديدة والانفتاح على الأشكال الشعرية الحديثة من جانب، والحقول البينية المتصلة بالشعر من جانب آخر وتعميق الاهتمام بالشعر والشعراء في الثقافات المتاخمة للثقافة العربية وتنمية التلقي العربي للشعر من خلال الفنون الأدائية كالغناء والمسرح والفنون التشكيلية... واستمرار مبادراتِ المؤسسة في تمتين الوشائج بينها وبين المؤسسات المماثلة في الوطن العربي، ودعمِ المبادراتِ الأكاديميةِ والعمل على ترجمة المعاجم الصادرة عن المؤسسة وإصدار مجلة شعرية ثقافية شهرية تقوي تواصل الشعراء والنقاد مع المؤسسة...". وثمن المشاركون نجاح الدورة التي أقيمت بجهود صادقة ومباركة من الراعي الأول المؤسّس الدكتور عبدالعزيز البابطين، والأمين العام للمؤسسة الأستاذ عبدالرحمن خالد البابطين، وإشراف وتنفيذ مميز من جميع المنتسبين إلى هذه المؤسسة، كلٌّ في موقعه تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد مصطفى أبوشوارب الذي سهر على النشاط والمتابعة بعناية ونجاح، وإدارته، خلال دورتي التحكيم والاستقبال والضيافة والاختتام. دورة جديدة وفعاليات فيها التنوع والثراء والإبداع والإمتاع والمؤانسة في حضرة البهاء الكويتي مع الشعر وما اتصل به من المعاجم والبحوث والموسيقى والطرب الجميل وحرارة اللقاءات بين تجارب وأسماء فاعلة في المشهد الثقافي والإبداعي العربي.دبي و الشعري في بلاد العرب الشاعرة.
مشاركة :