التملك هو تلك الرغبة الموجودة بداخلنا، وتجعلنا، لا إرادياً، نشعر بحبِّ تملك الشخص من ناحية المشاعر والأحاسيس. ومن أشدِّ مظاهر حبِّ التملك العلاقات الغراميَّة أو الزوجيَّة، والدليل على الحبِّ بين الطرفين هو الغيرة والاهتمام والاحترام، التي تدل على حبِّ تملك مشاعر شريك الحياة، وليس كما يعتقد بعضنا أنَّ التملك يكون بصورة بشعة لا تمت للإنسانيَّة بمعنى، كأن يكون التملك من ناحية منع الشريك الآخر من الخروج، أو التعبير عمَّا بداخله، أو أي صورة يكون التملك فيها مثل منع حرية الطرف الآخر. «سيدتي نت» التقت باستشاري علم النفس بمركز إرشاد للاستشارات الأسريَّة والتربويَّة بجدّة، الدكتور جبران يحيى؛ ليقدِّم لنا حلاً لهذه المشكلة. بداية يقول جبران أولاً: يجب أن نعرف أنَّ الحبَّ والغيرة شكل من أشكال الانفعالات لها دوافع عديدة ليس بالضرورة حبَّ التملك، وتصاحبها آثار سارة أو غير سارة، وقد تصاحبها مظاهر جسميَّة وعقليَّة وجسديَّة، والغيرة الزائدة أو حبَّ التملك قد يكون من المظاهر غير السويَّة التي يفقد فيها الإنسان السيطرة على أفكاره، وتزيد مخاوفه فيتحول الحبُّ من خبرة سارة تهدف إلى الرضا وإشباع الرغبات العاطفيَّة إلى عدم تكيف وخبرة مؤلمة تصاحبها درجة قلق عالية ومخاوف وأعراض جسميَّة، وفقد للسيطرة في المشاعر والتصرُّفات. • فمثلاً الزوجة تتدخل بأمور زوجها كلها، ويشعر زوجها في كثير من الأحيان بأنَّ ما يصدر عنها ما هو إلا حب للتملك أو التحكم، وهذا أمر يضايقه جداً، خصوصاً أنَّه من الرجال الذين يحبذون التصرُّف كما يحلو لهم، بعيداً عن المشاركة الزوجيَّة الحقيقيَّة. • يشتكي أغلب الرجال بأنَّ زوجاتهم يهتممن بجميع أمورهم الصغيرة قبل الكبيرة، لكن المرأة للأسف لا تساوم في بعض المسائل، فمثلاً تريد مرافقتي دائماً، وتغتاظ إذا ما شعرت بأنَّ أحداً من أصدقائي استرق بضع ساعات من وقتها، فأشعر بأنَّها تتمسك بي كظلي، فحبُّها خانق صراحة، وأخاف أن يسبب ذلك يوماً ما اشتعال حرب بيننا تنهي حياتنا الأسريَّة. • علامات حب التملك، سواء في الزوج أو الزوجة ـ السيطرة والتملك: أي علاقة في الدنيا لا بد أن تكون لها حدود، وألا تتحول لعلاقة السيطرة أو الاستغلال. والمشاعر حتى مشاعر الحبِّ قد تكون مدفوعة بمشاعر خوف أو دوافع سيطرة، أو حتى عقد النقص أو مشاعر الحيرة والإحباط والعجز، وهناك فرق بين حبِّ التملك والسيطرة والاستغلال. ـ التعلق وقلق الانفصال: في علم النفس هنالك ما يسمى بالشخصيَّة الطفيليَّة، التي لم تنمُ انفعالياً أو تنضج انفعالاً. والتعلق بالمحبوب ليس بالضرورة أن يكون حبَّ تملك، بل هو نوع من التعلق أو ما يسمى بقلق الانفصال، وهي مشكلة تحدث عندما تكون الرغبة الشديدة في أن يكون قريباً إلى حدِّ الالتصاق بشخص له مكانة معيَّنة عنده، وقد يشمل الاعتماد على هذا الشخص ويشعر بأنَّ الحياة من غيره ستتوقف. ومثل التعامل مع الأطفال فإنَّ العقاب لا يعالج قلق الانفصال، بل يشعله ويزيده؛ لأنَّ العقاب يشكل تهديداً ويزيد الشعور بالخوف وعدم الأمن. ـ الشخصيات الحدية: بعض أنماط الشخصيَّة، خصوصاً الشخصيات الحديَّة أو المزاجيَّة تكون متطرِّفة في مشاعرها، وتتسم بعدم الثبات في المزاج والمشاعر؛ ما يصعب السيطرة والتحكم في علاقاتها الحميمية، أو حتى الاجتماعيَّة العامَّة، وتغلب على مشاعرها دوافع مرضيَّة. - سيكولوجيَّة المرأة: قد يغيب على بعض الرجال طبيعة المرأة واحتياجاتها العاطفيَّة؛ ما يجعله يتجاهل بعض المشاعر والتعبير العاطفي مما يثير القلق والمخاوف وعدم الاطمئنان، فتشتعل غيرتها وتصبح قلقة بشكل مستمر، وبالتالي تتصرف بشكل استحواذي ومبالغ فيه. • وأخيراً يوصي جبران بهذه النصائح لعلاج حب التملك بين الزوجين ـ أولى الخطوات هي اليقين بأنَّه لا يقع شيء في هذا الكون إلا بقدر الله سبحانه وتعالى، وأنَّه ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. ـ الرضا، وأرجو ألا نعبر كلمة الرضا هكذا عبوراً سريعاً، لكن نحققها في مشاعرنا وفي سلوكنا مع أزواجنا، ثم الثقة بالنفس. ـ طرد هواجس النفس التي تفسد الحياة. ـ الحبُّ عاطفة جميلة تهدف للإشباع والرضا، لكنني ضد فكرة عقلنة الحبِّ، وفرض النصائح المختلفة؛ لأنَّ لكل حالة تجربتها الخاصة. ـ كما أرى ألا يتحول الحبُّ إلى صفة التملك وإلغاء شخصيَّة الآخر. ـ نمو الشخصيَّة واستقلاليتها يجعل للحبِّ شكل التكامل وليس التملك.
مشاركة :